اربیل (zna) كشفت شبكة "سي أن أن" الأميركية أنه على مدار أشهر، سعى مئات الشباب في كوبا للقتال من أجل روسيا في حربها ضد أوكرانيا، مقابل وعود بأموال وجنسيات روسية.
ونقلت الشبكة عن والدة أحد الشباب الذين تم تجنيدهم قولها إن جهات تجنيد غامضة عبر الإنترنت وعدت العديد من الرجال في كوبا بالمال والجنسية الروسية مقابل المشاركة في أعمال الحرب، مستغلين فقر وعوز هؤلاء الشباب.
وتحكي السيدة للشبكة أن الأمر بدأ بعدما رأى ابنها منشورا على فيسبوك يبحث عن كوبيين للعمل كطهاة وعمال بناء في روسيا، ثم تواصلت امرأتان معه عبر تطبيق واتساب.
وأوضحت السيدة أنه في غضون أسبوع وقع ابنها عقدا للعمل على إصلاح البنية التحتية التي دمرتها الحرب، وتم إسال تذاكر الطيران له إلى موسكو.
ونقلت الشبكة عن والدة الشاب قولها إن ابنها سافر، في يوليو، إلى روسيا وبعد فترة وجيزة فوجئ أنه سيقف على الخطوط الأمامية للحرب ضد أوكرانيا.
الحرب الروسية على أوكرانيا مستمرة منذ نهاية فبراير الماضي
وأشارت السيدة إلى أن ابنها أخبرها على متن الطائرة أنه رأى عشرات من الشباب الآخرين في سن الخدمة العسكرية الذين تم تجنيدهم، بما في ذلك اثنان من أبناء عمومته البعيدين، يتجهون أيضا للمشاركة في حرب روسيا، وفقا لـ"سي أن أن".
وقالت والدة المجند إن الأوضاع الاقتصادية السيئة في كوبا هي التي دفعت الشباب لسلوك هذا الطريق. وأوضحت "سي أن أن" أن التدهور الاقتصادي في كوبا المتمثل في الانخفاض الحاد في السياحة، وارتفاع التضخم، وتجدد العقوبات الأميركية، وانقطاع التيار الكهربائي بالساعات جميعها عوامل تقف وراء انضمام الشباب الكوبي لروسيا.
الحرب الروسية على أوكرانيا مستمرة منذ نهاية فبراير الماضي
وتحكي والدة الشاب للشبكة أن ابنها في البداية أرسل لها أموالا، لكن بعد فترة قصيرة من وجوده على الجبهة أخبرها أنه يريد العودة بسبب الأهوال والضحايا والمخاطر التي رآها في الحرب.
لكن الشبكة أوضحت أن وضع هؤلاء المجندين الكوبيين أصبح معقدا حاليا، خاصة بعد إعلان المسؤولين الكوبيين، في سبتمبر الجاري، أنهم سيعاملون مواطنيهم الذين يقاتلون من أجل روسيا كمرتزقة غير شرعيين، وسيعاملون القائمين على التجنيد على الإنترنت كمتاجرين بالبشر.
وأعلنت الحكومة الكوبية، في 5 سبتمبر، أنها حددت "شبكة اتجار" روسية، تهدف إلى "تجنيد كوبيين للمشاركة في عمليات عسكرية بأوكرانيا"، لافتة إلى أنها "باشرت ملاحقات جنائية في حق الأشخاص المعنيين"، وفقا لوكالة "فرانس برس".
وقالت وزارة الخارجية الكوبية، في بيان، إن وزارة الداخلية "تعمل على شل شبكة الاتجار بالبشر وتفكيكها، والتي تعمل انطلاقا من روسيا، لإشراك مواطنين كوبيين يعيشون فيها وحتى البعض من كوبا، في القوات المسلحة المشاركة في العمليات العسكرية في أوكرانيا".
وأكد وزير الخارجية، برونو رودريغيس، في رسالة نشرت عبر منصة "إكس"، أن الحكومة الكوبية "تتحرك بموجب القانون" لمواجهة هذه العمليات.
وأشارت الوزارة إلى أنها باشرت "ملاحقات جنائية ضد أشخاص ضالعين في هذه النشاطات"، من دون أن تعطي أي تفاصيل أخرى.
كما شددت على "رفضها القاطع لنشاط المرتزقة"، مشيرة إلى أن كوبا "لا تشارك" في حرب أوكرانيا.
