ZNA- أربيل
تحاول الولايات المتحدة استعادة ثقة حلفائها الخليجيين بإرسال 3 آلاف جندي من المارينز إلى المنطقة، لتأكيد أنها مازالت ملتزمة بأمن الخليج، بالتزامن مع توجه كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين للاقتراب أكثر من الصين وروسيا، عبر تقديم طلبات رسمية للانضمام إلى مجموعة بريكس.
وفي السابع من أغسطس الجاري، أعلن الأسطول الخامس الأميركي وصول أكثر من ثلاثة آلاف بحار أميركي إلى الشرق الأوسط في إطار خطة لتعزيز التواجد العسكري في المنطقة، و”ردع إيران عن احتجاز السفن وناقلات النفط”.
وتأتي الخطوة الأميركية بعد أكثر من خمسة أشهر على انسحاب الإمارات من “تحالف القوة البحرية الموحدة”، الذي تقوده الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والذي أعلنت عنه أبوظبي رسميا في الحادي والثلاثين من مايو الماضي. وجاء الإعلان عن الانسحاب مفاجئا، خاصة وأنه جرى تنفيذه قبل ذلك بشهرين، وعكس رغبة الإمارات في الضغط على الولايات المتحدة لتكون أكثر حزما مع إيران، إثر احتجازها ناقلتي نفط في خليج عمان.
وبعد يومين على إعلان واشنطن وصول جنودها المارينز إلى الشرق الأوسط، انطلقت أول مناورات عسكرية جوية إماراتية – صينية، لم تحدد وزارة الدفاع الإماراتية مكانها ولا مدتها، ولكنها تعكس تطور التعاون العسكري بين البلدين، والذي أصبح يقلق الولايات المتحدة. وتسعى أبوظبي من خلال هذه الخطوة للفت انتباه واشنطن إلى أنها جادة في تنويع شركائها الأمنيين، حتى ولو كانت الأخيرة تعتبرهم أكبر تهديد لهيمنتها العالمية.
فقبل عامين، نشرت وول ستريت جورنال مقالا يتحدث عن إنشاء الصين قاعدة عسكرية بالقرب من ميناء خليفة في أبوظبي، ما أثار حفيظة واشنطن التي تحركت سريعا لعرقلة المشروع، إلا أن المخابرات الأميركية لاحظت في ديسمبر 2022 استئناف البناء في المشروع، وفق صحيفة واشنطن بوست. وهذا الوضع يؤشر على رغبة صينية في التغلغل “عسكريا” في منطقة الخليج بشكل تدريجي لا يثير ردة فعل أميركية قاسية.
وتوجه الإمارات رسالة تحذير ضمنية إلى واشنطن بأنها يمكن أن تستبدل شراكتها الأمنية بالتحالف مع الصين، إن لم تلتزم فعليا بأمن الخليج، خاصة مع تصاعد النفوذ الإيراني في مضيق هرمز، وجرأته على السفن التجارية خاصة تلك المتوجه من وإلى الموانئ الإماراتية، ما يهدد تحولها إلى مركز عالمي لإعادة التصدير، ونقطة ربط بين أسواق العالم.
وأحد الأسباب الرئيسية لانضمام السعودية إلى منظمة شنغهاي، بقيادة الصين وروسيا، كشريك حوار، وتقديمها طلبا رسميا للانضمام إلى مجموعة بريكس، وتوقيعها اتفاقا مع إيران برعاية صينية، تخاذل واشنطن في ردع إيران، وأذرعها في المنطقة وعلى رأسها جماعة الحوثي في اليمن، خاصة بعد استهداف منشآتها النفطية في 2022، دون رد أميركي حازم.
لكن رغم الجفاء بين الرياض وواشنطن، إلا أن الأخيرة كثفت من تحركاتها الدبلوماسية تجاه الرياض في الأشهر الأخيرة، وبدأت تتكشف بعض الخطوط العريضة لخطة الولايات المتحدة بشأن الشرق الأوسط، قبيل الانتخابات الأميركية المقررة في نوفمبر 2024.
فالخطة الأميركية تقوم على جر السعودية نحو التطبيع مع إسرائيل، باعتبارها دولة سنية تحتضن المقدسات الإسلامية، وإبعادها عن التحالف مع الصين، مقابل التوقيع على اتفاقية أمنية معها، ومساعدتها على بناء مشروع نووي مدني. فليس من المستبعد أن يكون إرسال هذا العدد الكبير من جنود البحرية الأميركية إلى الخليج من أجل استعادة واشنطن نفوذها في المنطقة، ومنع الصين من ملء الفراغ الأميركي بعد تراجعها في السنوات الأخيرة.
فتحالف أكبر دولة مصدرة للنفط مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم يعتبر كارثة بالنسبة لزعامة الولايات المتحدة على العالم، خاصة إذا تم تسعير النفط السعودي باليوان الصيني. وتصاعد تعرض سفن شحن تجارية للاحتجاز أو المضايقة من جانب إيران في الأشهر القليلة الماضية بمضيق هرمز، الذي يربط بين خليج عمان والخليج العربي، أصبح مصدر قلق لواشنطن.
وإرسال الآلاف من جنود البحرية الأميركية إلى الشرق الأوسط، يأتي في سياق رغبة واشنطن في ردع التهديدات الإيرانية، ومحاولة فرض سيطرتها على مضيق هرمز. ففي الثامن عشر من يوليو الماضي، أعلنت واشنطن إرسال مقاتلات إضافية من طرازي أف - 35 وأف - 16، إلى جانب بارجة حربية إلى الشرق الأوسط، في محاولة لمراقبة الممرات المائية الرئيسية في المنطقة.
كما أن اقتراب موعد الحملة الانتخابية للرئاسيات الأميركية يدفع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى استعراض قوته وحزمه أمام التهديدات التي تواجهها بلاده وحلفاؤها. فحماية الملاحة البحرية خاصة في المضائق والممرات الدولية تشكل أهمية بالغة للولايات المتحدة، ورمزا من رموز زعامتها العالمية.
مشاهدة 352
|