ZNA- أربيل
كشف محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق الاثنين خلال مؤتمر تفعيل برامج الإقراض في العراق الذي احتضنته العاصمة بغداد أن البنك يعكف على إعداد إستراتيجية لتطوير سوق القروض المصرفية لأهميتها في معاضدة جهود دفع عجلات نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وتأتي هذه الخطوة في سياق إصلاح القطاع المصرفي والذي تريد الحكومة بالتعاون مع السلطات النقدية ترسيخه خلال المرحلة المقبلة بما يوفر خطوط الائتمان لمشاريع الإسكان والبنية التحتية والتجارة، بالتوازي مع طموحات تحقيق الشمول المالي.
ويكافح العراق الذي شهد حروبا وفترة حصار طويلة منذ أكثر من أربعة عقود بحثا عن حلول تساعد في تحفيز القطاع المالي حتى يسهم بدور فعال في تنمية الاقتصاد، الذي ظل متوقفا منذ الغزو الأميركي في 2003 عبر تخفيف مستوى البطالة وتضييق دائرة الفقر.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن العلاق قوله إن “الإقراض يمثل الركن الأساس في عمل القطاع المصرفي سواء ما يتعلق بعوائده وأرباحه وتشغيله أو ما يتعلق بالنشاطات الاقتصادية بمختلف أشكالها”.
وأضاف أمام المؤتمر الذي تنظمه رابطة المصارف العراقية الخاصة بالشراكة مع الوكالة الأميركية للتنمية “نحن بصدد تقييم المبادرات والاستفادة من الدروس ووضعها في الاتجاهات الصحيحة وتركيزها في أهداف محددة”.
وأكد أن تحفيز القطاع المصرفي نحو تمكينه من سياسات الإقراض يجب ألاّ يتوقف على البنك المركزي، الذي أملت عليه الظروف الاستثنائية بأن يضطلع بذلك، ولكن الأساس هو أن تكون البنوك قادرة بنفسها أن تتولى المهمة عبر الودائع وأموالها الذاتية.
وتؤكد البيانات الرسمية أن القطاع المصرفي وصل إلى السقف الأعلى للإقراض لأن النسبة المحددة حسب المركزي هي 70 في المئة من الودائع، والتي بلغت العام الماضي نحو 160 تريليون دينار (قرابة 110 مليار دولار).
وأوضح العلاق أن التركيز في المرحلة المقبلة سيكون على تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وكذلك في ما يتعلق بالمشاريع أو القروض الخاصة بالطاقة المتجددة في محاولة مساهمة المركزي في مواجهة تحديات المناخ ومجال الطاقة النظيفة.
وتشير تقديرات البنك المركزي إلى أن المبالغ التي تم إقراضها لقطاع الإسكان لوحده بلغت حتى الآن نحو 13 ترليون دينار (8.9 مليار دولار)، وهو مبلغ قال العلاق إنه “كبير جدا”.
وتظهر الأرقام الرسمية أن نحو سبعين بنكا تعمل في العراق، لكن معظمها لم تدخل على نشاطها أيّ تحديثات تمكّنها من الاستفادة من التكنولوجيا المالية التي أضحت أحد المحددات التي تقيس معايير الشفافية والسرعة في تأمين المدفوعات والتعاملات التجارية.
وبحسب الإحصائيات الرسمية، تستحوذ ثلاثة بنوك كبرى فقط، وهي الرافدين والرشيد والمصرف العراقي للتجارة، على حوالي 85 في المئة من إجمالي أصول القطاع المصرفي.
ولا يوجد سوى بنك دولي كبير واحد يعمل في السوق المحلية حاليا وهو ستاندرد تشارترد، ويمتلك عددا قليلا من الفروع ويركز على المشاريع الحكومية الكبرى.
ودعت رابطة المصارف خلال المؤتمر إلى تفعيل برنامج الإقراض والذي يتضمن ستة مراحل وعشرة أهداف، فيما أشارت إلى العمل على تنفيذ خطة البنك المركزي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، ومبادرته أسهمت في زيادة تمويل المشاريع السكنية.
وقال مستشار الرابطة سمير النصيري إن البنوك الخاصة “أثبتت قدرتها ورصانتها ومواقفها أثناء الفترة الماضية، حيث عانى العراق من الأزمات والتحديات الاقتصادية والجائحة، فضلا عن استمرارها بالنشاط خلال عام 2014”.
وأوضح أن “هبوط أسعار النفط والإغلاق الاقتصادي عانت منه أغلب الدول ومنها العراق”. وحث البنوك على زيادة حجم الاقتراض للمشاريع الإنتاجية والخدمية وتطوير وحدات الإقراض.
كما شدد النصيري على زيادة عدد البنوك المشاركة في منصة تموين وتوسيع الرقعة الجغرافية للإقراض لشمول جميع المحافظات في ثاني أكبر منتج للنفط بعد السعودية في منظمة أوبك.
وفي يوليو الماضي، ركزت الحكومة على ضبط خطة لتحقيق الشمول المالي من خلال تكييف خطط الارتقاء بالقطاع المصرفي مع الإصلاحات الهيكلية التي تستهدف دفع عجلات الاقتصاد إلى الأمام.
ومع أن نسبة الشمول المالي ارتفعت في 2022 إلى 33.5 في المئة نتيجة الإجراءات التي اتخذها المركزي، إلا أنها لا تزال ضئيلة قياسا بدول أخرى في المنطقة العربية وخاصة الخليجية والتي رسمت أهدافا لبلوغ المستوى المسجل في الاقتصادات الناشئة.
ويعني الشمول المالي أن الأفراد والشركات لديهم إمكانية الوصول إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار معقولة تلبي احتياجاتهم من معاملات ومدفوعات ومنتجات ادخار وتسهيلات ائتمانية وقروض وخدمات تأمين، ويتم تقديمها على نحو مسؤول ومستدام.
وكل هذه المساعي تأتي بعدما أدرك المسؤولون وصناع القرار النقدي أن حالة من اليأس سادت بين المتعاملين حيال مؤسسات الدولة بعد التلكؤ الذي حصل في أداء التزاماتها معهم.
لكن الجهود قد تبدو منقوصة في ظل عدم محاصرة السوق السوداء على النحو الأمثل، حيث يؤكد البنك المركزي أن قرابة 55 مليار دولار لا تزال خارج القنوات الرسمية.
وفي يناير الماضي أعلن المركزي أنه سيفرض استخدام أدوات الدفع الإلكتروني في القطاعين العام والخاص، ليس بسبب ما تفرضه الرقمنة لتغيير نمط التعاملات التجارية والتقليل من التعاملات النقدية في السوق، وإنما لقطع الطريق أمام الفاسدين والسوق السوداء.
العرب
مشاهدة 577
|