ZNA- أربيل
تسعى روسيا لوضع يدها بالكامل على حقل النفط العراقي الضخم إريدو الذي تتراوح احتياطاته بين 7 و10 مليارات برميل.
يأتي هذا في وقت تعمل فيه روسيا بالتحالف مع الصين على توسيع استثماراتهما في النفط العراقي والتضييق على نفوذ الشركات الغربية الآخذ في الانحسار ضمن إستراتيجية رسمية للحكومة العراقية وبإيعاز من إيران وبدعم منها أيضا.
ويعتبر الحقل أكبر اكتشاف نفطي في العراق خلال الأعوام العشرين الماضية، وهو جزء من مساحة الاستكشاف والتطوير في المربّع 10 الذي يقع في جنوب شرق العراق، على بعد حوالي 120 كيلومترا غرب طريق تصدير النفط الرئيسي من البصرة، وجنوب حقول النفط الضخمة في الناصرية وما حولها.
وتخطط روسيا كذلك للاستحواذ على حقل غاز عكاز العملاق والمنطقة المحيطة به غرب العراق وقبالة الحدود السورية، بما يمثله من موقع إستراتيجي، من الناحيتين الأمنية والاقتصادية، يساعدها على أن تكون في قلب الهلال الشيعي، وأن تتحكم في الطريق البري الرابط بين إيران والعراق وسوريا، الذي سيكون بوابة النفط الإيراني نحو أوروبا.
ويتماشى هذا الاستحواذ مع هدف موسكو وبكين المتمثل في إبقاء الغرب بعيدا عن صفقات الطاقة في العراق وتقريب بغداد إلى التفاهم الإيراني – السعودي الجديد.
وشهد الأسبوع الماضي موافقة وزارة النفط العراقية على بيع شركة إنبيكس (شركة النفط الرئيسية في اليابان) حصتها البالغة 40 في المئة بالمربّع 10 التي تشمل اكتشاف حقل إريدو، وهو ما يترك الطريق مفتوحا أمام السيطرة الكاملة لشركة لوك أويل الروسية على هذه المنطقة الغنية بالنفط.
وكانت لوك أويل تمتلك حصة 60 في المئة في المربّع 10، بينما تملك الشركة اليابانية النسبة المتبقية.
وشهد شهر مارس الماضي موافقة شركة نفط ذي قار، المملوكة للدولة العراقية، رسميا على تطوير احتياطيات المربّع 10، بما في ذلك كامل حقل إريدو.
ويوفر عقد المربّع 10، الذي مُنح إلى شركتي لوك أويل وإنبيكس خلال عام 2012 ضمن جولة التراخيص الرابعة في العراق، عائدات مرتفعة نسبيا؛ فبموجب شروط المناقصة يُفترض أن تحصل الشركة المنفذة على تعويض بقيمة 5.99 دولار عن كل برميل مكافئ من النفط ومنحة مالية تبلغ 25 مليون دولار، على الرغم من أن حقل إريدو لم يكن على الخارطة في تلك المرحلة.
وقالت وزارة النفط العراقية بعد بعض الاختبارات الأولية في 2021 إنها تتوقع ذروة إنتاج لا تقل عن 250 ألف برميل يوميا من إريدو بحلول 2027.
وفي ديسمبر 2021، أي إثر انسحاب الولايات المتحدة رسميا من العراق وإنهاء “مهمتها القتالية” فيه، بدا أن واشنطن كانت تعرف كيف تلاعبت الحكومات العراقية بها وما تخطط له روسيا والصين على المدى البعيد في البلاد.
وقالت دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي آنذاك، “من الواضح أن بعض الدول والشركاء سيرغبون في التحوط واختبار ما يستطيعون تأمينه من الولايات المتحدة من خلال اختبار التعاون الأعمق مع الصينيين أو الروس، خاصة في المجال الأمني والعسكري”.
ويشير الكاتب سايمون واتكينز إلى أن نهاية اللعبة كانت واضحة في العراق، وهي استيلاء روسيا الفعلي على صناعة النفط والغاز في إقليم كوردستان في الشمال.
ويضيف واتكينز في تقرير له بموقع أويل برايس أن روسيا والصين تتحركان الآن لتأمين هيمنتهما على بقية البلاد، وأن خروج إنبيكس من حقل إريدو الضخم يعد مثالا أحدث على إستراتيجيتهما الأوسع.
