ZNA- أربيل
تتسبب الهجمات الصاروخية التي تطلقها الفصائل العراقية المسلحة ضد القواعد الأميركية بالبلاد في تراجع علاقتها مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، لا سيما بعد إعلان السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي أن استهداف الفصائل أخيراً في كركوك كان بعلم الحكومة العراقية.
وعزت السفيرة الأميركية رومانوسكي قيام قوات بلادها باستهداف خمسة عناصر من الفصائل المسلحة في محافظة كركوك إلى "الدفاع عن النفس" من "المليشيات المسؤولة عن الهجمات على القواعد العراقية التي تستضيف أفراداً من الولايات المتحدة والتحالف الدولي".
وكتبت السفيرة على حسابها في منصة "إكس" أن "المعلومات الدقيقة أمر بالغ الأهمية. نُعيد إرسال هذا البيان بشأن اتخاذ إجراءات عسكرية للدفاع عن النفس ضد المليشيات المسؤولة عن الهجمات على القواعد العراقية التي تستضيف أفراداً من الولايات المتحدة والتحالف الدولي".
وليلة الأحد الماضي، قصفت طائرة أميركية مسيّرة منصة لإطلاق الصواريخ قرب مدينة كركوك، وقتلت 5 من أفراد جماعة "حركة النجباء"، خلال محاولتهم تنفيذ هجوم جديد على قاعدة "حرير" الجوية (في أربيل)، التي تضم مئات العسكريين الأميركيين. وتعتبر هذه العملية أول هجوم استباقي أميركي في العراق، بما يرفع من سقف التوقعات حيال مآلات التصعيد الحالي بين واشنطن وحلفاء إيران من جهة، وبين الحكومة العراقية والفصائل الموالية لإيران من جهة ثانية.
وتواصل الفصائل المسلحة العراقية منذ شهرين هجماتها باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة ضد الأميركيين الموجودين في القواعد العراقية، ومنذ 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نفذت هذه الفصائل أكثر من 60 هجوماً بواسطة طائرات مسيّرة مفخخة ثابتة الجناح، وصواريخ كاتيوشا، على قواعد أميركية في العراق وسورية، رداً على الدعم الأميركي للعدوان الإسرائيلي على غزة.
وبالرغم من اعتراف السفيرة الأميركية في بغداد بأن عملية "كركوك" وقتل 5 عناصر من حركة "النجباء" كانت بعلم القيادة العسكرية في البلاد، إلا أن الحكومة العراقية لم تعلق رسمياً على هذا الموضوع، فيما غاب أي موقف لتحالف "الإطار التنسيقي" الذي يجمع الأحزاب الشيعية القريبة من إيران وعددا من الفصائل المسلحة، ما يشير إلى حالة من التوتر وعدم الوصول إلى موقف موحد إزاء هجمات الفصائل ضد الأميركيين.
وأكد مصدران سياسيان قريبين من مصدر القرار في بغداد، أن "الحكومة العراقية كانت قد حذرت الفصائل المسلحة، وتحديداً حركة النجباء، من احتمال قصفها أو توجيه ضربات ضد أفرادها المنتشرين في مناطق متفرقة من شمال وغرب العراق، إلا أن قيادة الحركة لم ترد على هذه التحذيرات".
وقال أحدهما إن "تحالف الإطار التنسيقي منقسم ما بين مؤيد لمواصلة قصف واستهداف الأميركيين، وبين جهات تدعو إلى التهدئة، لذلك لم يصل التحالف إلى أي نتيجة في توحيد الموقف من حالات القصف"، معتبراً أن "غالبية أعضاء الإطار التنسيقي ضد ما تقوم به حركة النجباء، لكن التأثير الإيراني يمنعهم من اتخاذ أي إجراءات ضد الحركة، أو التعامل معها على أنها جماعة تعصى أوامر الدولة، بالتالي فإن الصمت قد يستمر من قبل الجميع".
وبما يخص العلاقة ما بين الفصائل المسلحة والسوداني، فإنها "توترت خلال الأسابيع الماضية، وتحديداً ما بين بعضها بعضا، مثل (كتائب سيد الشهداء، وحزب الله العراقي، والنجباء)، لكن (حركة عصائب أهل الحق) دخلت إلى جانب التعامل مع الأميركيين وفق الخيارات الدبلوماسية، وعدم استخدام السلاح، في مشهد غير مألوف، ويشير إلى انشقاقات في مواقف المقاومة الشيعية".
في السياق، قال عضو تحالف "الإطار التنسيقي" محمد الزيادي إن "الموقف العراقي من وجود القوات الأميركية هو أنها قوة احتلال وموجودة ضد إرادة العراقيين بعدما عبروا عن رفضهم لوجودها بقرار برلماني لم تنفذه الحكومات لغاية الآن"، مبيناً لصحيفة "العربي الجديد"، أن "الاعتداء على الحشد الشعبي في كركوك ومناطق أخرى مرفوض، وسيكون هناك رد فعل رسمي بهذا الشأن".
وأشار الخبير الأمني في العراق سرمد البياتي إلى أن حكومة السوداني تواجه صعوبات في التعامل مع ما يُعرف بـ(المقاومة الإسلامية) في العراق، وخصوصاً أنها لا تخضع لقيادة واحدة وواضحة، وهي تعمل وفق أسلوب انتشاري من الصعب السيطرة عليه"، وأكد أن "الحكومة سعت ولا تزال تسعى من أجل الوصول إلى تفاهمات لإيقاف تصعيد الفصائل ضد الأميركيين".
ولفت البياتي إلى أن "الرد العسكري الأميركي كان متوقعاً، وقد أقدمت واشنطن على إبلاغ السوداني لأكثر من مرة بأنها سترد إذا استمر التصعيد، لكن يبدو أن الحكومة العراقية لم تتمكن من التوصل إلى ضبط إيقاع هذه الفصائل".
مشاهدة 316
|