ZNA- أربيل
تجاوز عدد الهجمات التي نفذتها الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق واستهدفت القوات الأميركية حاجز الـ115 هجوما منذ يوم السابع عشر من أكتوبر، وبعدما أضيف إليها اليوم الثلاثاء 4 هجمات جديدة تثور تساؤلات بشأن ما حققته تلك الجماعات على الأرض، خاصة أنها تهدد بتنفيذ المزيد.
والهجمات الجديدة توزعت على 3 في سوريا، استهدفت مناطق تواجد القوات الأميركية في الشدادي والمالكية بريف الحسكة، وفي القرية الخضراء بجانب حقل العمر النفطي بريف محافظة دير الزور.
وفي غضون ذلك وبالتزامن، أعلن "جهاز مكافحة الإرهاب" في إقليم كوردستان العراق "إسقاط" طائرة مسيرة كانت تستهدف قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش والقوات الأميركية المتمركزة قرب مطار أربيل.
ورغم أن هذه الحالة ليس بجديدة في كلا البلدين، اكتسبت الهجمات التي تتم عادة بالصواريخ والمسيرات المفخخة مسارا تصاعديا بعد حرب إسرائيل في غزة، حتى أن الإعلان عنها بات يتم بشكل منظم، ومن خلال ما يعرف بـ"المقاومة الإسلامية في العراق".
وردا على ذلك، نفذت الولايات المتحدة الأميركية ضربات عدة، كان أبرزها وأقساها الأسبوع الماضي، حيث أعلنت وزارة الدفاع "البنتاغون" قصف 3 مواقع لميليشيا "كتائب حزب الله" في العراق، مما أسفر عن مقتل عناصر منها.
وجاء القصف الأخير، وسبقه آخر في العراق، واثنان في شرق سوريا ،بعدما تبنت ذات الميليشيا هجوما بطائرة مسيرة مفخخة على قاعدة أربيل الجوية، مما أدى إلى إصابة 3 جنود من القوات الأميركية، حسب بيان سابق لـ"البنتاغون".
"محسوب ومتناسب"
ويوجد في العراق ما يقرب من 2500 جندي أميركي، بينما ينتشر في سوريا نحو 900 جندي، في إطار الجهود التي تبذلها واشنطن لمنع عودة تنظيم داعش الإرهابي.
ولا توجد أي مؤشرات حتى بشأن نية الميليشيات المدعومة من إيران إيقاف هجماتها على القوات الأميركية، وهو ما تؤكده اللهجة التي تبديها في بياناتها الرسمية.
ويرى مراقبون من واشنطن وسوريا والعراق أنه وعلى مدى الأيام الماضية لم تحقق هجمات الميليشيات هدفا من شأنه أن يحرف المسار العسكري على الأرض.
وعلى العكس، كانت جميع النوايا تصب في "إطار نفسي وسياسي".
ويوضح الباحث الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، راين بوهل أن "الهجمات عندما يراد تقييمها فإن الأمر يتعلق بالتأثير السياسي والنفسي أكثر من إعادة صياغة قدرة واشنطن على العمل عسكريا".
ومع ذلك يقول بوهل لموقع "الحرة" إن "الميليشيات المرتبطة بإيران في العراق تتمتع بقدرة كبيرة على تنفيذ هجمات مضايقة مستمرة على القوات الأميركية على المدى الطويل".
وحتى مع الضربات الجوية والانتقام الذي تبديه الولايات المتحدة، يضيف الباحث الأميركي أن "الميليشيات سوف تحتفظ بالقدرة على المضايقة في المستقبل القريب".
ويرى رائد الحامد، وهو باحث عراقي متخصص بالجماعات المسلحة، أن ما تقوم به الميليشيات هو "عمليات هجومية ليست ذات أثر تدميري"، تصب في إطار "مؤازرة واسعة النطاق، مما يعرف بقوة محور المقاومة التي تقوده إيران".
الباحث يشير إلى "أكثر من مئة هجوم بطائرات مسيرة وصواريخ لم تسفر عن مقتل أي جندي أو موظف أميركي، فيما هناك إصابات معظمها من جراء عوامل نفسية وليست عوامل حربية".
ويضيف لموقع "الحرة": "ثمة علاقة حقيقية بين عمليات الفصائل وحرب غزة، لكن لا يزال انخراط أذرع المحور الإيراني في الحرب تحت سقف قواعد الاشتباك المتفق عليها ضمنا بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران وأذرعها من جهة أخرى".
ويوضح ديفيد دي روش، وهو مسؤول سابق في "البنتاغون"، أنه "وحتى الآن يبدو أن الرد الأميركي على الهجمات في سوريا والعراق محسوب ومتناسب".
في البداية كانت الهجمات الأميركية في معظمها ضد مباني غير مأهولة، وفق دي رش.
لكن شيئا فشيئا تصاعد الرد من جانب الولايات المتحدة، ووصل إلى "مستوى عالٍ بمواجهة أي هجوم"، كما يقول المسؤول الأميركي السابق لموقع "الحرة".
