ZNA- أربيل
جدّدت إيران تمسّكها بوجود حصّة لها في حقل الدرّة النفطي السعودي – الكويتي، معلنة استعدادها للتفاوض مع البلدين بشأن تقاسم الحقل.
جاء الموقف الإيراني المعلن على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني ردّا على البيان السعودي – الكويتي الذي صدر إثر زيارة أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد، الثلاثاء، إلى السعودية في أول زيارة له خارج بلاده بعد تسلّمه مقاليد الحكم.
ومن جهتها ردّت أحزاب شيعية عراقية على بيان مماثل تضمّن دعما لموقف الكويت من اتفاقية خور عبدالله المنظمة للملاحة البحرية بين العراق والكويت والتي أصدر القضاء العراقي قبل أشهر قرارا بإبطالها.
ويمثّل الخلاف حول الحقل النفطي نموذجا على حساسية العلاقة بين الكويت وإيران، والتي تعيّنت على القيادة الكويتية دائما إدارتها بهدوء ومرونة تجنّبا لإثارة المشاكل مع طهران التي عُرفت على مدى العقود الأربعة الأخيرة بسياستها الإقليمية المثيرة للقلاقل والاضطرابات بسبب كثرة تدخّلها في شؤون جيرانها.
وحافظت الكويت على علاقاتها مع إيران عندما تردّت العلاقة بين طهران والرياض خلال السنوات الأخيرة وصولا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وجنّبت المصالحة التي حدثت مؤخّرا بين السعودية وإيران الكويت الحرج الذي كانت تواجهه أحيانا في محاولتها التوفيق بين علاقتها بالشقيقة الكبرى، والجارة الأخرى الواقعة على الضفة المقابلة من الخليج والمتحفّزة لإثارة التوتّرات.
ويقول مراقبون إنّ تمسّك إيران بوجود حقوق لها في حقل الدرّة يعكس منظورها للعلاقة مع جيرانها العرب والقائمة على تحصيل المكاسب دون تقديم أي تنازلات أو إجراء أي مراجعات لسياساتها التي كثيرا ما أثارت قلق هؤلاء الجيران ومخاوفهم على استقرار المنطقة.
وأصدرت السعودية والكويت الأربعاء بيانا مشتركا حول حقل الدرّة أكّدتا فيه ملكيتهما للثروات الطبيعية في الحقل ورفضهما الادعاء بوجود حقوق لأي طرف آخر.
وقالتا في البيان إن “حقل الدرة يقع بأكمله في المناطق البحرية لدولة الكويت وإن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة بما فيها حقل الدرة بكامله هي ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات في تلك المنطقة”.
وجدّدتا دعوتهما السابقة لإيران “للتفاوض حول الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة مع السعودية والكويت، كطرف تفاوضي واحد، وإيران كطرف آخر وفقا لأحكام القانون الدولي”.
لكنّ كنعاني هاجم مضمون البيان السعودي – الكويتي قائلا إنّ “إثارة الادّعاءات عبر البيانات ووسائل الإعلام لن توفّر الظروف الملائمة لدفع الأمور إلى الأمام”، مضيفا أن “إيران مستعدّة لاستئناف المفاوضات في ظلّ أجواء ودّية تُرضي الطرفين”.
وأضاف في تصريحاته التي أوردتها وكالة الأنباء الإيرانية إرنا أنّ “إيران تؤكد سياسة حسن الجوار وتعتقد أن الاتفاق بشأن ملف الحقل النفطي متاح في ظل أجواء التعاون والتعامل البنّاء والاحترام المتبادل”.
الخلاف حول الحقل النفطي يمثّل نموذجا على حساسية العلاقة بين الكويت وإيران، والتي تعيّنت على القيادة الكويتية دائما إدارتها بهدوء ومرونة تجنّبا لإثارة المشاكل مع طهران
وتطلق إيران على حقل الدرة تسمية “آرش” وسبق لها أن هدّدت على لسان وزيرها للنفط جواد أوجي بـ”عدم التسامح مع أي انتهاك لحقوقها في الحقل”.
