ZNA- أربيل
تقر حكومة محمد شياع السوادني خلال الأيام القادمة واحدة من أكبر الميزانيات السنوية في العراق، والتي تبلغ نحو 200 تريليون دينار أو ما يعادل 140 مليار دولار، ولكن أكثر من نصفها سوف يذهب لتغطية رواتب الموظفين والمتقاعدين وذوي الرعاية الاجتماعية الذين تقدر أعدادهم بنحو 9.5 مليون مواطن، يعملون بمعدل 20 دقيقة في اليوم.
ويقول مراقبون إنه بينما يوجد موظف حكومي واحد لكل 150 مواطنا في ألمانيا، فإنه يوجد موظف حكومي واحد في العراق لكل 10 مواطنين. ولو أنهم كانوا يعملون بالفعل، فإن أحوال العراق الاقتصادية كانت ستكون أفضل بنحو 15 مرة من أحوال ألمانيا. ويزيد نائب رئيس البرلمان العراقي حاكم الزاملي التقديرات سوءا بالقول إن أعداد الذين يتقاضون رواتب من الدولة تبلغ 11 مليون شخص.
وبحسب المعلومات الواردة من مجلسي الوزراء والنواب فإن الموازنة العامة لعام 2023 تبلغ 196 تريليون دينار، وتتضمن زيادة في رواتب الموظفين بمبلغ يصل إلى 20.540 تريليون دينار. ويقول أعضاء في اللجنة المالية النيابية في البرلمان العراقي إن عدد الموظفين العاملين في موازنة عام 2023 سيزيد، وسيتم تخصيص من 60 إلى 65 تريليون دينار من حجم الموازنة للرواتب أو ما يعادل 70 في المئة من الموازنة التشغيلية للدولة، وذلك عدا رواتب المتقاعدين البالغ عددهم نحو 2.5 مليون مواطن، وذوي الرعاية الاجتماعية البالغ عددهم نحو 1.2 مليون مواطن.
وكانت وزيرة المالية طيف سامي أعلنت الانتهاء من إعداد المشروع وقالت إن “مشروع الموازنة سيركز على الأولويات التنموية، ودعم شبكة الحماية الاجتماعية، والفئات الأكثر احتياجا، فضلا عن توفير غطاء آمن للمشاريع الإستراتيجية والتنموية المستدامة”.
لكن مراقبين يقولون إن إنفاق أكثر من نصف الرواتب لا يوفر سبيلا لتحقيق تلك الأولويات التنموية، لاسيما وأن تقديرات مستقلة تفيد بأن نحو 4.5 مليون موظف مسجلون في السجلات الحكومية الجارية، ما يكشف عن مستوى الهدر في الأموال العامة ويجدد المخاوف من أن السجلات الحكومية تشمل موظفين وهميين، وتذهب رواتبهم إلى جماعات وأحزاب رعت نظاما داخليا للفساد بتعيينات شكلية على امتداد نحو عقدين من الزمن.
وتداركت الميزانية السجال مع الكتلة الكردية، وذلك بأن تم التوافق على معظم بنودها، الأمر الذي يرجّح تمريرها في البرلمان بعد قراءتين أولى وثانية بحلول نهاية الشهر الجاري.
وقال النائب معين الكاظمي إن “وفدا من إقليم كردستان أجرى جولات حوارية مع الحكومة الاتحادية ناقشت مجمل القضايا الخلافية الخاصة بالموازنة وقانون النفط والغاز”.
وكان من بين القضايا المعلقة مسألة مطالبة السلطة الاتحادية ببيانات تخص عدد الموظفين والإيرادات غير النفطية وكميات النفط المصدّر من الإقليم. ولكن الكاظمي قال إن “وفد الإقليم وعد الحكومة الاتحادية بأن يقدم جميع هذه البيانات محتوية على أرقام شفافة حتى يمكن الوصول إلى صيغة نهائية يتم وضعها في قانون الموازنة”.
