English | Kurdî | کوردی  
 
في بلد استنزفته النزاعات... تعزيز الصحة النفسية بالعراق تحدٍ بعيد الأمد
2023-11-17 [12:58 PM]

ZNA- أربيل


وصلت رحلة بحث رغد قاسم عن معالج نفسي في بغداد إلى طريق ‏مسدود، فلجأت أخيراً إلى استشارات عبر الإنترنت. في بلد استنزفته ‏النزاعات، لا يزال الاهتمام بالصحة النفسية محدوداً والوصمة قائمة.‏

 

بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بنظرة المجتمع، تتكلّم الأرقام عن نفسها: ‏يوجد "عاملان في مجال الصحة النفسية لكل 100 ألف شخص" في بلد ‏يبلغ عدد سكانه 43 مليون نسمة، أي دون المعدّل العالمي بكثير، وفق ‏منظمة الصحة العالمية.‏

 

وترى رغد البالغة من العمر 34 عاماً والناشطة في مجال حقوق المرأة ‏أن ملف الصحة النفسية "مهمل" في العراق من السلطات المتعاقبة، ‏ولذلك "فالمجتمع غير مدرك له".‏

 

وتضيف رغد أنها وصلت "حتى الثلاثينات من العمر" لتبدأ بإدراك أهمية ‏الموضوع.‏

 

وتقول رغد "بدأت أتعرّف على أعراض الاكتئاب" خلال فترة الحظر ‏المرتبطة بوباء كوفيد وما رافقها من حملات توعية حول الصحة النفسية ‏على مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت قد فقدت عملها.‏

 

بعد ذلك، "حاولت أن أجد طبيباً في بغداد، لأنني أحب أن يكون الشخص ‏أمامي حين أتكلّم"، مضيفةً "سألت كثيراً، وأعرف أصدقاء راجعوا أطباء ‏نفسيين في بغداد، لكن عالجهم بالدواء، وأنا لا أحبّ أن أتناول الأدوية، قد ‏لا أكون بحاجة إليها".‏

 

بعدما فقدت الأمل من إيجاد معالج نفسي في بغداد، لجأت إلى معالجين ‏عبر الإنترنت، من بينهم معالجة نفسية لبنانية بدأت تكتشف معها خلفيات ‏الاكتئاب.‏

 

وتقول رغد "عرفت منها أن التراكمات ناجمة عن الحرب وفترة ‏الحرب... والخوف والقلق الذي شعرنا به في العام 2003 وما بعد ذلك"، ‏في إشارة إلى الغزو الأميركي للعراق الذي أطاح بصدام حسين، وتلته ‏مرحلة دامية في تاريخ العراق.‏

"وصمة" ‏

وأعادت الحرب المتواصلة منذ أكثر من أربعين يوما فين إسرائيل ‏وحركة حماس في قطاع غزة والتي أوقعت آلاف القتلى، إحياء الصدمات ‏النفسية، وهي حالة باتت شبه ملازمة للعراقيين.‏

 

فقد خلّفت عقود من النزاعات، ومن بينها الانتهاكات التي ارتكبها تنظيم ‏‏"داعش" في السنوات الأخيرة، صدمات وأمراضا نفسية عميقة، ولا تزال ‏الحاجة في مجال الصحة النفسية، كبيرةً جداً، فيما الاستجابة والقدرات ‏أدنى بكثير من التوقعات.‏

 

في بغداد، يستقبل مستشفى الرشاد التعليمي مرضى مصابين بأمراض ‏عقلية مزمنة وخطيرة مثل الانفصام بالشخصية. ويوفّر المستشفى خدمات ‏استشارية خارجية لأشخاص يعانون من الاكتئاب والقلق أو اضطراب ما ‏بعد الصدمة.‏

 

في أروقة المستشفى الذي تأسس في 1950، يسير معظم المرضى ‏بهدوء، وعلى وجوههم نظرات تائهة، منهم من يرقد هنا منذ عقود.‏

 

وكما يوجد نقص في الأطباء والمعالجين النفسيين عموماً في العراق، ‏تكمن المشكلة الأساسية بالنسبة للمستشفى في النقص في "القوة البشرية"، ‏كما يقول مديره فراس الكاظمي.‏

 

