ZNA- أربيل
كان من المؤمّل بعد سقوط النظام البائد في سنة( 2003م) بناءُ عراقٍ ديمقراطي اتحادي يؤمن بثقافة المواطنة، واحترام التعددية القومية، والدينية، والمذهبية، والثقافية، والسياسية، إلا أن بعد ذلك انتشر خطاب الكراهية شيئًا فشيئًا من خلال الأحزاب السياسية، وأذرعها من القنوات الفضائية، والجيوش الإلكترونية، ومنصات التواصل الاجتماعي التي تغذي تلك الأفكار المسمومة التي أحدثت شرخًا كبيرًا بين مكونات المجتمع العراقي، فلو أن تلك الأموال التي خُصِّصت لإنتاج خطابات الكراهية صرفت على الواقع المزري لمكونات المجتمع، وقرّبت وجهات النظر بين المختلفين من خلال مشروع مصالحة وطنية حقيقية بعقد الندوات، والجلسات، والمؤتمرات، ووضع مناهج دراسية تُدرَّس فيها ثقافة التعايش، واحترام الديانات، ومكافحة خطابات الكراهية، ومحاسبة المُروّجين لتلك الخطابات لكان الوضع السياسي مختلفًا بعيدًا عن الشعارات البرّاقة .
وقد ساهمت خطابات الكراهية بانقسام المجتمع سياسيًا، واجتماعيًا، ودينيًا، ومناطقيًا في العراق من بعد سنة(2003م)؛ نتيجة لتلك الخطابات التحريضية، وكان لتلك الخطابات دور كبير في إحداث الفتن في المجتمع، وساعدت على الفتنة الطائفية في سنتي (2006-2007م)، وذهب ضحية تلك الخطابات الألوف من المواطنين الأبرياء الذين قتلوا على الهوية القومية، والمذهبية، والدينية، وربما كان القتل على المذهب متصدرًا على القائمة من دون وجود رادع حازم من قبل الحكومة لمحاسبة الجناة، وتقديمهم إلى العدالة، ولايمكن إلصاق تهمة الإرهاب بمذهب دون آخر فالإرهاب لايفرق بين الديانات، أو المذاهب أو القوميات، وعلى إثر ذلك ظهرت الجماعات الإرهابية في العراق ابتداءً بجماعة(التوحيد والجهاد) حتى تنظيم(الدولة الإسلامية)الإرهابية، ثُمَّ الميليشيات الولائية جميعهم ساهموا بعمليات التطهير العرقي، والديني، والمذهبي في كثير من المناطق العربية السنية، والمناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان المعروفة بالدستور العراقي المادة (140) .
إنَّ مسؤولية مكافحة خطاب الكراهية تقع على عاتق الحكومة، والسلطة القضائية، والأجهزة الأمنية للحدِّ من هذه الظاهرة المستفحلة في المجتمع عبر القنوات الفضائية، ومنصات التواصل الاجتماعي الذين يمتلكون حسابات بأسماء مستعارة من خلال الجيوش الإلكترونية، فضلًا عن شخصيات إعلامية، وسياسية، ومحللين الذين يُحرِّضون، ويُروِّجون لخطابات الكراهية، وبعض الجهات السياسية تلعبُ على الوتير الحسَّاس لاستثمار خطابات الكراهية قُبيل الانتخابات من أجل كسب الشارع، ودغدغة مشاعرهم المذهبية، والقومية، والدينية.
إنَّ إنتاج خطاب الكراهية يُسبِّبُ شرخًا كبيرًا في البنية الاجتماعية يومًا بعد يوم، ويُهدِّد ثقافة التعايش بين مكونات المجتمع المبني على التعددية القومية، والدينية، والمذهبية، والسياسية، والجهات التي تعمل على إنتاج خطاب الكراهية هي الجهات المستفيدة لزعزعة الأوضاع في البلد، والمحافظة على مكتسابتهم الشخصية، والفئوية، والحزبية، وعدم الاهتمام بالمواطن، وحقوقه المشروعة .
وكثيرًا من تلك الخطابات مبنية على معلومات غير دقيقة، وعارية عن الصحة من أجل تضليل الرأي العام، ونشر أخبار مزيفة، والترويج لأكاذيب عبر جيوشهم الإلكترونية، وعمليات تسقيطية لشخصيات وطنية، وقادة سياسيين لهم ثقلهم في العملية السياسية.
ويمكن عدّ إفرازات إنتاج خطاب الكراهية نابع من عدم وجود هوية وطنية موحدة جامعة بين مكونات المجتمع العراقي منذ تأسيسه في عشرينيات القرن المنصرم حتى الآن !
وبرؤية استشرافية مستقبلية في حال الاستمرار بإنتاج خطابات الكراهية من قبل بعض الجهات السياسية، وعدم مكافحتها لتلك الخطابات فستكون هناك نتائج سلبية على العملية السياسية بِرُمّتها في العراق، وتنقطع أواصر التواصل، وجسور الثقة بين السياسيين من جهة، وبين الحكومة، والمواطنين من جهة أخرى، فليس من المعقول أن أوقع اتفاقًا سياسيًا معك، فتقوم بخرق الاتفاق في كل مرة، وتتنصّل من المسؤولية، وتطعنني من الخلف وتحرِّض ضدّي إعلاميًا!
مشاهدة 1048
|