ZNA- أربيل
تراقب قوى سياسية عراقية متحالفة مع رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، ضمن ما يعرف بالإطار التنسيقي الجامع لأبرز الأحزاب والفصائل الشيعية، بقلق تعاظم طموحات زعيم حزب الدعوة الإسلامية في العودة إلى رئاسة الوزراء بعد أن وفّرت له الأحداث التي أعقبت الانتخابات التشريعية لسنة 2021 الأرضية للبروز مجدّدا بعدما كان على وشك مغادرة الساحة السياسية بسبب فشل تجربته في الحكم بين سنتي 2006 و2014 وما آلت إليه أوضاع العراق خلالها من انهيارات في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
وتتحدّث مصادر مواكبة للشأن السياسي في العراق عن خلافات مكتومة تعتمل داخل الإطار التنسيقي بسبب ما تعتبره قوى مشاركة فيه تجاوزات من قبل المالكي “على مفهوم الشراكة الذي بني عليه الإطار” ومحاولته التفرّد بالقرار وفرض وجهات نظره على حكومة السوداني على أساس أنّه أكثر منه خبرة ودراية بشؤون الدولة وأوسع اطلاعا على ملفّاتها.
وتتوقّع أنّ تخرج تلك الخلافات إلى العلن خلال الفترة القريبة القادمة مع احتدام النقاشات حول تقاسم المناصب في مجالس المحافظات، في ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة التي حقق ائتلاف دولة القانون بقيادة المالكي خلالها نتائج جيّدة تؤهّله للعب دور الحصان الأسود في تشكيل الحكومات المحلية بكلّ ما تنطوي عليه من سلطة ونفوذ تمثّل لرئيس الوزراء الأسبق أفضل أرضية للاستعداد للانتخابات النيابية المقرّرة لسنة 2025، والتي يعلّق عليها آماله للعودة مجدّدا إلى رئاسة الحكومة.
وقالت المصادر ذاتها إنّ شخصيات قائدة لمكوّنات أساسية في الإطار ممتعضة بشدّة من استعلاء المالكي تجاهها ومعاملتها باعتبارها طارئة على الشأن السياسي. وينطبق ذلك بشكل خاص على قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق الذي يمتلك قدرا من النفوذ يستمدّه من قوة الميليشيا التابعة له ومن قربه من الحرس الثوري الإيراني، لكنّه في المقابل يفتقر للحنكة السياسية التي يتمتّع بها المالكي.
وقال مصدر حضر اجتماعا للإطار التنسيقي إن ملاسنة جرت بين الخزعلي والمالكي لمّح خلالها الأخير إلى ضحالة الثقافة السياسية لزعيم العصائب، وذكّر أثناءها الحاضرين، بمن فيهم هادي العامري زعيم ميليشيا بدر، بأنّه هو صاحب فكرة الإطار التنسيقي التي أتاحت لهم الحفاظ على السلطة ومنع ذهابها إلى خصمهم مقتدى الصدر الذي ألحق بهم هزيمة انتخابية.
وتقول المصادر نفسها إن المالكي بات يطالب مكونات الإطار علنا بدعم مساعيه لترؤّس الحكومة من جديد على أساس أن سلطة القوى الشيعية كانت على وشك الضياع لولا جهوده في مقارعة التيار الصدري.
وباتت رغبة المالكي في قيادة الحكومة العراقية معلنة بشكل صريح بعد أن كانت تلميحات تصدر بشأنها من حين إلى آخر عبر وسائل الإعلام التابعة له وعن طريق أعضاء في ائتلافه النيابي.
وقبل أسابيع قليلة قال عبدالكاظم الجبوري النائب بالبرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون إنّ المالكي يطمح إلى تولي رئاسة الحكومة من جديد. وأوضح في حديث لوسائل إعلام محلية أن زعيم حزب الدعوة لا يتطلّع إلى أخذ مكان رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني لكنّه يطمح إلى تولي رئاسة الحكومة عبر الانتخابات التشريعية التي يُفترض أن تجري سنة 2025.
وتضمّن كلام النائب نفيا ضمنيا لما تمّ تداوله في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن سعي رئيس الوزراء الأسبق لإسقاط حكومة السوداني قبل اكتمال عهدتها القانونية، غير أن مصادر أكّدت أنّ المالكي لوّح بذلك خلال ملاسنته مع الخزعلي، ولكن على سبيل التهديد فقط ولتبيان دوره في تشكيل الحكومة والحفاظ على استمراريتها.
وعلى هذا الأساس يفاوض المالكي على حصته في مجالس المحافظات مطالبا الكتل الفائزة بتمكين ائتلافه من حصّة وازنة من مناصب المحافظين ورؤساء المجالس بغض النظر عن نتائج الانتخابات، وبالاستناد إلى أنّ حكومة السوداني مدينة له باستقرارها وتماسكها.
وتُعرف عن المالكي طوال مشاركته في العملية السياسية الجارية في العراق منذ أكثر من عقدين براعته في تشكيل التحالفات المصلحية الظرفية، وأيضا سرعة انقلابه عليها بمجرّد أن يتمكّن من تحقيق أهدافه.
وعن ذلك يقول الباحث السياسي العراقي فتّاح الشيخ إن زعيم حزب الدعوة عندما يتعلّق الأمر بمصالحه الشخصية “يضرب بأصحابه عرض الحائط”، موضّحا أنّ الماكي الذي يتكلم الآن مع شركائه في الإطار التنسيقي هو غير المالكي الضعيف الذي كان يتكلّم معهم في السابق.
وأضاف الشيخ، خلال مشاركته في برنامج نقاشي على إحدى القنوات الفضائية العراقية حول الانتخابات المحلّية الأخيرة، أنّ المالكي “سَيَتَبَطّرُ على هؤلاء الشركاء ويحدد للخزعلي والعامري وعمار الحكيم وحيدر العبادي لكل حصته”.
وكان المالكي قد أزيح إثر انتخابات سنة 2014 من رئاسة الحكومة بعد تجربة في الحكم دامت ثماني سنوات شهد العراق خلالها تراجعا على مختلف الأصعدة، إذ توقفّت التنمية فيه بشكل شبه كامل وشاع فيه الفساد بشكل غير مسبوق وأتى على مئات المليارات من الدولارات المتأتية من عوائد النفط وانهارت قواته المسلّحة حتى عجزت عن مواجهة مجاميع داعش الذي سيطر في وقت وجيز على مساحات شاسعة من البلاد.
وفيما كان ينتظر أن يخضع الرجل للمحاسبة ويغادر الساحة السياسية من الباب الضيّق، تمكّن من التشبث والحفاظ على دوره عبر شبكة النفوذ الواسعة التي نسجها داخل أجهزة الدولة، وظل ينتظر فرصة العودة إلى مقدمة المشهد حتى أتيحت له بعد الانتخابات النيابية الأخيرة وما حف بها من مشاكل وما دارت حولها من صراعات أفضت إلى هزيمة التيار الصدري وانتصار خصومه التقليديين، وعلى رأسهم نوري المالكي الذي يبدو أنّه بات يمتلك فرصة حقيقية للفوز بولاية جديدة على رأس الحكومة من خلال الانتخابات القادمة.
العرب
مشاهدة 274
|