ZNA- أربيل
كشفت وزارة الصناعة العراقية هذا الأسبوع عن خطط جديدة لتفعيل النشاط التسويقي ورفع كفاءة وجودة المنتجات المحلية أمام المستوردة، في محاولة من المسؤولين لإزالة العقبات والتحديات التي تواجه التنمية الصناعية.
وتأتي التحركات في وقت تعاني فيه الصناعة المحلية من ضعف شديد في الإنتاج، ولم ترق إلى مستوى التحديات التي يواجهها البلد النفطي العضو في منظمة أوبك في ظل التجاذبات السياسية والفساد.
وتعكف الحكومة منذ أشهر على دراسة كيفية إعادة إحياء نشاط العشرات من المصانع بكامل محافظات البلاد في قطاعات مختلفة مثل الإسمنت والأدوية والحديد والنسيج وغيرها، والتي لا يمارس معظمها أي نشاط منذ سنوات طويلة.
وترى بغداد أن الحل الأنسب اليوم لتجاوز هذه العقبة المزمنة بالنظر إلى عدم توفر الموارد اللازمة لتنفيذ الخطة هو جذب المستثمرين وعقد شراكات جديدة، وذلك من خلال الانفتاح على جميع الدول والبلدان العربية والإقليمية والأجنبية.
وساقت المتحدثة باسم وزارة الصناعة ضحى الجبوري بعض التحديات التي تواجه القطاع والتي تتضمن رفع مستوى التنافس بين المنتج المحلي والمستورد، إضافة إلى مشكلة ضعف الترابط بين السياسات التجارية والصناعية للبلد.
كما عرجت في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية على مشكلة عدم تفعيل القوانين التي تحمي الأسواق المحلية منها قانون حماية المستهلك وقانون المنافسة، مما أدى إلى عدم وجود محددات للمنتجات الداخلة إلى البلد وفقا للمواصفات القياسية.
وقالت الأربعاء الماضي إن معالجة كل المشكلات “تتطلب دراسات وخططا وبرامج على المستوى القريب والمتوسط والبعيد للقطاع الصناعي العام والمختلط والخاص”.
وأشارت إلى أن لدى الوزارة خطة لتفعيل النشاط التسويقي ورفع قدرة الشركات التنافسية أمام المنتجات المستوردة.
وبحسب الجبوري، سيتم تحقيق الهدف عبر “مواكبة التطور في تصميم المنتجات وتقديم منتج محلي ذي جودة عالية يكون ملبيا لطموح المستهلك مع التأكيد على الاهتمام بالتعبئة والتغليف والشكل النهائي للمنتج”.
ومع ذلك شددت على أنه “لا يمكن الجزم بعدم تأثير المنتج المحلي في السوق في ظل وجود منتجات خاضعة للمواصفات القياسية العراقية مثل الإسمنت والأسمدة والأدوية والمحولات الكهربائية”.
كما أن “أغلب منتجات وزارة الصناعة لا تسوق بشكل مباشر إلى المواطنين، وإنما تكون مكملة وساندة لقطاعات الدولة الأخرى مثل الكهرباء والزراعة والدفاع وغيرها”.
ويعاني الاقتصاد العراقي من الشلل منذ عقدين من الزمن بسبب سوء الإدارة، وباتت الموازنة تعاني من الإدمان المفرط على عوائد صادرات النفط، في تلبية حاجات البلاد من السلع والخدمات المستوردة من الخارج.
وترتبط معظم الأنشطة الصناعية المحلية في الوقت الحالي بصناعة النفط، حيث إن عمليات تكرير الخام وصناعة الأسمدة والصناعات الكيمياوية تعتبر من الصناعات الرئيسية في البلاد.
وتشكل إيرادات النفط والغاز قرابة 89 في المئة من الاقتصاد العراقي، بينما تقدر هذه النسبة 72 في المئة في ليبيا والبحرين و69 في المئة في السعودية و67 في المئة في الكويت و52 في المئة في الإمارات.
وتشير التقديرات إلى أن مساهمة قطاع الصناعة التي كانت تنافس أفضل المنتجات العالمية، تراجعت إلى اثنين في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كانت تبلغ حوالي 10 في المئة قبل الغزو الأميركي في 2003، رغم وطأة الحصار الدولي في ذلك الحين.
وساهمت عوامل كثيرة في تدهور الصناعة أبرزها تولي مناصب المسؤولية من قبل شخصيات لا تتسم بالكفاءة، بسبب المحاصصة الطائفية وتشجيع الطبقات السياسية على الاعتماد على الاستيراد لتمرير صفقات الفساد.
كما عمقت سياسة إغراق السوق بالسلع الأجنبية أزمات الإنتاج المحلي وازدهار عمليات غسيل الأموال وتهريبها واستنزاف العملة الصعبة.
وتسببت تلك الحالة في سقوط البلاد في أزمة اقتصادية خانقة بعد انحدار أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 قبل أن تعاود الصعود فوق حاجز المئة دولار بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية.
وتتضمن خطوة وزارة الصناعة إيجاد مقومات لرفع جودة المنتجات المصنعة لدى الشركات الحكومية من خلال إدخال خطوط إنتاج حديثة وذات تكنولوجيا متقدمة.
وعلاوة على ذلك تفعيل دور الترويج والإعلان من خلال الشبكات الاجتماعية والمنصات الإلكترونية والتسويق الرقمي للتواصل مباشرة مع المستهلكين، لما يمثله هذا المجال من سهولة وسرعة في إيصال المعلومة للفئة المستهدفة.
وقالت الجبوري إن “الخطة تتضمن أيضا إعداد دراسة سوق ميدانية للوقوف على رغبات المستهلك وأسباب توجهه لشراء بعض المنتجات المستوردة بدلا من المحلية، وتقديم منتجات ذات أسعار تنافسية من خلال إعادة احتساب الكلف الإنتاجية وفقا للعمالة الفعلية”.
ومن المتوقع أن يتم إدخال القطاع الخاص كشريك في عملية التصنيع من خلال الإدارة والتمويل عن طريق إبرام عقود المشاركة مع شركات القطاع العام.
وفي يوليو الماضي، كشفت وزارة الصناعة عن إستراتيجية تتألف من شقين وتضمنت إنشاء مدن صناعية في كل محافظة، إدراكا من المسؤولين بأهمية هذا المجال، بهدف تعزيز الإيرادات وتوفير فرص عمل للمواطنين.
وتحث هيئة المدن الصناعية الخطى من أجل استكمال خطة بدأتها قبل أكثر من عامين تتألف من شقين، الأول إكمال المدن الصناعية الثلاث في ذي قار والبصرة والأنبار من تأمين تكاليف الاستثمار المخصصة لذلك.
وفي نوفمبر 2020، أعلنت الوزارة أنها تعتزم إنشاء 9 مدن صناعية جديدة في محافظات الديوانية والمثنى وبابل وواسط والنجف وميسان وصلاح الدين وديالى وكربلاء بعد إكمال تحويل ملكية الأراضي، وأنها تعمل على إكمال تنفيذ أربع مدن أخرى.
وأعلنت بغداد في مارس الماضي عن استعدادها للبدء في أعمال تشييد أكبر منطقة صناعية على الخليج العربي في محاولة جديدة من الحكومة لتنشيط الاستثمار وتوفير فرص عمل للشباب.
ودخل البلد منذ أشهر في سباق مع الزمن لتحقيق الحياد الكربوني أسوة بما تفعله دول المنطقة العربية، وفي ظل تزايد الرهانات العالمية على الصناعات معدومة الكربون.
مشاهدة 367
|