ZNA- أربيل
شهد عام 2022 تشكيل حكومة في العراق بعد تعطل العملية السياسية فترة من الزمن بسبب تعقيدات دخلت فيها البلاد منذ لحظة إعلان نتائج من الانتخابات المبكرة. وفي 2023 ستتعامل الحكومة الجديدة مع ملفات مهمة ينتظر العراقيون أن يجد المسؤولون حلولا لها لتحسين أحولهم.
ويواجه العراق تحديات اقتصادية واجتماعية وصحية وسياسية، بالإضافة إلى التحديات البيئية والمناخية، وتحديات توفير الخدمات، وكلها ملفات خطرة تأخر حسم الكثير منها طويلا.
التحديات السياسية والأمنية
شهدت عملية تشكيل الحكومة العراقية صراعات أدت إلى خروج جماعي لكتلة التيار الصدري من البرلمان في تطور غير مسبوق، ووصل، محمد شياع السوداني، وهو سياسي عراقي مخضرم ومرشح سابق عن تيار السياسي، نوري المالكي، إلى السلطة عقب انتهاء ولاية حكومة، مصطفى الكاظمي، التي أعقبت استقالة حكومة، عادل عبد المهدي.
ويقول الصحفي والمحلل السياسي، أحمد السهيل، إن الحكومة الحالية، التي تتمتع بالأغلبية البرلمانية، "لا تزال ضعيفة وغير فعالة، ولم تظهر حتى الآن، بعد نحو ثلاثة أشهر من تشكيلها، أي ملامح تشكيل ستراتيجية البلاد".
وبالنسبة للسهيل فإن "حكومة السوداني تشبه حكومة تسيير أعمال أكثر منها حكومة كاملة الصلاحيات"، لكن "السياسيين يبدون متوافقين حاليا"، ولا تظهر صراعات قوية في الأفق خاصة وأن "الإطار التنسيقي في السلطة يتصرف بهدوء أكثر مما كان يتصرف به في فترة المعارضة".
وبخروج الصدريين، توقفت إلى حد كبير أعمال المعارضة المنظمة التي كان يتوقع أن تواجه السوداني، كما أن ارتفاع أسعار النفط حقق استقرارا اقتصاديا، وبالتالي فإن المشهد السياسي في البلاد يبدو هادئا بعد فترة عاصفة.
ومع هذا، يتوقع السهيل أن يؤدي ارتفاع أسعار الدولار إلى مشاكل اقتصادية "تدفع الإطار التنسيقي الذي شكل الحكومة إلى محاولة الهرب منها من خلال خلق مشاكل سياسية وصراعات مع الكتل الأخرى".
كما يقول السهيل إن من المحتمل أن يعود الصدر إلى التحرك في أي لحظة، خاصة إذا ما أعلن موعد لانتخابات مجالس المحافظات.
ويشير السهيل إلى أن "التحدي الثالث المحتمل هو الصراع الإقليمي واحتمال جر العراق ومشهده السياسي الداخلي إلى الصراع".
ويشير إلى أن التحديات الأمنية قائمة أيضا، وأهمها الهجمات المستمرة لتنظيم داعش، واختراق الحدود العراقية المستمر من قبل تركيا وإيران، وأيضا ارتفاع أنشطة تجارة المخدرات وتهريبها في البلاد.
التحديات الاقتصادية
وعلى الرغم من أن العراق يعيش وفرة مالية نتيجة ارتفاع أسعار النفط في العالم، حيث صدر العراق نحو 3.5 مليون برميل يوميا طوال العام الماضي، وفقا لإحصاءات محلية، وجمع نحو 60 مليار دولار من تصدير النفط الخام في النصف الأول من عام 2022 وفقا لرويترز، إلا أنه أنهى العام بانخفاض في سعر العملة المحلية مقابل الدولار.
وسبق الانخفاض تناقص في نشاط مزاد العملة بسبب عقوبات طالت عدة مصارف عراقية متهمة بتهريب العملة الصعبة.
وتقول الخبيرة الاقتصادية العراقية، سلام سميسم، إن التحدي الاقتصادي الأبرز الذي يواجه البلاد في 2023 هو القدرة على تشديد الرقابة وإصلاح النظام المصرفي لعدم السماح للمتلاعبين بالاستفادة منه.
وتقول سميسم لموقع "الحرة" إن هنا حاجة إلى تحديث وتفعيل قانون الضمان الاجتماعي، بما يفعل التشغيل في القطاع الخاص، وتشريع قانون حماية الملكية الفكرية لضمان دعم الاستثمار وجذب الشركات الكبرى للعمل في العراق، وتفعيل قانون مكافحة تشابك المصالح وقانون مكافحة الاحتكار.
وفي مقال له نشر على موقع "الحرة" يقول الكاتب والمحلل السياسي، إياد النعبر، "سيبقى الفساد هو الصخرة التي تتحطم تحتها كل أمنياتنا بالتغيير في العام الجديد، لا سيما أننا ودعنا عام 2022 بفضيحة (سرقة القرن)، وفي وقت تبدو الحكومات أنها تريد من العراقيين أن يتعايشوا مع فضائح الفساد".
ويعتقد العنبر أن منظمة الشفافية الدولية "أخطأت كثيرا عندما وضعت العراق في المرتبة 157 في مؤشر مدركات الفساد. لأن كل معاييرها لتحديد مؤشرات الفساد لا يمكن لها أن تصف إلا الجزء الظاهر منه، فالفساد في العراق تعدى كل التوصيفات والتعريفات التي تحددها القواميس الأكاديمية والمنظمات الدولية".