وتتعدد صفقات استكشاف الحقول وتطويرها باتفاق بغداد مع الشركات الروسية والصينية، ما يتيح للبلدين مجالا أوسع للاستفادة من مختلف البنود لتأسيس وجود جيوسياسي أمتن في جميع أنحاء العراق.
وشهد اجتماع مجلس الوزراء العراقي الأخير إجماعا على وجوب أن يُقدّم العراق دعمه الكامل لتنفيذ جميع جوانب “الاتفاقية الإطارية بين العراق والصين” واسعة النطاق الموقعة في ديسمبر 2021. وتشبه هذه الاتفاقية من حيث نطاقها وحجمها “اتفاقية التعاون الشامل بين إيران والصين لمدة 25 عاما”.
ويُمكّن الجزء الرئيسي من الاتفاقيتين الصين من حق الرفض الأولي لجميع مشاريع النفط والغاز والبتروكيماويات التي ستطرح في العراق طوال مدة الصفقة، ويمتّعها بتخفيض نسبته 30 في المئة -على الأقل- على جميع الموارد الطاقية التي تشتريها.
ويمكّن الجزء الآخر من الاتفاقية الإطارية بكين من بناء مصانع في مختلف أنحاء البلاد، مع ما يترتب على ذلك من بناء بنية تحتية داعمة. ويشمل ذلك -وهو أمر مهم بالنسبة إلى “مبادرة الحزام والطريق”- السكك الحديد وغيرها من الروابط اللوجستية ووسائل النقل، والتي يشرف على إدارتها موظفون من الشركات الصينية الموجودة في العراق.
ويُنتظر أن يتم إنجاز بنية السكك الحديد التحتية في العراق بعد الانتهاء من الشبكة في إيران، وقد انطلق المشروع بشكل جدي في أواخر 2020 بعقد كهربة خط السكة الحديد الرئيسي الذي يبلغ طوله 900 كيلومتر ويربط طهران بمدينة مشهد الشمالية الشرقية.
كما تشمل الخطط إنشاء خط قطار فائق السرعة بين طهران وقم وأصفهان وتوسيع هذه الشبكة المطورة حتى الشمال الغربي عبر تبريز التي تجمع العديد من المواقع الرئيسية المرتبطة بالنفط والغاز والبتروكيماويات، ونقطة انطلاق خط أنابيب الغاز تبريز – أنقرة المحوري لطريق الحرير الجديد الذي يبلغ طوله 2300 كيلومتر ويربط أورومتشي (عاصمة سنجان) بطهران، وسيربط كازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان وتركمانستان، قبل أن يصل إلى أوروبا عبر تركيا.
وترتبط هذه الخطط بتلك التي وضعتها روسيا والصين لتحويل منطقة العراق الجنوبية الشرقية (التي تشمل مركز تصدير النفط الرئيسي في البصرة) إلى تقاطع حقول النفط والغاز ومراكز النقل التي تسيطر عليها روسيا والصين. وشملت إحدى الصفقات الأساسية موافقة بغداد على ما يقارب تريليون دينار عراقي (700 مليون دولار) لمشاريع البنية التحتية في مدينة الزبير جنوب البصرة.
وقال محافظ المدينة وقت إبرام الصفقة، عباس الساعدي، إن مشاركة الصين الكبيرة في المشاريع كانت جزءا من اتفاقية “النفط مقابل الإعمار والاستثمار” ذات القاعدة العريضة التي تعدّ جزءا من اتفاقية “النفط مقابل المشاريع” التي وقّعتها بغداد وبكين في سبتمبر 2019.
وجاء الإعلان بعد فترة قصيرة من منْح بغداد عقدا كبيرا آخر لشركة صينية لبناء مطار مدني يعوّض القاعدة العسكرية في عاصمة محافظة ذي قار الجنوبية الغنية بالنفط. وتشمل منطقة ذي قار اثنين من أكبر حقول النفط المحتملة في العراق (الغراف والناصرية). وقالت الصين إنها تنوي إنهاء أشغال المطار بحلول 2024. وتقع هذه المنطقة أيضا شمال حقل نفط إريدو الضخم وشمال غربي البصرة.
ويشمل مشروع المطار إنشاء العديد من مباني الشحن والطرق التي تربط المطار بوسط المدينة وبالمناطق النفطية الرئيسية الأخرى في جنوب العراق. وستتبع هذا صفقة أخرى ستشمل شركات صينية لبناء مدينة الصدر (قرب بغداد) بكلفة تتراوح بين 7 و8 مليارات دولار، في إطار برنامج “النفط مقابل إعادة الإعمار والاستثمار”.
العرب
مشاهدة 277
|