وكان الهجوم الأخير الذي وقع بالوكالة الإيرانية في أربيل قد أدى إلى إصابة جندي أميركي بجروح خطيرة، ولذلك يتابع دي روش: "إذا نجح العملاء الإيرانيون في العراق بالفعل في قتل جندي أميركي، فهناك فرصة كبيرة للرد بشكل مباشر ضد المصالح الإيرانية في العراق وفي أماكن أخرى".
"ضرب تفاوضي"
وأحصت واشنطن حتى الآن أكثر من 115 هجوما ضد قواتها في العراق وسوريا منذ 17 أكتوبر، أي بعد عشرة أيام على اندلاع الحرب في غزة، وفق حصيلة جديدة أفاد بها مسؤول عسكري أميركي لوكالة "فرانس برس".
وتبنت معظم تلك الهجمات "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهو تجمع ميليشيات تم الإعلان عنه والكشف عن مهتمه بعد حرب إسرائيل في غزة.
ويعتقد الباحث السوري في مركز "جسور للدراسات"، وائل علوان، أن الهجمات المتواصلة تندرج ضمن دائرة "الضرب التفاوضي".
ويقول إن ما تقوم به الميليشيات "لم يصل حتى الآن إلى درجة المزعج والمؤذي لواشنطن، وهي التي ترد منذ السابع عشر من أكتوبر وبشكل محدود".
وتحتاج إيران في الوقت الحالي إلى تنشيط أو إلى "فاعلية أكبر" في مفاوضاتها المختلفة مع الولايات المتحدة الأميركية وقبل الانتخابات، وفق علوان، وتتحسس قدوم "إدارة متشددة بشكل أكبر حيال مشروعها خارج الحدود، وخاصة في سوريا".
ويضيف أن "وضع سوريا بالنسبة لإيران مقلق، وهي تحتاج إلى مفاوضات جادة مع الإدارة الحالية قبل قدوم جديدة بعد الانتخابات.. لهذا نرى ضغطا على الأرض للجلوس على طاولة مفاوضات أكثر مرونة".
ويشير تحليل نشره "معهد واشنطن"، في الرابع والعشرين من أكتوبر، إلى أن نسب الهجمات لـ"المقاومة الإسلامية في العراق" يسمح "لمختلف الميليشيات العراقية بشن هجمات على القوات الأميركية في العراق وسوريا، تحت مظلة واحدة".
وقد ترى الميليشيات أن عدم تحديد الجماعات المسؤولة عن مهاجمة القواعد الأميركية قد يعود بالفائدة عليها، و"ربما يكون استخدام تسمية عامة دون شعار هو الامتداد الأقصى لاستراتيجية الواجهة التي اتبعتها إيران ووكلاؤها منذ عام 2019 لتجنب المساءلة عن الهجمات على الأميركيين".
ويضيف التحليل أيضا أن تبني الهجمات تحت اسم موحد "يشير بشدة إلى أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني يجمع بين وكلائه المتعددين في المقاومة العراقية، الذين يميلون في الأحوال العادية إلى الجدال بشأن القيادة المحلية".
وتشير الأدلة المتوافرة، وفق تحليل المعهد الأميركي، إلى أن "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" يؤدي دورا في تنسيق "المقاومة الإسلامية في العراق".
"الانتقام متبادل"
ويعتقد الباحث بوهل "أننا ما زلنا في نمط الانتقام المتبادل"، إذ تظل الولايات المتحدة ملتزمة برد منضبط على الاستفزازات التي تقودها إيران.
ولن يتغير ذلك إلا إذا وقعت خسائر كبيرة في صفوف القوات الأمريكية من جراء إحدى هذه الهجمات، حسب ما يوضح الباحث الأميركي، مشيرا إلى أن "البيت الأبيض حريص على تجنب الظهور بمظهر الانجرار إلى صراع إقليمي، مع بدء موسم الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة".
الباحث العراقي، رائد الحامد، يقول إن تنفيذ الولايات المتحدة لضربات على مواقع الميليشيات "يعتمد أساسا على رد الفعل على مقتل أو إصابة جنود أو موظفين أميركيين أو أجانب".
ويوضح أن إيران تدرك أن المواجهة المفتوحة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية "سيكون ثمنها باهظا جدا".
وما يهم "محور المقاومة" في الوقت الحالي "إثبات الوجود ومشاركته في حرب غزة، بشكل يقنع مؤيديه بأنه يقف إلى جانب الفصائل الفلسطينية، في ذات الوقت الذي تخلت فيه الدول العربية عن دعم تلك الفصائل"، كما يرى الباحث العراقي الحامد.
ويضيف أن المقاربة المذكورة ترى من خلالها إيران خطوة "لكسب تيار واسع من الرأي العام العربي والإسلامي، على الرغم من أن مشاركة أذرعها في حرب غزة ليست ذات أثر في سير العمليات العسكرية أو في سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل".
مشاهدة 406
|