ZNA- أربيل
شكل وضع العراق حجر الأساس الأسبوع الحالي لبناء مشروع إنشاء مدينة سكنية جديدة على حدود العاصمة بغداد، تأكيدا على رغبة المسؤولين في نفض غبار التقاعس عن حل مشكلة الإسكان. ويأتي المشروع الذي دشنه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الأربعاء الماضي ضمن خطة طموحة من أجل تشييد خمس مدن في جميع أنحاء البلاد.
وتمضي بغداد في تغيير الأساليب القديمة المتعلقة بتطوير القطاع لمواجهة الطلب المتزايد عبر مجموعة من البرامج تستهدف على وجه التحديد الطبقات الهشة متسلحة بمجموعة من الإصلاحات، التي ستقيد يد الفاسدين من التلاعب بالمشاريع أو تأخيرها.
وتحاول السلطات جاهدة منذ أربع سنوات لمعالجة أزمة الإسكان عبر إطلاق خطط تتلاءم مع النمو الديموغرافي المتزايد في البلاد، إضافة إلى الاعتماد على إجراءات لتسهيل حصول المواطنين على القروض بفوائد مقبولة.
وبدأت شركتان صينيتان في تشييد 30 ألف وحدة سكنية في مشروع مدينة الجواهري في قضاء أبوغريب، أحد مشاريع المدن الجديدة الخمس، التي تمّ الإعلان عنها الصيف الماضي ضمن إستراتيجية معالجة أزمة السكن، وتخفيف الاكتظاظ عن مراكز المدن الكبرى.
وفازت إيست تشاينا إنجنيرنغ ساينس آند تكنولوجي وتشاينا ناشيونال كميكال إنجنيرنغ إلى جانب شمس البناء العراقية بعقود المشروع البالغ تكلفته التقديرية حوالي ملياري دولار.
وبحسب المواصفات الفنية للمشروع، فإن المساحة الكلية للمدينة تبلغ بنحو 7121 دونما، وتشتمل على 10 آلاف قطعة أرض سكنية مخدومة وجامعات ومراكز تجارية ونحو 70 مدرسة.
وستحظى مدينة الجواهري بكافة المرافق الخدمية الأخرى ومراكز النشاط الحضري، في إطار تصميم مدينة ذكية تراعي معايير البيئة والحداثة وتقديم الخدمات بالنظم الإلكترونية.
وقال السوداني خلال التدشين إن “الحكومة شخصت، منذ بداية مهامها، الخلل في أزمة السكن، وأعدت خططا مدروسة لمعالجتها، انطوت على تشييد مدن سكنية متكاملة، وليست مجمعات، واختيار مواقع على أطراف بغداد والمحافظات بعيدا عن مناطق الاكتظاظ".
وأكد في تدوينة على حسابه في منصة فيسبوك أن “مشروع مدينة الجواهري الجديدة سيتضمن ولأول مرة 25 في المئة من الأراضي المخدومة ستوزعها الحكومة على المواطنين وفق آليات سيتم اعتمادها".
وتوقع سالار محمد أمين نائب رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار في تصريحات لوسائل إعلام محلية الانتهاء من المدينة السكنية في غضون 4 إلى 5 سنوات. وتسعى الحكومة إلى مضاعفة الجهود بهدف تكثيف وتنويع العرض السكني والارتقاء به بما يسمح بتقليص العجز الكبير في الإسكان.
وأوضح السوداني أن الهدف الذي تسعى إليه الحكومة هو الوصول إلى تشييد ما بين 250 و300 ألف وحدة سكنية تُستهدف من خلالها الطبقات الفقيرة والمتوسطة، كما سيكون هناك التزام بأسعار الوحدات السكنية لتبقى ثابتة.
وأجبرت الفجوة الكبيرة في الإسكان التي خلفتها البرامج السابقة، الحكومة على تغيير إستراتيجية تطوير القطاع العقاري متسلحة بالنمو المتصاعد لتنفيذ خطط تطوير جديدة رغم الصعوبات والتحديات، في محاولة لتلبية الطلب المتزايد من الفئات الفقيرة والمتوسطة.
