ZNA- أربيل
رغم أن العراق من أبرز الدول النفطية في الشرق الأوسط إلا أنه يعاني من عجز مزمن في الغاز الذي يستورد كميات كبيرة منه من إيران المجاورة، فيما يتم حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط الذي يمكن الاستفادة منه.
مستشار رئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، قدر خسائر حرق الغاز واستيراده بـ12 مليار دولار سنويا، مؤكدا أنها تكلفة باهظة على الموارد النفطية وعلى موارد البلاد المالية.
وأشار في تصريح لوكالة الأنباء العراقية "واع" إلى أن تطوير قطاع الطاقة يحتاج لاستثمار هذا الغاز المصاحب لاستخراج النفط خاصة لأغراض استخدامات محطات الكهرباء.
ويتوقع صالح أن يصل العراق إلى "نسبة صفر للغاز المصاحب للحرق.. خلال العامين المقبلين"، حيث تهدف الحكومة العراقية إلى "إيقاف حرق الغاز بما يحمي البيئة العراقية، والثاني استخدامه لأغراض محطات الكهرباء".
ويواصل العراق حرق بعض الغاز المستخرج مع النفط الخام في الحقول بسبب نقص المرافق اللازمة لمعالجته وتحويله إلى وقود للاستهلاك المحلي أو التصدير، بحسب تقرير سابق لوكالة رويترز.
والعراق بلد غني بالموارد النفطية لكن بنيته التحتية متهالكة نتيجة عقود من الحروب وفساد مزمن. ويشهد العراق انقطاعات متكررة للكهرباء بفعل هذه البنية التحتية المتردية، وفقا لوكالة فرانس برس.
"أسباب سياسية"
الخبير الاقتصادي الأكاديمي العراقي، عبد الرحمن المشهداني, عزى عدم استغلال العراق للغاز المصاحب لاستخراج النفط إلى "أسباب سياسية قد تكون مرتبطة بضغوطات من طهران على القوى السياسية حتى يبقى الاعتماد على الغاز الإيراني المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية، إضافة إلى تخاذل من واشنطن في منح بغداد استثناءات متتالية من العقوبات الدولية المفروضة على إيران والسماح باستيراد الغاز الإيراني للعراق".
وقال في حديث لموقع "الحرة" إن مسألة الاعتماد على استيراد الغاز جعلت "طهران تستخدمه كورقة ضغط إذ كانت تقوم بتخفيض كميات الضخ من الغاز في أوقات معينة".
ويعتمد العراق بشكل كبير على واردات الغاز الإيراني لتغذية شبكة الكهرباء، إذ تولد البلاد نحو 14 ألف ميغاواط من الشبكة المحلية، إلى جانب ما يقارب من أربعة آلاف ميغاواط إضافية عن طريق استيراد الغاز والطاقة، وفقا لرويترز.
ويعتبر العراق المستورد الأساسي لأكثر من 80 في المئة من صادرات إيران من الكهرباء خلال السنوات القليلة الماضية، بحسب بيانات سابقة لوزارة الطاقة الإيرانية.
ويعاني العراق من عجز في الكهرباء، ما يؤدي إلى انقطاعها على فترات متفاوتة قد تصل إلى 20 ساعة في بعض المناطق، وهو ما ساهم في سنوات سابقة بتأجيج التظاهرات الشعبية احتجاجا على تدني مستوى الخدمات الأساسية.
"مشكلة قديمة"
وفي فبراير الماضي، أكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في تصريحات أن العراق "سيصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الغاز خلال ثلاث سنوات"، مشددا على أن الاستثمار في الغاز المصاحب للنفط والغاز الطبيعي "نابع من قناعته" لتحقيق الإصلاحات الاقتصادية.
وينتج العراق حاليا 16 ألف ميغاواط من الكهرباء وهذا أقل بكثير من حاجته المقدرة بـ24 ألف ميغاواط، وتصل إلى 30 ألفا في فصل الصيف، فيما قد يتضاعف عدد سكانه بحلول عام 2050 ما يعني ازدياد استهلاكه للطاقة، وفق الأمم المتحدة.
ويضيف المشهداني أن مشكلة عدم استغلال الغاز في العراق "قديمة ويتحدث الجميع عنها منذ سنوات، ولكنها أثيرت على نطاق واسع، في عام 2010، ووضعت حينها اتفاقات مع البنك الدولي بهدف وصول العراق إلى نسبة صفر من حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط، في 2030".
وأشار المشهداني إلى أن "عدة جولات لترخيص شركات وامتيازات منحت في سنوات 2009 و2014 من أجل الاستفادة من هذا الغاز وفصله في حقول في الناصرية والبصرة والاستفادة منه في توليد الكهرباء، ولكن لم يكتب لها النجاح أو نسيت تماما".
وأضاف أنه "في 2018 و2019 عاد الحديث عن هذا الأمر، ولكن في 2020 مع ظهور جائحة كورونا توقف كل شيء، وأعيد فتح الحديث عنه في 2022 ومطلع 2023 عسى أن يكتب له النجاح".
وقال المشهداني إنه لا يوجد ما يبرر استمرار عدم الاستفادة من هذا الغاز الذي تعادل كميات احتراقه ضعفي حاجة العراق، ويكبد الخزينة 2.5 مليار دولار سنويا".
ويرجح أن تشهد السنوات القليلة المقبلة البدء في الاستفادة من هذا الغاز في بعض الحقول، وإذا ما استثمر العراق بشكل حقيقي في تطوير المنشآت النفطية وتطوير منشآت الغاز للاستفادة منه، قد نصل لمرحلة صفر حرق للغاز في 2030".
ويعتبر العراق من بين تسع دول مسؤولة عن غالبية عمليات حرق الغاز، والتي تستحوذ على نحو نصف الإنتاج العالمي من النفط، وتفيد بيانات البنك الدولي أن العراق هو ثاني أكثر دولة في العالم تستخدم هذه الممارسة بعد روسيا وقبل إيران والولايات المتحدة. في عام 2020، بلغ حجم الغاز المحترق في العراق 17.374 مليون متر مكعب.
مشاهدة 532
|