ومن المتوقع أن تبلغ حصة الإقليم في الموازنة نحو 14 في المئة من إجمالي الميزانية العامة.
وقال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني جياي تيمور إن “الاتفاق النهائي لم تتبق له سوى اللمسات النهائية، وقد لا نحتاج إلى جولة جديدة من اللقاءات بشأن الموازنة”.
وذكر عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر لموقع “رووداو” أنه “تم تثبيت 53 تريليونا و834 مليار دينار لرواتب ومكافآت الموظفين في موازنة عام 2021، بعدها زاد عدد الموظفين وتم تعيين 1000 شخص على الأقل في كل محافظة في عام 2022، لذلك كان يوجد في العراق أكثر من 3 ملايين و260 ألف موظف والآن زاد عددهم إلى أكثر من 4 ملايين”.
ومن المتوقع أن تحصل وزارة التعليم العالي على 5.23 في المئة من الميزانية المخصصة لرواتب الموظفين، ووزارة التربية على 5.3 في المئة، ووزارة الصحة على 3.17 في المئة، ومحافظة بغداد على 6.79 في المئة في حين ستأخذ محافظة ذي قار 2.26 في المئة وبابل 2.62 في المئة والبصرة 2.61 في المئة وديالى 2.1 في المئة والنجف 1.76 في المئة والديوانية 1.86 في المئة وكربلاء 1.49 في المئة وواسط 1.62 في المئة.
وبحسب مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون البيئة والمناخ علي اللامي فإن تخصيصات موازنة العام الحالي ستتضمن 30 مشروعا تخص التغير المناخي بمبلغ يصل إلى 6 مليارات دولار.
وبحسب دراسة نشرتها مؤسسة عراق المستقبل الخميس فإن الميزانية المخصصة لرواتب الموظفين وصلت عام 2022 إلى 43 تريليونا و76 مليار دينار، في حين بلغت في موازنة عام 2021 حدود 42 تريليونا و44 مليار دينار، أي زاد المبلغ المخصص لرواتب الموظفين عام 2022 بنسبة 2.9 في المئة مقارنة بعام 2021.
وقال رئيس المؤسسة منار العبيدي لشبكة “رووداو” الإعلامية إن “الرواتب أخذت 26.9 في المئة من مجموع إيرادات العراق لعام 2022. والقطاع الأمني حصل على أكبر نسبة من الميزانية المخصصة للرواتب التي وصلت إلى 53.48 في المئة من المبلغ، كما أن 27 في المئة منها ذهبت إلى وزارة الداخلية و16 في المئة إلى وزارة الدفاع”.
وبينما يدخل سوق العمل نحو 300 ألف من أصحاب الشهادات الجامعية سنويا، فضلا عن حوالي 500 ألف شخص من أصحاب المهن وعديمي الخبرة، فإن سوق العمل لا تستوعب نموا يزيد عن 150 ألف فرصة عمل، وهو ما يفسر أزمة البطالة المتزايدة، لأنه لا يجري استيعابها من خلال النشاط الاقتصادي خارج نطاق وظائف الدولة.
ويقول مراقبون إن الميزانية لا تترك إلا حيزا ضيقا للاستثمارات في مجالات صناعية أو زراعية يمكنها أن تؤدي إلى امتصاص الأيدي العاملة المتاحة. وعلى الرغم من أن حكومة السوداني تستطيع أن توفر ما تحتاجه من الإنفاق بالاعتماد على الاحتياطات العامة التي تبلغ نحو 115 مليار دولار، فإن قراءة معدلات تحويلات العملة اليومية التي يقوم بها المصرف المركزي، والتي تتراوح بين 150 و200 مليون دولار يوميا، تعني أن هذه الاحتياطات سوف لن تدوم طويلا.
أما إذا عادت أسعار النفط إلى الانخفاض إلى ما دون 60 دولارا للبرميل الواحد فإن حكومة السوداني، أو التي تليها، سوف تجد نفسها في ورطة.
مشاهدة 607
|