وفي نوفمبر العام الماضي، ظهر رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني وإلى جانبه أكوام من المبالغ المالية بالدولار الأميركي، والعملة العراقية، قال إنها تعادل 182 مليار دينار (نحو 121.3 مليون دولار) تمكنت الحكومة العراقية من استرجاعها من أصل مبلغ 3.75 ترليون دينار (2.5 مليار دولار) اختفت من حسابات دائرة الضرائب العراقية.
والمبلغ المستعاد هو جزء من مبلغ 1.6 ترليون دينار سرقت من قبل رجل أعمال عراقي اسمه، نور زهير، وفقا للسوداني، حيث عرفت القضية باسم "سرقة القرن".
وكان البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد فرض تعديلات على إجراءات الحوالات العراقية التي تمر بنظام "سويفت"، لتضم تدقيقا في مصدر الأموال وحتى المستقبِل النهائي، وهو ما جاء بعد تبعات قضية "سرقة القرن" في العراق.
التحديات الاجتماعية
وعلى الصعيد الاجتماعي تواجه البلاد مشاكل منها تسرب الأطفال بشكل كبير من المدارس، وزيادة التعصب القبلي والمشاكل العشائرية، وانخفاض دعم النساء، وفقا للباحثة والناشطة العراقية، صفا المسعودي.
وتقول المسعودي في حديث لموقع "الحرة" إن "أكثر ما يقلقنا كنساء نعيش في هذا العصر الحديث هو عدمُ قدرتنا على إتخاذ قرارات مفصلية وشخصية في حياتنا بغير أن يتدخل في اتخاذها الأقربون والأبعد، ذلك لأن القوانين هنا تتيح للجميع التدخل في حياة النساء".
كما أشارت المسعودي إلى ازدياد معدلات الجرائم ضد النساء وإفلات الجناة بسبب "تعطيل القوانين التي تكفل حماية النساء والأطفال".
التحديات القانونية
ويقول الخبير العراقي في الشأن القانوني، حسين السعدون، إن أهم القوانين التي يجب تشريعها أو تعديلها في عام 2023 هي قوانين الانتخابات، المحكمة الاتحادية وقانون الموازنة.
ويضيف السعدون لموقع "الحرة" أن "المحكمة الاتحادية أوصت بأن يعتمد العد والفرز اليدوي حصرا في الانتخابات المقبلة مما يضع ضرورة لتعديل القانون الانتخابي في البرلمان، كما أن قانون الموازنة يفضل أن يكون لعدة أعوام بدلا من موازنة عام واحد.
وتفيد هذه الطريقة، وفقا للسعدون، بمنع الدولة من "الشلل الكامل" حينما يتأخر تشريع قانون الموازنة كما حصل عدة مرات.
التحديات الصحية
ويقول الطبيب العراقي، نصير علاء، والذي يعمل خارج العراق، إن النظام الصحي العراقي بحاجة لإصلاح أثبتته جائحة كوفيد.
وتشير الأرقام الرسمية العراقية إلى إصابة 2.47 مليون شخص بكوفيد توفي 25 ألفا منهم، لكن هذه الأرقام تحظى بتشكيك.
ويقول علاء لموقع "الحرة" إن أنماط الإصابة العالمية تظهر شكلا مختلفا عن الشكل العراقي مما يدفعنا للتشكيك بأن الأرقام أعلى بكثير.
وتلقى نحو 11 مليون عراقي جرعة واحدة على الأقل من اللقاح، أي نحو 28 بالمئة من السكان.
ويقول علاء إن القطاعات الصحية الأخرى، مثل قطاعات الولادة والأورام السرطانية والعمليات الجراحية والأمراض المزمنة وتوفير العلاج والخدمات الصحية هي كلها بحاجة إلى عملية إصلاح وتحديث شاملة.
التحديات المناخية
ويقول، سعد عمران، الباحث العراقي المتخصص في البيئة، إن الجفاف ضرب البلاد بشكل قوي خلال الصيف الماضي، وعلى الرغم من الأمطار التي شهدها الموسم الحالي، إلا أن هناك جفافا قويا متوقعا صيف عام 2023.
وانخفضت مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وسط توسع البناء فيها، كما يقول عمران لموقع "الحرة" فيما انخفضت واردات مياه الأنهار العراقية بشكل كبير.
وبعاني عراقيون من نقص كبير في مياه الشرب في عدد من مناطق البلاد، وانخفاض في ساعات تجهيز الكهرباء في عمومها، مما يدفع المواطنين للجوء إلى المولدات التي تعمل بالديزل، مما يضيف لمعدلات التلوث المرتفعة أساسا.
الحريات
ويقول رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، مصطفى ناصر، إن التحديات التي تواجه الحريات في البلاد تشكل خطرا كبيرا على الديمقراطية.
ويحذر ناصر من محاولات "محاصرة" الحراك المدني من خلال فرض انظمة جديدة على منظمات المجتمع المدني، "للحد من أنشطتها والضغط الديمقراطي على السلطات لتحقيق مكاسب مدنية لا علاقة لها بالصراعات السياسية".
لكن ناصر يقول إن تحدي حرية التعبير سيكون أيضا صعبا على السلطة "بالنظر إلى القوة التي اكتسبتها مبادئ حرية التعبير والصحافة والأداء والنشاط المدني، بعد انتفاضة تشرين 2019".
وكان تقرير لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، المعنية بالدفاع عن الصحفيين وتوثيق الانتهاكات بحقهم حول العالم، قد أشار إلى أن العراق جاء في المراتب الأولى من بين أخطر الدول على مهنة الصحافة.
مشاهدة 676
|