ZNA- أربيل
"جمال العراق الخفي" عنوان فيلم وثائقي جديد للمخرج الكوردي سهيم عمر خليفة ، عن رائد التصوير الفوتوغرافي العراقي الراحل لطيف العاني (1932-2021) ، تم اختياره كفيلم الافتتاح في مهرجان دوكفيلا البلجيكي للأفلام الوثائقية ، كما كان الفيلم قد قدم في المعهد الثقافي الفرنسي بالعاصمة العراقية بغداد ، ضمن عرض خاص ، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي ، رافقته جلسة حوارية، مع افتتاح معرض للصور الفوتوغرافية للعاني، في أمسية تفاعل فيها الجمهور مع وقت العرض، بخاصة مع النبرة الفكاهية التي أطل بها مصور العراق الراحل، وهو يعلق أو يرد على مخرج الفيلم سهيم عمر خليفة، خلال رحلتهما بين أكثر من مدينة عراقية.
تعيدنا مناسبة إطلاق الفيلم إلى أعمال هذا المصور الذي غادر الحياة في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2021 في بغداد عن 89 عاماً ، بما تركه من منجز غزير بتصوير تفاصيل الحياة في العراق وكوردستان ، حيث الاستعادة لشريط طويل من الأعمال الفوتوغرافية، و يعد من القلائل الذين وثّقوا التاريخ العراقي لفترة الخمسينات والستينات.
المصور العراقي الراحل المولود في مدينة كربلاء ، وثق بكاميرته الكثير من الاحداث والصور والأماكن في كوردستان ، خصوصاً القادة الكورد وفي مقدمتهم القائد الكوردي التاريخي مصطفى بارزاني ، والرئيس مسعود بارزاني ، والراحل ادريس بارزاني.
ويعتبر مهرجان دوکفیلا للأفلام الوثائقية أهم مهرجان للأفلام الوثائقية في بلجیکا، حيث تنطلق فعالياته من الفترة الممتدة بين 22 وحتى 30 مارس/آذار المقبل ، في مدينة لوفين البلجيكية بوثائقي المخرج الكوردي من إقليم كوردستان سهيم عمر خليفة والمعنون "جمال العراق الخفي" الذي يشارك أیضاً في قسم المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية البلجیکیة.
وجرى تصوير الفيلم على مدى 5 سنوات في العراق، بلجیکا، فرنسا، دبي، ليسرد خلاله 90 دقیقة من حياة وأعمال، لطيف العاني الذي يوصف من قبل الكثيرين بـ أب الفن الفوتوغرافي العراقي ، فقد تجول طاقم الفيلم مع العاني في العديد من محافظات العراق وإقليم کوردستان ، لتوثيق بعض الأماکن التي كان الفوتوغرافي قد صورها في السابق.
ولاس بیلغاس هو المنتج الرئيسي للفيلم وشارك خلیفة في کتابة واخراج الفیلم ، وشارك في الإنتاج کل من "سومریان" لإنتاج الدراما في العراق و"Faitesunvoeu" من فرنسا وقناة 'ART' الفرنسیة و12 قناة اوروبية اخری.
قرن من الذكريات والتحولات والاندثارات تختصرها صور الفوتوغرافي العراقي لطيف العاني أو سيرة حياته وهي تتراصف مع لقطاته، حيث اللقطة الواحدة اقتطاع محترف لفسحة من الزمن، من أجل بث روح الخلود فيها . لقد كانت صوره وثيقة عن التعدد الاجتماعي العراقي ومرحلة التحديث الشامل التي انخرط فيها العراق منتصف القرن الماضي ، و ما منح العاني هذه المكانة غير القدرة الفنية على إنتاج صور بطابع مختلف، قبل حلول العصر الرقمي، وما أخضعه من تعديلات وتحرير في عالم الفوتوغرافيا ، هو تحول حصيلته من التصوير إلى وثيقة عن عراق القرن الماضي، وعن حياة لم تختطفها ، في حينها ، لوثة السياسة وكوارث الحروب.
مثلت هذه التجربة خصوصية حالة فنية على مستوى تناول الشخوص ومفردات اليوميات المحلية، من جنوب العراق إلى أقصى شماله، ضمن بعد توثيقي ولمسة فنية عالية، جعلت المتلقي أمام سرد لوقائع وأمكنة ومهن، هذه كلها كانت مادة صور العاني وهو ينوع في زوايا التقاط أعماله.
ويلقي الفيلم الضوء على حياة المصور العراقي الراحل والمحطات الهامة فيها ، كما يتناول في جزء منه علاقته بالكورد ونظرته الى كوردستان.
بدأ العاني التصوير الفوتوغرافي عندما كان يساعد شقيقه الذي يملك محالاً في شارع المتنبي ببغداد، وتعلم هناك المبادئ الأساسية للتصوير الفوتوغرافي، وفي عام 1947 اشترى له شقيقه أول آلة تصوير، ليمارس الفن الفوتوغرافي باحتراف عام 1954.
ويعتبر بطل الفيلم التسجيلي، الذي أمضى سبعة عقود في توثيق الحياة في بلاده، من المصورين القلائل الذين وثّقوا التاريخ العراقي لفترة الخمسينات والستينات، فأرشيفه هو توثيق صادق لتاريخ العراق خِلال هذه الفَترة، وقد تعرض هذا الأرشيف الذي كان محفوظاً في وزارة الثقافة العراقية في 2003 للنهب والسرقة والتدمير.
وبحس مصادر ، فإن أرشيف الفنان مكون من آلاف الصور وأفلام النيغاتيف، فقد خصص سنوات عمره لتصوير أماكن تاريخية ومدن، كما صور الحياة اليومية للإنسان العراقي والكوردستاني . وما بقي لدينا اليوم هو جزء بسيط من الأرشيف، منه ما احتفظ به المصور في منزله، ومنه ما هو محفوظ في بعض المكتبات ومراكز الأبحاث.
وكرّمته مؤسّسة الأمير كلاوس الهولندية لإنجازه اول أرشيف لمختلف جوانب الحياة في العراق ، ولدوره الكبير في تطوير فن التصوير الفوتوغرافي الوثائقي في البلد.
وقالت المؤسسة في البيان الخاص بالجائزة إن "تكريم لطيف العاني يرجع إلى إبداعه، وإنشائه أرشيفا استثنائيا من صور فوتوغرافية تاريخية فريدة للمجتمع العراقي، وإن أعماله توثّق تاريخ العراق، بلدا حديثا، ثريا وساعيا إلى المستقبل، قبل أن يحل عليه الخراب بسبب الحروب، كما أن تكريمه يرجع إلى دوره الريادي في تطوير الفوتوغرافيا التوثيقية في العراق".
مشاهدة 1234
|