ZNA- أربيل
تحاول إيران استغلال التوتر في المنطقة، على خلفية الحرب في غزة التي أشعلت عدة جبهات أخرى في البحر الأحمر وجنوب لبنان والعراق، لحسم القضية المؤجلة؛ قضية الوجود الأميركي في العراق.
وعكست تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بشأن استعداد بلاده لإنهاء وجود التحالف الدولي في العراق انصياعه للضغوط الإيرانية وتضحيته بالعلاقة مع الولايات المتحدة، وهو ما قد تكون له تداعيات سلبية على حكومته خلال الفترة المقبلة.
وتدرك إيران وأذرعها المسلحة في العراق أن من الصعب خروج القوات الأميركية بالطرق الدبلوماسية، لأن الولايات المتحدة مصرة على البقاء. لذلك كثفت الميليشيات الولائية عمليات استهداف القواعد الأميركية بالصواريخ والمُسيّرات خلال الفترة الأخيرة مع الحرص على الإيحاء للرأي العام الداخلي في العراق بأن الوجود الأميركي يعد أيضا احتلالا لا يختلف عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وبالتالي فإن التصدي له هو نوع من النضال والمقاومة.
وردت الولايات المتحدة على الضربات بشن ضربات مضادة على معاقل للميليشيات العراقية، وهو ما أثار حفيظة حكومة الإطار التنسيقي التي اعتبرت الرد الأميركي على الهجمات انتهاكا للسيادة.
ويستبعد محللون انسحاب القوات الأميركية من العراق، لعدة أسباب في مقدمتها موقعه الإستراتيجي الحاسم في الصراع الإقليمي الذي تنخرط فيه واشنطن. وتقود الولايات المتحدة تحالفا دوليا في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) تحت اسم “عملية العزم الصلب” بقيادة الجنرال ماثيو ماكفارلين. وكثيرا ما طالبت إيران القوات الأميركية بمغادرة العراق، معتبرة أن “حضور القوات الأجنبية يهدّد أمن المنطقة”، لكن التحركات الأخيرة التي قامت بها الميليشيات تشير إلى أن طهران صارت عازمة أكثر من أي وقت مضى على تحقيق هذا الهدف.
ويرى مراقبون أن إيران ترى أن الفرصة باتت سانحة جدا للتخلص من الوجود الأميركي، خاصة إثر حسم الملف اليمني لصالح حلفائها الحوثيين، بالإضافة إلى القضاء على تنظيم داعش في العراق، وبذلك لم يعد وجودها ذا جدوى. وأكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الخميس أن بلاده ماضية باتجاه إنهاء وجود التحالف الدولي في العراق، مشيرا إلى أن الحكومة ترفض الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية في العراق.
وذكر السوداني خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإسباني بيدرو سانشيز أن “اللقاء مع رئيس الوزراء الإسباني تضمن حديثا أكثر تفصيلاً يتعلق بوضع التحالف الدولي، خصوصا وأن إسبانيا جزء من هذا التحالف”، مشيرا إلى “دور التحالف وإسبانيا في دعم جهود العراق بمواجهة داعش الإرهابي، والتي انتصر فيها العراق”.
ولفت إلى أن “الحكومة العراقية في طور إعادة ترتيب العلاقة في ظل قوات عراقية متمكنة”، مؤكدا أن “الحكومة العراقية ماضية باتجاه إنهاء وجود قوات التحالف الدولي الذي يضم مستشارين أمنيين يدعمون القوات الأمنية في مجالات التدريب والمشورة والتعاون الاستخباري".
وقال السوداني "حصلت مؤخرا اعتداءات على القواعد العسكرية العراقية والبعثات الدبلوماسية، وأكدنا موقف الحكومة الرسمي والواضح الرافض لهذه الاعتداءات التي نعتقد بأنها أعمال عدائية تضر بالمصلحة الوطنية للعراق وتؤثر في أمن واستقرار البلد، وأكدنا على أهمية الالتزام بالتفويض القانوني الممنوح من قبل الحكومات العراقية السابقة لهذا الوجود، والذي يجب أن يكون ضمن إطار الدعم للقوات الأمنية في مجالات التدريب، وألّا يتجاوز حد القيام بأعمال عسكرية كونها تمثل مساسا بالسيادة العراقية وهو أمر مرفوض”.
وأشار إلى أن “الحكومة العراقية واعية وملتزمة وقادرة على القيام بواجباتها لحفظ أمن البعثات الدبلوماسية وأماكن وجود المستشارين الأمنيين”. غير أن المحلل السياسي العراقي فاروق يوسف يرى أن السوداني يقول الشيء ونقيضه في الوقت نفسه، لكن بطريقة ناعمة لا تزعج أحدا؛ فهو من جهة يؤكد على أهمية الدور الذي تقوم به القوات الأجنبية الموجودة في العراق في الحرب على تنظيم داعش، ومن جهة أخرى يحاول أن يصطف مع الميليشيات في المطالبة بخروج تلك القوات من الأراضي العراقية.
وأضاف لصحيفة ”العرب” أن “ليس كل ما يقوله الرجل يمكن أن يُؤخذ على محمل الجد، لا لشيء إلا لأنه لا يملك سلطة القرار في مواجهة طرفي صراع صارت إيران تلعب فيه دورا حيويا؛ فهو لا يقدر على ضبط حركة الميليشيات ومنعها من قصف القواعد العسكرية ولا يستطيع في المقابل أن يحول دون قيام القوات الأميركية بالرد على القصف الذي يستهدف قواعدها. وكل ما يمكن أن يفعله السوداني هو أن يبرئ ذمة حكومته مما يقع عن طريق التصريحات المبرمجة بطريقة لا تسيء إلى الطرفين ولا تعتبر انحيازا إلى طرف دون آخر”.
وتابع “إذا عرفنا أن هناك قرارا عراقيا سبق لمجلس النواب المصادقة عليه ينص على إخراج القوات الأجنبية من الأراضي العراقية لم تتمكن الحكومة العراقية من تنفيذه فإن ما هو معروف أيضا أن الميليشيات التي تُمول من قبل الدولة وتتبع شكليا سلطة رئيس الوزراء الذي هو القائد العام للقوات المسلحة لا تخضع لأوامر الحكومة ورئيسها وهي ليست تحت السيطرة محليا، بل هي تابعة للحرس الثوري الإيراني باعتبارها جزءا من تشكيلاته. ذلك ما يدفع رئيس الوزراء العراقي إلى الحفاظ على المسافة التي تفصله عن الطرفين كي لا تتعرض حكومته لخطر عواقبُه غير معروفة”.
مشاهدة 289
|