ZNA- أربيل
عمل موسى الزبيدي، 40 عاما، ميكانيكيا للسيارات في الحي الصناعي بمنطقة البياع، جنوبي بغداد، لما يقرب من 25 عاما، قبل أن ينهار وسط محله، قبل أيام، متأثرا بالإجهاد الناتج عن ازدياد ضربات القلب بسبب الحرارة الشديدة.
كانت أشهر الصيف الحارة تمثل بالنسبة له إزعاجا كبيرا، لكنها لم تمنعه من العمل إلا هذا العام.
يقول الزبيدي إنه سمع عن أعراض مماثلة لدى العديد من زملائه، في الحي الذي يعمل فيه قرابة 1250 ميكانيكيا ويزوره يوميا آلاف الزبائن.
ويشير الزبيدي إلى حالات مماثلة لحالته في أوساط العمال الذين يقضون ساعات طويلة في محلات غير مكيفة بسبب انقطاع الكهرباء، ودرجات حرارة عالية.
"عصر الغليان"
وقال المتحدّث باسم دائرة الأنواء الجوية العراقية عامر الجابري لفرانس برس، الاثنين، إن درجات الحرارة بلغت في العاصمة بغداد خمسين درجة مئوية الأحد، متوقعا أن تبلغ الاثنين 50 كذلك، متحدثا عن "موجة حرارة".
وتقول الأمم المتحدة إن العراق واحد من الدول الخمس في العالم الأكثر تأثرا بآثار تغير المناخ.
وألقى ذلك بثقله على حركة السكان، فيما قلّصت بعض المحافظات العراقية لاسيما في الجنوب، مثل ذي قار، الدوام الرسمي للموظفين.
وفي زيارة إلى العراق الأسبوع الماضي، حذّر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك من أن ما يشهده العراق من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة هو بمثابة "إنذار" للعالم أجمع، وفقا لفرانس برس.
واستعاد تورك تعبيراً استخدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الشهر الماضي، حيث قال إن العالم قد دخل في "عصر الغليان"، مضيفاً أنه "هنا (في العراق)، نعيش ذلك، ونراه كلّ يوم".
وتوقّع المسؤول أن تنخفض درجات الحرارة قليلاً في الأيام المقبلة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الحرارة ستبقى مرتفعة في العراق حتى نهاية شهر سبتمبر.
وفي هذا البلد الغني بالنفط، يعاني قطاع الكهرباء من التهالك، ولا يوفر سوى ساعات قليلة من التيار خلال اليوم. ويلجأ البعض إلى المولدات الكهربائية، لكن ذلك يكلّف نحو 100 دولار في الشهر لكل أسرة، وقد لا يكون متوفرا للجميع.
ويقول الخبير الاقتصادي علي المعموري لموقع "الحرة" أن موجات الحرارة والجفاف التي تضرب العراق باستمرار دمرت القطاع الزراعي وتسببت بأضرار كبيرة للقطاعات الأخرى.
ويضيف المعموري أن "قطاع البناء والإسكان تضرر كثيرا، فيما ارتفعت أسعار الخدمات بسبب ارتفاع الحرارة، ويؤدي الطلب الزائد على الكهرباء الشحيحة أساسا إلى أضرار كبيرة بقطاع الاقتصاد".
ويشبه المعموري أسواق بغداد ومراكزها التجارية في موسم الحر بـ"التجمعات الميتة" حيث ينخفض التبادل التجاري بمستويات كبيرة.
ويحذر المعموري من أن استمرار الأوضاع بهذه الطريقة قد يجعل البلاد "غير صالحة للحياة" خلال مواسم الصيف الطويلة التي تمتد أحيانا لستة أشهر.
خطر الموت
وطوال الأسبوع الماضي، سجلت العاصمة العراقية بغداد أعلى درجات حرارة لمدينة في العالم، وفقا لموقع Time And Date المتخصص بتسجيل الطقس.
وسجلت تسع مدن عراقية في قائمة أكثر 10 مدن حرارة في العالم، بينما كانت 13 مدينة عراقية في قائمة أكثر 15 مدينة حرارة في العالم، التي يعدها موقع Eldorado Weather.
وسجلت بغداد، الأحد، 40 درجة مئوية في الساعة 12 ليلا، أي أنها أكثر حرارة من مدن أخرى سجلت درجات أقل، في منتصف الظهر، وفقا للموقع.
أما في الظهيرة، فقد سجلت بغداد 51 درجة مئوية، وهي الدرجة التي يحذر فيها الأطباء من العمل تحت أشعة الشمس، بحسب فرانس برس.
ولا تصدر وزارة الصحة احصاءات بشأن الحالات المرضية المرتبطة بزيادة درجات الحرارة، لكن الدكتور عزيز يقول إن "جميع الأطباء العاملين في المستشفيات يتحدثون عن زيادة كبيرة في المراجعات الطبية خلال مواسم الحر".
السياحة تضررت أيضا
يقول مدير الموارد المائية في محافظة الأنبار، جمال سمير، لفرانس برس إن بحيرة الحبانية "تحتوي الآن على 500 مليون متر مكعب من المياه" فقط، مقابل "قدرة استيعابية قصوى هي 3,3 مليار متر مكعب"، مضيفا أنه قبل ثلاثة أعوام فقط "كانت البحيرة ممتلئة إلى حدها الأقصى".
وفي حديقة الحيوان الأكبر في العراق، التي تقع في منتزه الزوراء في بغداد، يحذر المختصون من نفوق الحيوانات المميزة التي تعتبر واجهة جذب سياحي مهمة، وفقا للوكالة.
وتمتلك الحديقة نمورا سيبيرية تعيش في العادة في أقصى شرق روسيا، حيث تنخفض الحرارة إلى 20 درجة تحت الصفر، مقارنة بـ50 درجة سجلتها بغداد، الاثنين.
ويعيش في الحديقة نحو 900 نوع من الطيور، بما في ذلك الأسود والطيور الغريبة والدببة والقرود.
وفي محاولة لخفض درجة الحرارة، تم تركيب مبردات الهواء أمام أقفاص الأسد ، ويتم توفير حمامات سباحة للدببة والنمور.
ولم تشهد حديقة بغداد تجديدات كبيرة منذ 1970، وفي ظل هذه الظروف تقول إدارتها لفرانس برس إن عمر حيواناتها "أقصر مقارنة بحدائق الحيوان الأخرى".
وقال الطبيب البيطري في الحديقة للوكالة إن حديقة الحيوان فقدت دببة وأسودا وطيورا في السنوات الأخيرة، بعضها بسبب ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ.
وتواجه البلاد حاليا عامها الرابع على التوالي من الجفاف.
كما أن الزوار يحجمون عن زيارة الحديقة في هذه الأجواء الحارة، مما يخفض وارداتها بشكل كبير.
مشاهدة 361
|