وتم اكتشاف الحقل المذكور في مياه الخليج سنة 1967 ومثّل منذ ذلك الحين مدار خلاف طويل الأمد بين الكويت وإيران.
وأعلنت الكويت في أكتوبر الماضي نيتها تشغيل حقل الدرّة بالكامل بحلول سنة 2029. وردّا على ذلك قام وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي بالتحليق بطائرة مروحية فوق الحقل في خطوة قالت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية إنّها “زيارة تفقّدية للحقول الإيرانية في خليج فارس”.
ووصفت مصادر خليجية الخطوة الإيرانية بالمستفزّة وقالت إنها مخالفة لما أظهرته طهران من حرص على التهدئة مع محيطها. وقال أحد المصادر إنّ إيران تبدو لينة ومتعاونة مع جيرانها عندما يتعلّق الأمر بمسائل شكلية، ولكنّها تبدو على العكس من ذلك تماما حين يتعلّق الأمر بمصالح حقيقية أو بتغيير سياسات مستفزة لهؤلاء الجيران.
ومع إصرار الكويت على عدم الاعتراف بأي حقوق لإيران في حقل الدرّة، إلاّ أنّها دأبت على صياغة ردود دبلوماسية هادئة على الادّعاءات الإيرانية وذلك في سياق سياسة أشمل تقوم على عدم التصعيد ضدّ طهران.
ولم تخرج الكويت عن ذلك الخط الدبلوماسي حتى عندما ثبت لديها ضلوع الإيرانيين في أعمال مهدّدة لأمنها واستقرارها، على غرار تورّط موظفين في السفارة الإيرانية في القضية المعروفة إعلاميا بـ”خلية العبدلي”، في إشارة إلى الخلية الإرهابية التي تمّ تفكيكها بعد اكتشاف مخازن أسلحة تابعة لها شمالي العاصمة الكويت.
وأحجمت السلطات الكويتية آنذاك عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران واكتفت بطرد عدد من الدبلوماسيين الإيرانيين.
وتسبّب إيران قلقا مباشرا للكويت وآخر غير مباشر عن طريق حلفاء طهران الممسكين بزمام السلطة في العراق المجاور.
ولم تسلم زيارة أمير الكويت للسعودية من ردود فعل من قبل الجانب العراقي تعلقت ببيان مشترك صدر إثر الزيارة وتضمّن دعما للموقف الكويتي من اتفاقية خور عبدالله التي قضت المحكمة الاتّحادية العراقية مؤخّرا ببطلانها.
وردّ نواب عراقيون شيعة، تشارك أحزابهم في حكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني، بعنف على البيان السعودي – الكويتي. واتّهمت عالية نصيف، عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، السعودية بـ”التدخل في هذه القضية التي فيها غبن كبير لحقوق الشعب العراقي”، منددة بما اعتبرته “استعدادا لدى المملكة للاصطفاف إلى جانب أي جهة تعادي العراق سواء كانت عربية أو غير عربية”.
وقالت في بيان إنّ “الموقف السعودي يجب ألا يمر بسهولة” وطالبت “رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية العراقية بإصدار بيان استنكار شديد اللهجة وتذكير الجامعة العربية بتجاوزات الكويت على أراضي ومياه العراق والتعويضات التعسفية التي حصلت عليها الكويت من العراق”.
ومن جانبها دعت كتلة “صادقون” النيابية الممثلة لميليشيا عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي “السعودية والكويت إلى احترام سيادة العراق”. وقال رئيس الكتلة النائب حسن سالم في تدوينة على منصة إكس إنّ “خور عبدالله عراقي وإنّ السكوت يعني التفريط في السيادة البحرية للبلد”، مطالبا وزارة الخارجية العراقية بـ”إيداع نسخة من قرار المحكمة الاتحادية القاضي ببطلان الاتفاقية لدى مجلس الأمن الدولي”.
مشاهدة 328
|