ويشرح الكاظمي لوكالة "فرانس برس": "نعاني شحاً في أطباء ‏الاختصاص، لدينا فقط 11 طبيباً نفسياً، بينهم أنا، مدير المستشفى"، فيما ‏عدد المرضى الموجودين 1425 مريضاً، ثلثان منهم رجال وثلث نساء، ‏تتراوح أعمارهم بين 18 و70 عاماً.‏

 

ويضيف "لا أعتقد أنه يوجد طبيب في العالم بعهدته 150 مريضاً لمدة ‏‏30 يوماً في الشهر و365 يوماً في السنة، هذا رقم ضخم جداً".‏

 

بالإضافة إلى ذلك، يعمل في المستشفى خمسة باحثين نفسيين فقط ‏كمعالجين نفسيين، يستقبلون المراجعين في غرفة صغيرة يتناوب عليها ‏ثلاثة منهم، وهو عدد قليل جداً إذا ما قورن بنحو مئة مراجع يزورون ‏المستشفى يومياً.‏

 

ويضمّ المستشفى قسماً تأهيلياً يمارس فيه المرضى هوايات مثل العلاج ‏بالمسرح والموسيقى والرسم.‏

 

في غرفة تضمّ منصّة وعدداً من المقاعد الحمراء، وقف ثلاثة رجال من ‏مرضى المستشفى، كبار في السنّ، يتدربون على مشهد مسرحي أعدّه لهم ‏مدربهم الذي كان رئيساً للقسم التأهيلي وتقاعد، مع ذلك يأتي لمدّ يد ‏المساعدة.

"أكثر قبولاً" ‏

على الرغم من ذلك، لحظ الكاظمي في الآونة الأخيرة "تزايداً بأعداد ‏المراجعين في العيادات الاستشارية". ويقول إنه في الماضي "كان الأمر ‏يعتبر محرجاً، أن يقول الشخص أنا عندي مشكلة نفسية"، لكن الموضوع ‏بدأ يصبح "أكثر قبولاً" في المجتمع.‏

 

في مركز منظّمة "أطباء بلا حدود" في بغداد، تقدّم جنباً إلى جنب مع ‏خدمات العلاج الفيزيائي، خدمات العلاج النفسي للمرضى.‏

 

بالنسبة للطبيبة النفسية زينب عبد الرزاق التي تعمل في المركز، ‏‏"وصمة" الطب النفسي موجودة في العراق كما في كلّ أنحاء العالم، ‏لكنها "في السنوات الأخيرة بدأت تتراجع... فالناس أصبح لديها نوعاً ما ‏تقبّل أكثر للطبّ والعلاج النفسي".‏

 

من بين مراجعي مركز "أطباء بلا حدود" من لم يكن يعرف ما هو ‏العلاج النفسي أساساً، مثل زينب عبد الوهاب البالغة من العمر 30 عاماً.‏

 

وتعاني الشابة من شلل الأطفال وتعرضّت لكسر في الحوض بعدما ‏سقطت، فجاءت إلى المركز لتلقي علاج فيزيائي، لكنها في الوقت نفسه ‏تعرّفت على العلاج النفسي بعدما مرّت بالكثير من التجارب الصعبة ‏كوفاة والدتها ومرض والدها.‏

 

وتقول "لم يكن لدي فكرة عن العلاج النفسي... تعرّفت على الأمر هنا، ‏لا يوجد علاج نفسي في العراق".‏

 

وتكمل الشابة "رأيت أن التجربة جميلة، ولاحظت تغيّراً جذرياً في ‏نفسيتي".‏

 

وتضيف "أدركت هنا أنه ليس فقط الشخص المجنون هو الذي يحتاج إلى ‏علاج نفسي... المجتمع يفهم الأمر بشكل خاطئ، هو فقط شخص تتكلّم ‏معه، تخبره عن يومك، وأشياء ربما لا ترغب في مشاركتها مع أشخاص ‏مقربين".‏





مشاهدة 220
 
 
معرض الفیدیو
أقوي رجل في العالم
لا تقتربوا من هذا الرجل العجوز
فيل صغير يصطاد العصافير
تصارع على الطعام
لاتضحك على احد لكي لا يضحكوا عليك
 
 

من نحن | ارشیف | اتصل بنا

جمیع الحقوق محفوظة وكالة أنباء زاگروس

Developed By: Omed Sherzad