يعاني العالم أجمع , كل الدول والشعوب والحكومات , من مأزق خانق متعدد الجوانب, منها الازمة المالية و هناك أزمة صحية وأخرى سياسية وان كانت هناك فوارق في حدتها من مكان الى آخر ولكل هذه الازمات أسباب أعمق منها.
إقليم كوردستان العراق ليس بمنأ عن هذه الأزمات, بل يمكننا القول، بأنه الاكثر تأثراً بها وخاصة في الآونة الأخيرة نتيجة تراكم مخلفات هذه الأزمات وتعرضت حكومتها الى انتقادات كثيرة متشتتة في المصادر على الرغم من محاولاتها المستميتة لإيجاد الحلول اللازمة لها و إن كانت وقتية .
الغريب في الموضوع، إن الازمات تكون أسباباً في توحيد الصفوف والجهود لتجاوزها في دول العالم, إلا أنها تكون بداية لزيادة الشرخ السياسي والشعبي الموجود أصلاً (مع تقديري واعتذاري الشديد لكل المحاولات التي تجري من أجل الوحدة ورص الصفوف) وما ان تبدأ أزمة بالظهور إلا وتبدأ التفسيرات المتعددة لها من قبل القوى السياسية المتباعدة عن بعضها البعض في اتخاذ المواقف الوطنية حتى يتأثر الشارع الكوردستاني بالأختلاف ويبدأ هو أيضاً بتحليلات وتوجهات مختلفة , وإن تعدد وأختلاف مواقف القوى السياسية سواء المشاركة في الحكومة أم من أختار صف المعارضة يؤدي الى الضعف والهوان وسهولة الأستغلال وبالتالي يصب في صالح الأخرين, ولكن إذا ما أخذنا بالمفهوم المعاكس, فإن توحيد المواقف السياسية إزاء الأزمات الموجودة حتماً يدل على قوة الأقليم وقرب القوى السياسية وأنهم يد واحدة في وجه الأزمات على الرغم من أختلاف مناهجهم وطريقة تفكيرهم واسلوب عملهم, إن الأزمات عصفت بالشعب الكوردستاني وأدخله في مأزق خانق خاصة المالية منها, لأنه قادر على حماية نفسه من الفايروس كورونا بأتخاذ الأجراءات الصحية وايضاً قادر على عدم الأعارة والاهتمام بما يدور من حوله في فلك القوى السياسية ولكنه لا يستطيع ان يعيش آمناً مطمئناً في ظل الأزمة المالية ونفاذ النقود وقلة السيولة او انعدامها مما يضطر الى الدفع بكل ما يملك من أجل اسرته ولقمة العيش .
بوجود هذه الازمات وظهور الجديد منها بشكل يومي ومستمر, بات الحوار الوطني بين جميع القوى السياسية سواء المشاركة منها في الحكومة او من بقي في المعارضة ضرورة حتمية من أجل توحيد مواقفها تجاه ما يعاني منه الأقليم من الأزمة المالية وقطع جزء من الرواتب وقطع الميزانية والصراع مع بغداد من أجلها والصحية وتداعيات الفايروس كوفيد 19 والسياسية المتمثلة بالبرودة في علاقات الاحزاب الكوردستانية والانقطاع الطويل عن الطاولة المستديرة ومناقشة ما يعاني منه الشعب، ناهيك عن التدخلات الاقليمية (التركية والايرانية) لوجود قوى مسلحة .
إن إطلاق المبادرة الى حوار وطني للقوى السياسية الكوردستانية يمثل بداية الطريق نحو المزيد من الاستقرار السياسي والرفاهية ودليل على وضع الاجندات الحزبية الضيقة جانباً والأهتمام بالمصالح العليا للأقليم , وان مسؤولية الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني كبيرة في هذا الجانب وعليهما ان يتخذا الخطوات اللازمة من أجل حوار وطني وإن كان لكل حزب دوره الفاعل في هذا المضمار ولسنا بصدد التقليل منها, و إن هذا الحوار سيغلق كل الابواب في وجه من يحاول ان يمزق الوحدة الكوردستانية ويلعب عليها من أجل مصالحه .
ان الحوار الوطني يكون ناجحاً عندما يكون للأحزاب والقوى نية صادقة وآليات جيدة و وفود ينضم القيادات الاولى التي تمتلك القرارات, أما اذا بدأ جلساته و الكل يتمسك برأيه و يحافظ على مصالحه الضيقة و يحمل أجندات لاتصب في صالح الحوار او الوفود لا تملك سوى نقل ماجرى في هذه الجلسات الى قياداتها و تنظر ساعة او لحظة الإقرار او الرفض , فأن مثل هذا الحوار ان لايكون افضل من بدءه .
وجود الأزمات مفاتيح لبداية حوار وطني وهذه دعوة صريحة ونابعة من قلب محب للوطن ودماء الشهداء الزكية ونضال البيشمركه الابطال و آهات الشعب و مآسيه الى كل الاطراف السياسية الكوردستانية للمبادرة بالحوار الوطني الذي سيخرج بميثاق وطني مقدس يلتزم به و يكون مرجعاً اذا ماخالفه أحدهم , لأنه بات ضرورة ماسة فعلينا القول والكتابة والدعوة وننتظر الاستجابة بأذن الله .
مشاهدة 2386
|