ZNA- أربيل
أحاط الغموض بزيارة رئيس المخابرات التركية إبراهيم قالن إلى العراق، خاصة أنه التقى أهم المسؤولين السياسيين والأمنيين في البلاد من دون الإفصاح عن الهدف من الزيارة والاكتفاء بتصريحات عامة عن تطوير العلاقات الثنائية أو “بحث آخر المستجدات الأمنية في المنطقة، لاسيما استمرار الحرب في غزة وتداعياتها الخطيرة”.
والتقى قالن، وهو من المقربين إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كلا من الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ومستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي يقود تحالف الإطار التنسيقي. كما التقى ممثلي طوائف السنة والشيعة والتركمان.
وكان يفترض منطقيا أن يلتقي رئيس المخابرات التركية بنظيره العراقي أو بشخصيات أمنية عراقية في مجال اهتمامه، لكن توسيع دائرة لقاءاته لتشمل الشخصيات السياسية البارزة وعلى أعلى مستوى يثير التساؤل عن مهمته وعما إذا كان قد جاء بصفته رئيسا للمخابرات أم مبعوثا شخصيا للرئيس أردوغان، وعن محتوى الرسالة التي حملها إلى العراق.
ويثير الاهتمام العراقي الرسمي بزيارة قالن التساؤل أيضا؛ إذ بدا الاستقبال على أعلى مستوى احتفاءً بقدوم الضيف التركي، وهو ما يتناقض مع تصريحات عراقية صدرت مؤخرا تحتج على الهجمات التركية في إقليم كوردستان .
وقالن، مستشار الرئاسة التركية السابق، من النواة الصلبة المقربة من الرئيس أردوغان التي تنفذ خططه في الداخل والخارج، ما يرجح أن الزيارة قد تكون مرتبطة بالتدخلات التركية الأخيرة وما قد تكون أنقرة قد حصلت عليه من معلومات بشأن أنشطة المسلحين الكورد وطلبت من بغداد التعاون معها لضرب حزب العمال الكوردستاني المحظور.
يشار إلى أن زيارة قالن كانت مفاجئة ولم يعلن عنها مسبقا، والتقى خلالها رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الذي أكد على “أهمية اعتماد الحوار لحسم المسائل والقضايا العالقة بين بغداد وأنقرة”.
وأكد المالكي أن العراق يعمل مع دول الجوار على احترام سيادة الدول والوصول إلى تفاهمات حول أمن الحدود، وملاحقة كل الجماعات التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، فيما اكتفى قالن بالإعراب عن “دعم بلاده لأمن واستقرار العراق، والتطلع إلى تعزيز علاقات التعاون خاصة في مجالات الأمن والاقتصاد والنقل”.
وأجرى قالن مباحثات مع مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، تتعلق بالملفات الثنائية والإقليمية.
وقال المكتب الإعلامي لمستشار الأمن القومي العراقي في بيان إن اللقاء تناول “استمرار التعاون الأمني والاستخباري بين البلدين، بما يعزز أمن واستقرار المنطقة”، وإن “العراق لا يسمح باتخاذ أراضيه منطلقا للاعتداء على أي دولة”.
وحث الأعرجي على “خلق منظومة أمنية بين دول المنطقة، لتبادل المعلومات الأمنية والاستخبارية، لتحقيق المزيد من الاستقرار وتجنب الأزمات”.
ورد قالن بتأكيد “دعم تركيا للعراق في مجالات مكافحة الإرهاب والمخدرات والاتجار بالبشر، إلى جانب التعاون في ملف المياه من خلال اللجنة المشتركة بين البلدين”، مبينا أن “وجود مسلحي حزب العمال يضر بأمن واستقرار البلدين”.
ونقلت وكالة الأناضول عن مصادر أمنية تركية قولها إن “قالن التقى الرئيس العراقي ورئيس الوزراء، وممثلي طوائف السنة والشيعة والتركمان”. وأوضحت أن “قالن تناول خلال لقاءاته مكافحة الإرهاب وتهديدات ‘بي كي كي’ الإرهابي والخطوات المشتركة التي يمكن اتخاذها في مكافحة هذا التنظيم”.
ومن الواضح أن الزيارة تأتي على خلفية التصعيد الأخير في إقليم كوردستان ، والذي أودى بحياة عدد من الجنود الأتراك على يد مقاتلين كورد، وهو الهجوم الذي دفع تركيا إلى شن هجوم واسع والإدلاء بتصريحات شديدة اللهجة بشأن القضاء على المسلحين.
وبعد الهجوم أكدت أنقرة أنها لن تسمح قطعا بإنشاء “إرهابستان” على حدودها الجنوبية، مهما كانت الأسباب، كما شددت على “مواصلة الجهود الرامية إلى تجفيف مستنقعات الإرهاب كاملة في العراق وسوريا”.
وتقيم تركيا، التي تخوض حربا ضدّ حزب العمال الكزردستاني منذ حوالي أربعة عقود، قواعد دائمة على أراضي العراق دون تنسيق مع سلطاته التي دأبت على إدانة انتهاك سيادة البلاد، دون أن تتّخذ إجراءات عملية لمواجهة ذلك.
وتنفذ القوات التركية بانتظام ضربات في العراق المجاور في إطار الهجوم الذي تشنه ضد مقاتلي حزب العمال الكوردستاني. ومنذ عام 2019 تقوم القوات التركية بسلسلة من العمليات العسكرية في إقليم كوردستان بعد إعلان أردوغان عن “مفهوم أمني جديد في مكافحة الإرهاب” وخطة “للقضاء على الإرهاب والإرهابيين في المصدر”.
وتصنف تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكوردستاني، ، جماعةً إرهابية. وبدأ الحزب في حمل السلاح ضد الدولة التركية عام 1984، وعلى مدى العقود الماضية يشن العديد من الهجمات التي تسقط قتلى في تركيا.
مشاهدة 361
|