ZNA- أربيل
يحاول العراق تشجيع شركات الطاقة الأميركية على معاضدة جهوده في الاستثمار بصناعة الغاز، ومساعدته على زيادة الإنتاج بسرعة لتحصيل المزيد من الإيرادات وفي الوقت ذاته تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذا المورد قبل أن يستفيد منه تجاريا.
ولوحظ خلال الفترة الماضية تسريع البلد من وتيرة تركيزه على تعزيز قدرات إنتاج الغاز لتنمية القطاع، الذي ظل بعيدا عن اهتمامات الحكومات المتعاقبة طيلة عقدين بسبب الإهمال والفساد رغم أنه مجال يدر مليارات الدولارات.
ومن المتوقع أن يساعد تكثيف إنتاج الغاز البلد العضو في منظمة أوبك على فطم نفسه عن واردات الغاز واستجرار الكهرباء من إيران، التي سيطرت منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 على مفاصل الدولة عبر سياسيين محسوبين عليها.
وفي تأكيد على ذلك كشف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ أنه سيجتمع مع عشرات الشركات الأميركية في إطار جهود تعزيز الاستثمار في صناعة الغاز.
وقال في المقابلة التي أجريت على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأربعاء الماضي “حكومتي جادة إزاء الاستثمار بالغاز وفي التحول إلى لاعب نشط وقوي في السوق”.
والتقى السوداني بشركات أميركية تعمل في إقليم كردستان العراق، وترغب في الانتقال إلى بقية المناطق في بلاده، كما أنه يعتزم مقابلة ممثلين عن 31 شركة أخرى.
وأشار إلى أن حكومته تطمح كذلك إلى استكمال الاتفاقيات مع الشركات الإماراتية والصينية، رغم رفضه إعطاء معلومات محددة بهذا الصدد.
وفي مايو الماضي قطع العراق خطوة في مسار طويل لتأمين احتياجاته من الغاز عبر تدشين منشأة للتسييل في محافظة البصرة بطاقة إنتاج تبلغ 200 مليون قدم مكعبة يوميا ستتضاعف قبل حلول العام المقبل.
ويرى محللون أن تحقيق العراق لهدف تطوير صناعة الغاز كما تفعل دول الشرق الأوسط، وفي مقدمتها قطر وإيران والإمارات والسعودية، سيتطلب المزيد من الاستقرار السياسي وتهيئة كافة الظروف وخاصة ما تعلق منها بتطوير مناخ الأعمال.
ويراقب المستثمرون تحركات بغداد التي صوبت أنظارها بكثافة إلى قطاع الغاز أملا في تطويره بالاستثمار الأمثل للطاقات الإنتاجية المتاحة بعد سنوات من التلكؤ والارتباك في إدارة هذه الصناعة المهمة.
وتؤكد تقديرات كثيرة أن احتياطات العراق المؤكدة من الغاز يمكن أن تتضاعف مرتين أو ثلاث مرات إذا تم مسح وتقدير جميع الحقول التي لم يتم إدراجها في التقديرات الحالية.
وقبل عامين وضعت شركة بي.بي البريطانية للطاقة العراق في المركز الرابع عربيا في احتياطات الغاز بواقع 124.6 تريليون قدم مكعبة، وهي تمثل 1.9 في المئة من الاحتياطات العالمية المؤكدة.
وتعكف السلطات منذ أشهر طويلة على تنفيذ خطة طموحة لتطوير حقول الغاز الشاسعة في البلاد بهدف إنتاج نحو 80 في المئة من الغاز محليا بحلول 2024، لتقليص الاستيراد وخاصة في أشهر الصيف، الذي يأتي معظمه من إيران لتشغيل محطات الكهرباء.
وتنوي بغداد إيقاف توريد الغاز بحلول عام 2027 بعد أن يتم استكمال مشاريع استثمار الغاز المصاحب من الحقول النفطية عقب التوقيع على عقود من شركة توتال إنيرجي الفرنسية وشركات صينية وسعودية وقطرية مؤخرا.
ولا يزال البلد، وهو ثاني منتجي منظمة أوبك بعد السعودية، يهدر منذ عقود ثروات هائلة من الغاز المصاحب لعمليات إنتاج النفط الخام، لأنه يفتقر إلى المرافق والمنشآت اللازمة لمعالجته وتحويله إلى وقود للاستهلاك المحلي أو التصدير.
ويحاول العراق تقليص اعتماده على إيران في الحصول على الغاز، وهو إجراء بات أكثر مشقة لأن العقوبات الأميركية القاسية على طهران تجعل عملية سداد مبالغ المشتريات صعبة. كما أنه ينفق مليارات الدولارات لزيادة إنتاجه من الغاز لتفادي انقطاع الإمدادات.
ويستورد العراق من إيران 20 مليون قدم مكعبة قياسية يوميا، فيما يتطلب توفير 70 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميا لتشغيل المحطات، إضافة إلى نحو 1300 ميغاواط من الكهرباء.
ورغم أن إنتاج البلاد من الغاز بالكاد يغطي الطلب المحلي المتنامي، إلا أن الحكومة وضعت لبنة أولى للاستثمار في الغاز المصاحب أثناء عمليات إنتاج النفط، وكذلك البدء في مشاريع لإنتاج الغاز الحر.
وشرعت وزارة النفط خلال العامين الماضيين في التعاقد لاستثمار غاز الناصرية بطاقة مئتي مليون قدم قياسية والبدء باستثمار غاز حقل الناصرية بطاقة 200 مليون قدم قياسية وحقل الحلفاية بمحافظة ميسان بطاقة 300 مليون قدم مكعبة يوميا.
كما انطلقت في استثمار حقل أرطاوي بمحافظة البصرة بطاقة 400 مليون قدم مكعبة يوميا ومشروع حقل غربي القرنة الثاني وعدد من الحقول الصغيرة يصل إنتاجها إلى 300 مليون قدم مكعبة يوميا.
وهنالك مشاريع واعدة وأهمها مشاريع تنفذها شركة غاز البصرة، وهي مشتركة بين شركة غاز الجنوب وشركتي شل وميتسوبيشي، وابتدأ العمل منذ أكثر من عامين لاستثمار ما يزيد على 200 مليون قدم مكعبة كمرحلة أولى و200 مليون أخرى كمرحلة ثانية.
وبالإضافة إلى ذلك سعت بغداد لاستثمار الغاز من الحقول الحدودية في الجانب الشرقي عبر جولة التراخيص الخامسة، والتي ستوفر ما لا يقل عن 800 مليون قدم مكعبة من هذا المورد الذي سيوجه إلى محطات الكهرباء العاملة بالغاز ويدعم الشبكة المحلية.
وثمة مشاريع أخرى في إطار تفعيل العقد الموقع مع توتال إنيرجي لاستثمار 600 مليون قدم مكعبة من الغاز، وستنفذ على مدى 5 سنوات، فضلا عن زيادة الإنتاج من حقل أرطاوي بمعدل 210 براميل يوميا.
ويتطلع المسؤولون أيضا إلى إحياء العمل في إنتاج الغاز الحر من حقول عكاز والمنصورية في محافظتي الأنبار وديالى، التي جرى التعاقد عليها مع شركات أجنبية والعمل على إعادة نشاط هذه الشركات إلى العمل.
وتوقفت تلك الحقول بسبب الظروف الأمنية في المحافظتين، وسط توقعات بأن تدخل هذه المشاريع بشكل تدريجي حيز التنفيذ بفترة لا تزيد عن ثلاث سنوات، مما يساعد العراق على الاستفادة من كافة الحقول المستهدفة.
مشاهدة 352
|