ZNA- أربيل
حلّت القوى الشيعية الموالية لإيران بالعراق في الصدارة في معظم المحافظات العراقية في انتخابات مجالس المحافظات وفق نتائج أولية أعلنتها مفوضية الانتخابات اليوم الثلاثاء، ما يؤشر على مزيد تعزيز النفوذ الإيراني في البلاد.
وجرت انتخابات مجالس المحافظات الاثنين للمرة الأولى منذ عشر سنوات في 15 محافظة في بلد يبلغ عدد سكانه 43 مليون نسمة غالبيتهم من المسلمين الشيعة.
وظهر توجهان في تسع محافظات في وسط وجنوب البلاد، حيث من جهة حلّت بالصدارة التكتلات التي يرأسها المحافظون الحاليون، ومن جهة ثانية، التحالفات المشكّلة من قبل القوى الحليفة لإيران والتي تملك الغالبية في البرلمان.
وعلى سبيل المثال، في محافظات ذي قار وميسان والبصرة وبابل وكذلك واسط، هيمنت التحالفات نفسها على المراكز الأربعة الأولى من حيث ترتيب عدد الأصوات.
وأبرز هذه التحالفات، تحالف "نبني" بزعامة هادي العامري القيادي في الحشد الشعبي وهو تحالف فصائل مسلحة باتت منضوية في القوات الرسمية، إلى جانب تحالف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكلاهما ينتميان إلى التحالف السياسي نفسه المعروف باسم الإطار التنسيقي.
ويلي هذين التحالفين، تحالف "قوى الدولة الوطنية" بزعامة عمار الحكيم ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، المنضوي كذلك في الإطار التنسيقي.
وفي بغداد، تصدّر تحالف "تقدّم" بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي عدد الأصوات، يليه مباشرةً تحالفا "نبني" و"دولة القانون".
وفي محافظة الأنبار ذات الغالبية السنية والواقعة في غرب البلاد، أحرز تحالف تقدّم أكبر عدد من الأصوات. وسوف تتقاسم القوى الحائزة أعلى عدد من الأصوات، مقاعد مجالس المحافظات. ويضمّ مثلاً مجلس محافظة بغداد 49 مقعداً، يليه عدداً مجلس محافظة البصرة مع 22 مقعداً.
وتدين الأحزاب الموالية لإيران بالولاء للجمهورية الإسلامية أكثر من ولائها للعراق وتسعى إلى تأمين مصالحها، رغم أنها تحرص على التسويق لنفسها على أنها وطنية.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق مساء الاثنين أن نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات بلغت 41 بالمئة.
وكشف بيان المفوضية نسب التصويت النهائية (الاقتراع العام والخاص) حسب تقارير المكاتب الانتخابية في المحافظات نشرته مفوضية الانتخابات، ونقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع".
ووفق البيان فإن "عدد المصوتين الكلي في التصويتين العام والخاص بلغ 6 ملايين و599 ألفا و668 ناخبا، بينما بلغت نسبة التصويت الكلية 41 بالمئة".
ويرى مراقبون أن نسب التصويت ضعيفة نسبيا وأن دعوات المقاطعة قد نجحت نسبيا كذلك مع تزايد شعور الإحباط بين المواطنين.
ويُنظر إلى الاقتراع على أنه اختبار للديمقراطية العراقية حديثة العهد التي أرستها الولايات المتحدة بعد الإطاحة بصدام حسين في عام 2003 قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في عام 2025 والتي ستحدد توازن القوى في دولة حققت فيها الجماعات وثيقة الصلة بإيران مكاسب على الساحتين السياسية والاقتصادية في السنوات القليلة الماضية.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية مساء الاثنين أن حوالي 6.6 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم من بين أكثر من 16.1 مليون ناخب يحق لهم التصويت.
وتطابقت نسبة إقبال الناخبين بشكل كبير مع الانتخابات البرلمانية لعام 2021 والتي بلغت نسبة التصويت فيها 41 بالمئة أيضا.
وتتزايد لا مبالاة الناخبين بعمليات الاقتراع خاصة وأن أغلبهم من الشباب الذين يشعرون بأنهم لم يلمسوا فوائد ثروة العراق النفطية الهائلة والتي تم توجيه قسم كبير منها بشكل خاطئ أو سُرق في بلد يصنف بين أكثر دول العالم فسادا.
ودعا كبار السياسيين إلى الإقبال على التصويت في تصريحات لوسائل الإعلام بعد الإدلاء بأصواتهم في مركز خاص أقيم لكبار المسؤولين في قاعة فخمة بأحد أرقى فنادق بغداد.
وهناك ما يزيد عن 16 مليون عراقي مسجلون للتصويت الاثنين لكن هذا أقل مما كان عليه في الانتخابات البرلمانية لعام 2021 عندما قالت السلطات إن 22 مليونا مؤهلون للتصويت. وبلغت نسبة المشاركة حينها 41 بالمئة.
وقال علي أسود (39 عاما) وهو يقوم بإعداد كوب من الشاي بجوار متجره الخشبي في مقابل مركز اقتراع بوسط بغداد إن قضاء حتى ولو خمس دقائق في التصويت إهدار كبير للوقت.
وأضاف "لن أصوت مرة أخرى، كانوا يقولون لنا إن الديمقراطية ستساعدنا في تحسين حياتنا ولكن لم يحصل أي شيء"، مضيفا أن ابنيه بلا عمل.
وتابع قائلا "الانتخابات هي عبارة عن مسابقة للكلمات دون أفعال، والديمقراطية ما هي إلا كذبة كبيرة". لكن بعض الناخبين قالوا إنهم لا يزالوا يؤمنون بالنظام.
وقال عقيل الأسعدي (58 عاما) الذي يعمل مدير مدرسة "لم أفوت أي فرصة للانتخاب منذ عام 2005 لأني اؤمن بالتغيير" مضيفا "يوما ما ستنتصر الديمقراطية، إن لم يكن من أجلنا فمن أجل أطفالنا".
وأجريت آخر انتخابات محلية في عام 2013 وتأجل إجراؤها منذ ذلك الحين بسبب الحرب ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية الذين سيطروا على أجزاء كبيرة من العراق ولكن الهزيمة لحقت بهم في نهاية المطاف.
وتحسن الأمن في البلاد تدريجيا منذ ذلك الحين وتحول التركيز العام إلى الخدمات الحكومية المتداعية وارتفاع معدلات البطالة والفساد المتفشي، وهي القضايا التي كانت في قلب الاحتجاجات الحاشدة لعام 2019 التي قمعتها قوات الأمن بعنف.
وتابع مراقبون عن كثب مدينة كركوك النفطية، حيث جرت الانتخابات للمرة الأولى منذ عام 2005، وحيث تصاعدت التوترات بين المجموعات العرقية مؤخرا وتحولت إلى أعمال عنف مميتة لا سيما بين الأكراد والعرب والتركمان.
وقال آزاد عارف، وهو كردي يبلغ من العمر 58 عاما، إنه يأمل أن تسمح الانتخابات لسكان كركوك "بالتعايش السلمي".
وقال سجاد جياد، المحلل العراقي والزميل في مؤسسة القرن للأبحاث، إن انخفاض نسبة إقبال الناخبين المتوقع لا يشكل تهديدا للنظام السياسي. وأضاف "النخبة السياسية غير منزعجة بشكل كبير، وغير قلقة بشكل كبير وبين الجمهور هناك شعور بأن نتائج الانتخابات لا تهم حقا، لأنه في النهاية، نفس الوجوه هي التي ستهيمن على السياسة في نهاية المطاف".
مشاهدة 286
|