وترى "سي أن أن" أن التجنيد العلني هدد بعرقلة علاقات روسيا مع حليفتها السابقة في الحرب الباردة كوبا. ومنذ أن بدأت الحرب، ردد المسؤولون الكوبيون على نحو متزايد الدعاية الروسية القائلة بأن عدوان الناتو هو المسؤول عن غزو أوكرانيا. وأرسلت روسيا بدورها المزيد من شحنات النفط الخام إلى الجزيرة ووعدت بمزيد من الاستثمارات الأجنبية.
ومع ذلك، يبدو أن المسؤولين الكوبيين أظهروا بقوة أنهم يرفضون التورط بشكل مباشر في الحرب من خلال السماح لمواطنيهم بالخدمة في الجيش الروسي بموافقة صريحة من الدولة الكوبية.
محاولات تجنيد من دول أخرى
لا تعتبر كوبا هي الدولة الوحيدة التي سعت روسيا لتجنيد شبابها، بل سبقتها جارتها كازاخستان، إذ أشار تقرير لوكالة "رويترز"، في أغسطس الماضي، لانتشار إعلانات في على شاشات مستخدمي الإنترنت في كازاخستان تعرض مبلغا يزيد عن 5000 دولار تُدفع فورا مقابل الانضمام إلى الجيش الروسي.
ويظهر في الإعلانات، التي تستهدف مواطني كازاخستان، علما روسيا وكازاخستان والشعار "كتفا بكتف".
ويشير الإعلان إلى دفع مبلغ لمرة واحدة بقيمة 495 ألف روبل (5300 دولار) لمن يوقع عقدا مع الجيش الروسي، فضلا عن راتب شهري لا تقل قيمته عن 190 ألف روبل (2000 دولار)، ومزايا إضافية غير معلنة.
وبالضغط على الإعلان تُفتح نافذة موقع إلكتروني يوفر للمجندين المحتملين فرصة الانضمام إلى الجيش الروسي في منطقة سخالين في أقصى شرق روسيا.
ويذكر الموقع الإلكتروني أنه يتبع وكالة تنمية القوة البشرية في منطقة سخالين وهي منظمة أنشأتها الحكومة المحلية.
وكشف تقييم لوزارة الدفاع البريطانية، في سبتمبر الجاري، أن روسيا تناشد "متطوعين من دول مجاورة" لدعم قواتها في أوكرانيا، بعد خسائر فادحة "تكبدها الطرفان" في ساحة المعركة، وفقا لمجلة "نيوزويك".
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن روسيا "تناشد مواطني دول مجاورة بإعلانات تجنيد أفراد للقتال في أوكرانيا"، بما في ذلك كازاخستان وأرمينيا، منذ أواخر يونيو الماضي.
وذكر التقرير أن موسكو تجتذب ذوي الأصول الروسية في منطقة كوستاناي شمالي كازخستان، وفي أرمينيا، حيث تقدم أكثر من 5 آلاف دولار كدفعات أولية ورواتب شهرية تبدأ من نحو ألفي دولار، حسب وزارة الدفاع البريطانية التي تقدم تقييماتها للحرب بشكل دوري.
وأوضح تقرير الدفاع البريطاني أنه منذ مايو 2023 على الأقل، تواصلت روسيا مع المهاجرين من آسيا الوسطى للقتال في أوكرانيا، مع وعود بالحصول على الجنسية سريعا.
وأشار إلى أنه هناك ما لا يقل عن 6 ملايين مهاجر من آسيا الوسطى في روسيا، ومن المرجح أن الكرملين يعتبرهم مجندين محتملين.
وأصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في سبتمبر ٢٠٢٢، مرسوما يقضي بمنح جنسية الدولة للأجانب الذين يتطوعون للقتال إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا، وفي الوقت ذاته يفرض عقوبات مشددة على أي عسكري يرفض الالتحاق بالحرب أو يفر من الميدان، وفقا لوكالة "فرانس برس".
وأفاد الكرملين بأن بوتين وقع أيضا قانونا يسهل منح الجنسية الروسية للأجانب الذين يقاتلون في صفوف الجيش لفترة لا تقل عن عام.
ونص هذا القانون الذي صدر في الجريدة الرسمية على أن الأجانب الذين ينضمون إلى الجيش لفترة لا تقل عن عام يمكنهم طلب الحصول على الجنسية، دون أن يضطروا إلى إثبات إقامتهم على الأراضي الروسية لـ5 أعوام.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن هذا الإجراء موجه خصوصا "إلى المهاجرين المنحدرين من الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى، والذين يمارسون في المدن الكبيرة على غرار موسكو مهنا شاقة جدا".
مشاهدة 451
|