ZNA- أربيل
تقترب قطر من تحقيق حلم إيصال غازها إلى أوروبا عبر طريق العراق، بعدما كانت سوريا الهدف الرئيسي السابق قبل أن تندلع الحرب الأهلية فيها وتتورط الدوحة بالمشاركة الفعلية في فصولها بدعم مجموعات إسلامية مسلحة.
وتزايد الحديث في العراق عن مشاريع مد خطوط الغاز منذ الزيارة التي قام بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى بغداد. ويقول مسؤولون في وزارة النفط العراقية إن الأبحاث المتعلقة بمد أنابيب الغاز توصلت إلى أن العراق يمتلك الإمكانيات المادية والفنية للبدء بالتنفيذ في أسرع وقت.
ويشكل خط الغاز القطري بديلا يُغني أوروبا عن الحاجة إلى الغاز الروسي في المستقبل، وهو ما يؤكد أن الأوروبيين حسموا أمرهم باتجاه عدم المراهنة على روسيا، كما أن قطر رتبت أوراق الصفقة مع الاتحاد الأوروبي لكي يتم استقبال غازها عبر الخطوط التركية.
وقال عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية في البرلمان العراقي ضرغام المالكي إنَّ “العراق الآن يحتل مراكز الصدارة بالإمكانيات الخاصة بالإنشاء والبناء والربط، خصوصا مع الطاقات والوفرة المالية التي يمتلكها”.
وأضاف في تصريحات محلية أنَّ “جميع الدول التي تتبنى مشاريع كهذه تستعين بشركات عالمية مختصة في هذا المجال”، مشيرا إلى أنَّ “معظم الدول التي تتمتع بالازدهار الاقتصادي الآن بنتها دول وشركات ذات خبرة، والعراق بإمكانه الاستعانة بالشركات لإنشاء أيِّ مشروع سواء نقل الغاز أو غيره من المشاريع الاقتصادية”.
ويقول مراقبون إن خط الغاز القطري من المرجح أن يكون هو المرحلة الأولى، والأكثر أهمية من ناحية توفر الموارد، لمشروع “طريق التنمية” الذي يأمل العراق أن ينجزه لكي يربط موانئ البصرة بميناء جيهان في تركيا عبر بناء خطوط متوازية للنقل البري والسكك الحديد، وخطوط النفط والغاز. وهو ما يجعل الطريق مصدرا ضخما لعائدات “الترانسيت”، كما أنه يوفر الكثير من التكاليف على الناقلات البحرية التي تحتاج إلى المرور عبر قناة السويس، ويكفل إيصال البضائع والصادرات إلى شبكة المواصلات الأوروبية مباشرة.
وقالت رئيسة لجنة النقل والاتصالات في البرلمان العراقي زهرة البجاري إنَّ “مشروع ‘طريق التنمية’ تتبناه الآن شركة استشارية مختصة تدرس الجدوى الاقتصادية والأمور التنموية التي تُبنى مع الطريق، ومن المؤكد أنَّ موضوع نقل الغاز سيكون أحدها”.
وذكرت “أنَّ الإمكانيات والمساحة موجودتان لأنَّ الطريق سيضم مدناً صناعية وسكنية وجملة أمور مختلفة، وأنَّ وزارة النفط ستكون لها حصة من هذا الطريق”.
وتسعى قطر لنقل غازها إلى موانئ البصرة عن طريق ناقلاتها الضخمة، ليتم من هناك تحويلها إلى أنابيب الغاز عبر العراق. وتريد الدوحة بذلك أن تتحاشى بناء خط أنابيب بري يمر عبر السعودية قبل أن يتماسّ مع أنابيب العراق.
ويشكل الشروع الوشيك في وضع الخطط المتعلقة بالبنية التحتية إحدى أول ثمار الاتفاقات التي وقعها العراق مع قطر أثناء زيارة الشيخ تميم إلى بغداد في 14 يونيو الماضي.
وكانت شركة “قطر للطاقة” وقعت في أبريل الماضي اتفاقا على المشاركة بحصة (تبلغ نسبتها 25 في المئة) في مشروع نمو الغاز المتكامل (GGIP) بالتعاون مع مجموعة توتال إنرجيز الفرنسية. ويهدف المشروع إلى تطوير الاستثمار في الغاز العراقي وتحسين التغذية الكهربائية.
وفي نهاية مايو الماضي شاركت قطر، إلى جانب العديد من دول المنطقة، في مؤتمر أعلن فيه العراق عن مشروع “طريق التنمية” الضخم الذي تبلغ كلفته نحو 17 مليار دولار وبطول 1200 كيلومتر داخل العراق.
وتستفيد قطر في تسهيل البدء بتنفيذ المشروع من علاقتها الوطيدة بإيران، إذ من المنتظر أن تحظى بعض شركاتها بعقود لتنفيذ جانب من أشغال البنية التحتية لخط الغاز. كما تستفيد أيضا من علاقتها الوطيدة بأنقرة، ما يوفر آليات تيسير وتسهيلات لكي يتحول الخط إلى حقيقة في غضون مدة قد لا تتجاوز الثلاث سنوات.
وكان المسؤولون العراقيون أعلنوا خلال زيارة الشيخ تميم عن مشاريع في مجالات الكهرباء والتشييد، والتوصل إلى اتفاق لإنشاء شركة نفط مشتركة وبناء مصفاة للتكرير، فضلاً عن اتفاقات بشأن توريد النفط الخام والغاز المسال إلى العراق.
وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال مؤتمر صحفي مشترك مع أمير قطر إن “دولة قطر ستبقى واحدة من أقوى حلفائنا وشركائنا في المنطقة، وإنه تم بحث الفرص الاقتصادية المتاحة والعمل الذي يمكن أن تضطلع به الشركات القطرية في إطار مشاريعنا في الإعمار والخدمات ومشاريع البنية التحتية”.
من جهته أعلن الشيخ تميم أنه “تم التوقيع على عدد من الاتفاقات مع القطاع الخاص في قطر شملت مجالات مهمة وحيوية كالطاقة والكهرباء وتطوير مدن سكنية حديثة، وفنادق، وإدارة المستشفيات في العراق”.
ويعتقد أن مسار خط الأنابيب هو الذي يرسم مسار مشاريع البناء الموازية له.
وقدر فادي الشمري، المستشار السياسي للسوداني، قيمة الاستثمارات القطرية المزمعة بحوالي 7 مليارات دولار، وقال إنه سيتم الشروع في تنفيذها مباشرةً ولمدة 5 سنوات، لافتا إلى أنه من المتوقع أن تكتمل جميع الأشغال في عام 2028.
العرب
مشاهدة 388
|