ZNA- أربيل
يخشى نشطاء في العراق من سيطرة أموال المخدرات على مجالس المحافظات في ظل تواتر الأنباء بشأن تمويل تجار مخدرات لحملات مرشحين لانتخابات مجالس المحافظات التي جرت الإثنين.
وتشير تسريبات إلى أنه “قبل حوالي عدة أسابيع عقد اجتماع من قبل قيادات وضباط ومسؤولين من وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية والمديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والمديرية العامة للاستخبارات والأمن وجهاز الأمن الوطني وممثلين عن جهاز المخابرات لغرض التباحث والتشاور والتنسيق فيما بينهم، حول التحديات الأمنية والإرهاب وتجارة المخدرات، ومن ضمن ما تم طرحه في هذا المقام وصول معلومات دقيقة ومفصلة عن قيام تجار مخدرات بتمويل حملات للمرشحين لانتخابات مجالس المحافظات”.
وبحسب التسريبات التي نشرها الصحافي الاستقصائي ورئيس منظمة “عراقيون ضد الفساد” صباح البغدادي تم إخطار مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن ما تم التوصل إليه وخاصة ارتباط بعض التجار بعلاقات وثيقة مع قيادات وفصائل تنتمي إلى الحشد الشعبي وبعض الميليشيات الولائية المرتبطة بفيلق القدس الإيراني، لكن مكتب رئيس الوزراء أمر بالتريث حتى لا تنعكس الإجراءات الأمنية سلبا على العملية الانتخابية وتثير الشكوك في نزاهتها. لكن ما تخشاه الحكومة هو استغلال هذا الملف من قبل خصومها السياسيين ومن أهمهم التيار الصدري الذي سيطعن في نزاهة الانتخابات.
وبحسب البغدادي فإن “استخدام أموال المخدرات لصالح مرشحي الانتخابات هو موضوع مهم وحساس وخطير في نفس الوقت، ويعود بروز هذه الظاهرة إلى عدة عوامل، منها الجشع والطمع والرغبة في السيطرة على السلطة والتأثير المباشر والتدخّل في صنع القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويعتبر من بين أهم وأبرز أشكال الفساد السياسي”.
وكان وزير الكهرباء العراقي الأسبق لؤي الخطيب أول من حذر من تمويل شبكات المخدرات لحملات بعض المرشحين ودعا السلطات المعنية إلى التحقيق في الأمر.
وقال الخطيب في تدوينة على منصة إكس الشهر الماضي “لفت انتباهي وأنا أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي مع حلول موسم انتخابات مجالس المحافظات في العراق حجم المشاريع والفعاليات المُكلفة التي يقوم بها بعض المرشحين”.
وأضاف “في ديمقراطية العراق المنقوصة والفوضوية، سابقًا كانت ‘الكومشنات’ على المال العام من تمويل العقود الحكومية واستغلال مؤسسات الدولة هي المصدر الرئيسي في رفد نشأة وديمومة بعض الأحزاب والحملات الانتخابية، خصوصا تلك المدعومة من جهات مسلحة”.
وتابع “بعد مضي عقدين على مخاض العملية السياسية التي ولدت في عام 2003، دخلت عناصر أخرى من مصادر التمويل، إنها تجارة تهريب المخدرات التي يتجاوز حجم سوقها في العراق المليار دولار سنويّا حسب تقارير وكالة بلومبرغ”.
ويقول مراقبون إن ظاهرة الاتجار بالمخدرات في العراق تخطت كونها مجرد تجارة يمارسها صغار تجار المخدرات، إلى أنشطة مرتبطة بصورة فعالة وحيوية ومؤثرة بالجماعات المسلحة الحزبية والقوى السياسية والعشائرية والقبلية المؤثرة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والتي تجني من خلال هذه التجارة مكاسب مالية طائلة وتستغلها في الوقت نفسه للحفاظ على نفوذها وسلطتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ويشير المراقبون إلى أن القوى الأمنية والاستخبارية تلاحق باستمرار التجار الصغار والموزعين الذين يرفضون دفع نسبة من أرباح تجارتهم لقيادات الميليشيات الحزبية وغير المحميين بالنفوذ العشائري والحزبي والسياسي، وتلقي القبض عليهم بشكل مستمر، ولكن في المقابل تتجاهل مختلفُ الأجهزة الأمنية والاستخبارية المتورطين الرئيسيين والمهمين وذلك بسبب ارتباطهم المباشر بجهات سياسية متنفذة وميليشيات مسلحة حزبية.
وأظهر مؤشر الجريمة المنظمة العالمي الذي صدر قبل نحو أسبوع ارتفاع تصنيف العراق في مؤشر الجريمة خلال عام 2023 مقارنة بعام 2021؛ إذ جاء في المرتبة الثامنة عالميّا والثانية آسيويّا.
وتساءل الوزير الأسبق عن “دور المؤسسات الرقابية من كل هذه المهزلة التي تُسمى زورًا ‘انتخابات ديمقراطية’؟”.
ودعا “هيئة النزاهة والمفوضية العليا للانتخابات والمؤسسة القضائية إلى التحقق من مصادر تمويل الأحزاب والمرشحين لضمان تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة ومكافحة المال السياسي الفاسد وضمان سيادة الدولة العراقية”.
وكانت مفوضية الانتخابات قد وضعت في شهر أغسطس الماضي حدودا بشأن الإنفاق الانتخابي للحد مِن دور المال السياسي، لكن محللين شككوا في جدوى الإجراء الذي وصفوه بـ”الشكلي”.
وأرجع محللون موقفهم إلى غياب آليات واضحة تضمن تنفيذ قرار مفوضية الانتخابات، متوقعين عدم التزام معظم الكتل والتيارات المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات التي ستنفق الأموال دون قيد أو شرط.
وأدلى العراقيون الاثنين بأصواتهم في أول انتخابات لمجالس المحافظات تجرى منذ عشر سنوات، والتي من المرجح أن تُحكم قبضة الائتلاف الشيعي الحاكم على السلطة في ظل مقاطعة التيار الصدري.
العرب
مشاهدة 289
|