English | Kurdî | کوردی  
 
يكذبون.. وما زالوا يكذبون... سمير داود حنوش
2023-08-04 [10:18 AM]


“إنهم كذّابون، ويعلمون أنهم كذّابون، ويعلمون أننا نعلم أنهم كذّابون، ومع ذلك فهم يكذبون بأعلى صوت” (نجيب محفوظ).

 

رجل دين معمّم يرتقي المنبر ليتحدث عن الزُهد بقوله “يا إخوان النستلة ليست ضرورية، قلصوا المصاريف”. رجل الدين هذا جاء إلى الجامع بموكب من السيارات المظللة تحيط به الحمايات والحرس الخاص. زعيم معمّم آخر يملك أحياء بأكملها في بغداد يتحدث في مقابلة تلفزيونية أنه لا يمتلك عقاراً باسمه وأنه مدين ببعض المال، رغم كمية الاحتقار والاستهزاء بعقول الناس تسوقها شخصيات تسرد حقيقة تاريخنا السياسي الحديث (المشوّه) إلا أن الأمر لا يخلو من طرفة ومحاولات الضحك على ذقون السُذج والبسطاء الذين يصدقون تلك الترهات.

 

مقياس نجاح السياسي هو إتقان فن الكذب إلى درجة تنافس البضائع فيما بينها بين الكذب الجيد والرديء.

 

بارعون في بيع الوهم لكل نفس ذائقة الإحباط والمعاناة بعد أن أوصلوا الجماهير إلى اليأس المحبط، يجعلون من أكاذيبهم الترياق لتضميد المآسي حتى وإن كان بشكل مؤقت، لكن المصيبة أن التمادي في الكذب إلى درجة التُخمة دائماً ما يكشف أوراقهم أو عوراتهم أمام الجمهور.

 

يقول أبراهام لينكولن “تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت أو بعض الناس كل الوقت، ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت”.

 

من لحظات الفكاهة التي أطل بها علينا وزير الكهرباء الأسبق حسين الشهرستاني في حكومة المالكي الثانية من شهر أبريل 2012 عندما صرح “أننا نأمل أن يصل إجمالي الإنتاج من الطاقة في عام 2013 إلى نحو 20000 ميغاواط، وبهذا سيكون بمقدور العراق تلبية حاجة البلد من الطاقة بالكامل، ونسعى إلى تصدير الفائض إلى الدول المجاورة”.

 

بعد مرور أكثر من عشر سنوات على النكتة السخيفة لازال العراقيون يتندرون بحكايات الشهرستاني كلما طال عليهم موسم انطفاء الكهرباء في وسط حر قائظ تتجاوز درجة حرارته نصف درجة الغليان دون حلول لأزمة الكهرباء التي يتندر المواطن بتسميتها (الوطنية).

 

كثيراً ما تفيض قرائح السياسيين بحكايا وقصص لا عين رأت ولا أُذن سمعت.

 

سِجّل الفكاهة لا ينسى تصريحات أمين بغداد الأسبق نعيم عبعوب عندما اتهم جهات خارجية وداخلية بإلقائها صخرة تزن 150 كيلوغراما في شبكات الصرف الصحي ما تسبب في إغلاقها، كان تبرير عبعوب لفشل دائرته في إيجاد حلول لانسداد شبكات الصرف الصحي وغرق الناس.

 

ما يثير الحزن أن نعترف أننا مُسيّرون من قبل جماعة لا تجيد من السياسة سوى فن الكذب والعبث بمستقبل الأمة حين أخذ الكذب تموضعه في زمننا السياسي إلى درجة الولع به.

 

سباق محموم نحو من يعتلي المنصة ليكذب أكثر لدرجة الفظاظة دون حياء أو خجل مع سبق الإصرار، حتى أننا نستسلم لكذبهم، ونتمنّى لو نصدقهم، يؤمنون بمقولة غوبلز وزير الدعاية الألماني الذي قال “اكذب ثم اكذب حتى يُصدقك الناس”. لكن المصيبة أنهم استمروا بالكذب إلى درجة أنهم باتوا يصدقون أنفسهم.

 

عالم الوهم المليء بالأكاذيب التي يحاولون من خلالها اليوم تزيين واقع مزر لا يعدو كونه زوبعة ستنقشع أو غيمة عابرة ستكشف ما فوقها، بالنهاية لن يصح إلا الصحيح وكما يقول سفوكلس “الكذبة لا تعيش حتى تصبح عجوزاً”.





مشاهدة 442
 
 
معرض الفیدیو
أقوي رجل في العالم
لا تقتربوا من هذا الرجل العجوز
فيل صغير يصطاد العصافير
تصارع على الطعام
لاتضحك على احد لكي لا يضحكوا عليك
 
 

من نحن | ارشیف | اتصل بنا

جمیع الحقوق محفوظة وكالة أنباء زاگروس

Developed By: Omed Sherzad