اربیل (zna) مع قرب بدء العام الدراسي الجديد، تواجه وزارة التربية أزمة في توفير المناهج الدراسية للطلبة، ما يهدد بانعكاس ذلك سلبا على مستوى التعليم في العراق.
وتعاني المؤسسة التعليمية في العراق وخاصة خلال السنين الأخيرة من تراجع كبير بمستوى أدائها، بسبب الانعكاسات السياسية عليها، والتي ظهرت آثارها جلية في النقص الكبير بتجهيز الكتب الدراسية لهذا العام.
ولأهمية هذا الموضوع التي ظهر في بداية سنة دراسية جديدة قد تكون مختلفة عن السنين الماضية، سألت وكالة شفق نيوز عددا من الطلبة من مدارس مختلفة حول الكتب التي تسلموها وجودتها والنقص الحاصل فيها.
"تدبروا أمركم"
يقول الطالب في الصف الرابع الابتدائي، أمير كرار، الذي ذهب إلى مدرسته لتسلم الكتب، إن "مدرستي سلّمت كتبا قديمة لجميع الطلبة، وما استلمته من كتب كان عليه شرائط لاصقة لإثبات أوراقها الممزّقة، ما عدا كتاب المادة الانكليزية فقد كان جديدا".
ويضيف كرار ، "أما كتاب الاجتماعيات والقراءة، فلم يجهزوني بهما، دون أن يذكروا شيئا عن موعد توفيرهما".
طالب آخر هو حيدر سجاد، في الصف السادس الابتدائي يذكر لوكالة شفق نيوز، أن "الكتب التي تسلمتها غير كاملة، بل فيها نقص على الرغم من قدم جميعها، وقال المعلم إن على الطلبة تدبر أمرهم في باقي المناهج، فهي غير متوفرة".
أما الطالبة سارة علي، التي في الصف الثاني الابتدائي، تقول عن يوم ذهابها إلى المدرسة برفقة صديقاتها، إن "الكتب التي تسلمتها مع صديقاتي جميعها متهالكة وغير كاملة، وعند سؤالنا عن باقي الكتب، قالت المعلمة هذه التي لدينا فقط".
ويبدو أن إدارات المدارس بدأت تفرض على التلاميذ تأمين الكتب المدرسية والقرطاسية وغيرها من المستلزمات، ما يشكل عبئا إضافيا على أولياء الأمور، وخصوصا من لديه أكثر من طفل في سن المدرسة.
وهذا ما تعانيه المواطنة أم زيد من محافظة النجف، التي تقول إن "المعاناة تبدأ مع بداية العام الدراسي، وأول تلك المعاناة هي شراء الكتب والقرطاسية التي ترتفع أسعارها في كل عام، وسط وضع اقتصادي صعب".
خبر مفاجئ
وتروي أم زيد بدهشة ما رأته عند ذهابها إلى مدرسة ابنتها لاستلام الكتب في حديثها لوكالة شفق نيوز بالقول "عند الذهاب لاستلام كتب ابنتي التي في الصف السادس الابتدائي تفاجأت بقول مديرة المدرسة إن كتب مرحلة ابنتك غير متوفرة".
وتضيف، أن "الجميع يعلم بأن السادس وزاري، ويجب على الطلبة القراءة منذ وقت مبكر، وفي هذه الحالة ماذا أفعل؟، كما لدي ثلاثة أطفال، ولا استطيع شراء الكتب أو حتى استنساخها من صديقات ابنتي اللواتي اشترين الكتب من المكتبات".
وتتابع أم زيد موجهة حديثها لوزارة التربية بالقول "لماذا لم توفّر وزارة التربية الكتب للطلبة خلال الفترة السابقة، كما أنني رأيت الكتب التي يستلمها تلاميذ الصفوف الأولية وكانت متهالكة نسبيا، وأطالب من وزارة التربية ان تكون جادة وتوفّر الكتب والقرطاسية للطلبة، الذين عانوا في السنوات السابقة من جائحة كورونا وغيرها".
إنذار سابق
وتعاني جميع مديريات التربية في عموم محافظات العراق ماعدا اقليم كوردستان من أزمة في توفير الكتب بما فيها العاصمة بغداد، بحسب مدير عام تربية بغداد الكرخ الثالثة، سعد الربيعي، الذي يعزو ذلك إلى عدم توفّر التخصيصات المالية لوزارة التربية من أجل طباعة الكتب.
ويوضح الربيعي، أن "هذا الموضوع تم الإبلاغ عنه قبل أكثر من 6 أشهر، بإن التخصيصات المالية غير متوفرة لوزارة التربية لطباعة الكتب، وسنواجه في بداية العام أزمة في توزيع المناهج الدراسية للتلاميذ والطلبة، كما تمت مناشدة مجلس النواب والحكومة لحل هذه الأزمة، لكن لحد الآن لم يتم تخصيص الأموال، ولا توجد ميزانية لطباعة الكتب".