وتظهر التقديرات أن الطلب على الوحدات السكنية بالبلاد زاد بمعدل يتراوح بين 50 و100 ألف وحدة سنويا، ومع تتالي الأعوام تراكمت الحاجة حتى وصلت إلى الملايين من هذه الوحدات.
ويحتاج البلد النفطي إلى أكثر من ثلاثة ملايين وحدة لحل أزمة السكن، في بلد يتجاوز التعداد السكاني فيه 43 مليون نسمة، حيث تعمل الحكومة الحالية على جذب استثمارات أجنبية بهذا الاتجاه.
ويصطدم الكثير من السكان وخاصة الطبقتين المتوسطة والفقيرة بالعراقيل في سبيل الحصول على مسكن جراء الأسعار الخيالية، والتي كانت نتائج سياسات تخطيط خاطئة على مدار عقدين، فضلا عن استشراء الفساد.
ومن المتوقّع أن تمنح السلطات خلال الفترة المقبلة عقود أربع مدن أخرى في محافظات كربلاء والأنبار ونينوى وبابل، مع الإعلان عن 10 مشاريع أخرى خلال العام المقبل.
وتتضمن المشاريع المرتقبة مدينة ضفاف السكنية كربلاء الجديدة والتي تشمل نحو 30 ألف وحدة، وأيضا مدينة الجنائن الجديدة في بابل بأكثر من 29.3 ألف وحدة.
أما المشروع الثالث، فهو المدينة السكنية الفلوجة الجديدة في الأنبار، والتي تحتوي على قرابة 84 ألف وحدة، وأخيرا مدينة الغزلاني الجديدة في نينوى وتتضمن 28 ألف وحدة.
وعلى مدار عقدين شكل الفساد أحد العوائق في إتمام المشاريع لأن المناقصات الحكومية تكون عرضة للاستغلال من قبل كارتل يعمل لصالح شخصيات نافذة في الدولة، كما هو الحال مع المعابر.
وأظهرت تقارير دولية على مدى سنوات أن الحكومات المتعاقبة التي تقلّدت الحكم بعد الغزو الأميركي للعراق في 2003 وخاصة في فترة حكم نوري المالكي تسببت في إهدار الملايين من الدولارات بتعاقدات أبرمتها وزارة الإسكان.
ومن أهم أسباب فشل الحكومات في معالجة هذه المشكلة المستعصية هو عدم وجود خطط إستراتيجية بشقيها، قصيرة المدى وطويلة المدى، من أجل تلافي المؤشرات السلبية التي تنتج عنها.
ويقول خبراء إن عدم التوافق بين العرض والطلب واختلال التوازن أدى إلى ارتفاع في أسعار العقارات بشكل لافت حتى فاقت ما يتم تداوله في العديد من المدن الأوروبية الكبرى.
ومنذ عام 2014 تشهد العاصمة بغداد، على سبيل المثال، إنشاء مجمعات سكنية، لم يبع قسم كبير منها بسبب لهيب الأسعار، مما أجبر الحكومة على حث البنوك لتوفير قروض ميسرة للراغبين في شراء شقق.
وفي بلد يتراوح فيه متوسط الدخل بين 400 و500 دولار في الشهر للفرد، وفق منظمة العمل الدولية، تبلغ أسعار العقارات السكنية في بغداد والتي عرفت في السنوات الأخيرة استقراراً نسبيا، بين ألفي دولار للمتر الواحد و8 آلاف دولار أو أكثر.
والعام الماضي خصص البنك المركزي تمويلات لتنمية سوق الإسكان تقدر قيمتها بنحو 700 مليون دولار، وأكد على الاستمرار في اعتماد طرق مرنة لتقديم الائتمان للمعنيين وكذلك تنشيط قطاع التطوير العقاري.
مشاهدة 289
|