لم تمض اشهرعلى منح الثقة للكابينة الحكومية التاسعة لأقليم كوردستان في جلسة البرلمان بتأريخ 10/7/2019 وبدء عمل الحكومة برئاسة مسرور بارزاني التي تشكلت بسلاسة بمشاركة معظم القوى السياسية الرئيسة في الأقليم مقارنة بسابقاتها حتى بدأت المشاكل تطفوا على السطح بشكل ملفت للنظر لتقويض عمل الحكومة التي قطعت على نفسها حلحلة المشاكل الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تعترض أقليم كوردستان.
لاشك ان برنامج حكومة السيد مسرور بارزاني الذي تلاه على برلمان كوردستان ونال مصادقته ، برنامج رصين تضمن حل شامل لجميع مشاكل الأقليم ومنها خفض الديون الخارجية والسعي من اجل الخروج من الاقتصاد الريعي المتكئ على موارد النفط وبناء اقتصاد متجدد ومتنوع والشروع بالحكومة الالكترونية ومحاربة الفساد والسعي من اجل اعادة اوضاع المناطق الكوردستانية خارج الأقليم الى طبيعتها فضلا على خطة لكيفية التعامل مع الحكومة الاتحادية وحل المشاكل معها عبر الآليات الدستورية.
والاهم من كل ذلك شروع الحكومة ببرنامج جدي للأصلاح الأقتصادي واعادة تنظيم وهيكلة الموارد والنفقات بغية خلاص الاقليم من الفساد وتطبيق العدالة في دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين وتنظيم ميزانيات الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية بشكل ينسجم مع الواقع الجديد.
البرنامج الحكومي بشكل عام وبالاخص الأصلاحات الأقتصادية التي شرعت بها الحكومة على سبيل المثال تخفيض رواتب الوزراء واعضاء البرلمان والدرجات الخاصة والتلويح لتنظيم موازنة الاقليم مع المستجدات الأخيرة وبالاخص تهاوي اسعار النفط في الاسواق العاليمة وتداعيات وباء كوفيد 19 الذي زلزل الأقتصادي العالمي برمته وضع القوى السياسية الكوردستانية امام واقع جديد لاينسجم مع مصالحها و ربما سيتسبب بانحسار دورها في الجانب الأقتصادي بحيث شكل لديها هاجس حقيقي لمستقبلها ما دفعها لأفتعال مشاكل داخلية لأشغال الحكومة بقضايا جانبية وأفشال تنفيذ برنامجها.
الأمرالثاني هو الدور المحوري للحزب الديمقراطي الكوردستاني على مستوى الأقليم والعراق والمنطقة وحصوله على اكثرية المقاعد البرلمانية على مستوى الاقليم والعراق في الأنتخابات البرلمانية لعام 2018 واتساع قاعدته الجماهيرية والتزامه بالثوابت الوطنية القومية التي تبناها لبناء كيان كوردستاني مستقل في المنطقة، والأهتمام العالمي الذي حظي به الحزب على مستويات عالية جدا وضع القوى السياسية في الأقليم وحليفاتها في العملية السياسية في العراق امام حقيقة تنذر بخطر لمستقبلها وخلق لديها هاجس على مستقبلها السياسي وبالأخص بعد فشلها الكبير في ادارة الدولة العراقية بعد 2003 وايصال العراق الى حافة الهاوية.
كل تلك الأسباب دفع العامل الكوردستاني والعراقي والاقليمي الى التكالب على حكومة الأقليم الذي يقوده الحزب الديمقراطي الكوردستاني ووضعوا خطة مشتركة للضغط على الحزب واضعاف دوره في حكومتي الأقليم والاتحادية وتقويض نفوذه وشعبيته في الأنتخابات المقبلة التي من المؤمل ان تجري خلال العام المقبل وان لم يحدد موعدا لأجرائها لحد الآن.
ولغرض تحقيق تلك الأهداف قامت الحكومة الأتحادية وفي قرار غير دستوري وخطوة غير قانونية بأستخدام رواتب الموظفين والاستحقاقات المالية للأقليم ورقة ضغط على حكومة السيد البارزاني رافقها مسعى مشترك من القوى السياسية وبعض الجهات المشبوهه المتوجسة من دور الحزب في الداخل والخارج لخلق حالة من اليأس في داخل الأقليم للتناغم مع المركز في استخدام ورقة الرواتب وتحريض الموظفين على القيام بالأضراب وشل عمل الحكومة وبالاخص شريحة الأطباء والممرضين الذي هم الآن في خط الصد الأول للوباء القاتل ولها دور مهم في انقاذ حياة المواطنين.
وما الأتفاق الأخير بين ايران وتركيا الذي حصل في لقاء وزيري خارجية البلدين يوم السبت الماضي في انقرة على تشديد الضغوط على البارتي وقيامهما بقصف المناطق الحدودية لأقليم كوردستان وتشريد المدنيين بحجج واهية الا استكمالا للخطة المشار اليها،واليوم هناك مساع اخرى من اطراف في داخل الأقليم لمطالبة الحكومة الأتحادية بدفع رواتب موظفي الاقليم بشكل مباشروتسليم المنافذ الحدودية والمطارات لبغداد وربما ستليها مساع اخرى تمهيدا لتجريد الأقليم من جميع حقوقه الدستورية بالتدريج لأعادة الأوضاع الى ماقبل انتفاضة 1991 .
لكن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ورغم جميع تلك الضغوط ماض بجهوده على المستويين الحزبي والحكومي للوقوف بوجه تلك الخطة ومجابهة جميع المحاولات التي تسعى النيل من حقوق اقليم كوردستان الذي يعد نواة لبناء كيان مستقل متى ما كانت الظروف ملائمة لذلك.
مشاهدة 2866
|