ويؤكد المسؤول، أن "كل المناهج باستثناء مادة اللغة الانكليزية فيها نقص وللمراحل كافة، بسبب عدم وجود ميزانية كافية لتغطية طباعة الكتب"، مشيرا إلى أن "وزارة التربية تنتظر تمويلا من قانون الأمن الغذائي لتجهيز المديريات بالمناهج الدراسية".
ويرى مراقبون مختصون، أن تأخير طباعة وتوزيع الكتب على الطلبة في بداية العام الدراسي ليست بجديدة، بل تكررت لسنوات عديدة، بسبب اعتماد وزارة التربية على الموازنة الاتحادية.
معالجة متأخرة
وفي هذا الجانب يذكر نقيب المعلمين العراقيين، عباس السوداني، أن "على وزارة التربية عدم الاعتماد على الموازنة الاتحادية في طباعة الكتب، وعلى الرغم من تنبّه الوزارة على هذا الأمر لكن هذه المعالجة جاءت متأخرة، التي تتمثل بصرف أموال طباعة الكتب من وزارة المالية مباشرة، وهذا ما تم الاتفاق عليه مؤخرا بين وزارتي المالية والتربية".
ويضيف السوداني ، أن "على وزارة التربية إنهاء التعاقدات بنهاية الشهر الرابع، حتى تتهيأ المطابع العراقية أو غيرها بإعداد الكتب في وقتها المحدد، لأن طباعة الكتب وإرسالها إلى مخازن التربية يأخذ وقتا وهذا هو الخطأ الذي يتكرر باستمرار".
ويشير إلى "وجود مشكلة أخرى لم ينتبه الكثير لها، الا وهي إلغاء قرار الاحيائي والتطبيقي، وهنا يوجّه سؤالا للتربية حول كيفية معالجة هذا الأمر، وهناك طلبة اختصاصهم تغير وعاد إلى السابق، وهو العلمي دون تسمية (الاحيائي والتطبيقي)، وهذه أيضا مشكلة ستواجه الطلبة، وننتظر وزارة التربية أن تصدر تعليمات بهذا الخصوص".
معامل ساندة
وعن المعامل العراقية التي تسهم في توفير المستلزمات الدراسية للطلبة يقول مدير مصنع ورق البصرة، رمضان عباس سلمان، إن "المعمل كان متوقفا منذ عام 2003، وإلى الآن، وحاولت إدارات الفترة الماضية إعادة عمل الاجزاء والمكائن المتوقفة أو احالتها إلى الاستثمار، لكن عوامل كثيرة حالت دون إنجاز هذه الأعمال".
ويضيف سلمان، "وتمت استعارة خط من مصنع المستلزمات المدرسية، وهي ماكنة لإنتاج الدفاتر المدرسية، وهذه الماكنة كانت متروكة، وتمكنا من نقلها من مصنع المستلزمات المدرسية وتشغليها في مصنع ورق البصرة بجهود ذاتية من قبل إدارة المصنع والشركة العامة للصناعات البتروكيماوية".
ويتابع، "وقام فريق عمل من المهندسين والفنيين بإعادة تشغيل الماكنة وتطويرها وتحوليها إلى إنتاج أنواعا من الدفاتر تضاهي المتوفر حاليا في الأسواق المحلية".
ويوضح، أن "الكمية التي ينتجها المصنع هي 8 الاف دفتر في اليوم، وهذه الكمية تغطي حاجة 50 بالمائة من العراق، كما أن المبيعات والاقبال عليها جيد من قبل القطاع الخاص، كذلك تم تشكيل لجانا تذهب إلى الأسواق والشركات الصديقة والقريبة، وتم ارسال مبيعات إلى البصرة وأيضا إلى العمارة، ونأمل أن تكون لدينا فرصة لتطوير الإنتاج وزيادته لتغطية حاجة جميع المحافظات العراقية".
وفيما يتعلق بأسعار الدفاتر يُبين سلمان في ختام حديثه بأن "سعر الدفتر 60 ورقة عربي بـ 350 دينار، ودفتر انكليزي 60 ورقة بسعر 100 دينار، وسعر الكرّاس 20 ورقة بـ350 دينار، والبند الورق المخطط بـ 1500 دينار، والبند الورق الأبيض 500 ورقة بـ 3750 دينار".
ويبدأ العام الدراسي الجديد - كما جرت العادة في البلاد - في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، لكن تزامن هذا التاريخ مع الذكرى الثالثة لانطلاق تظاهرات تشرين، ما دعا وزارة التربية إلى تأخير موعد بداية العام الدراسي إلى يوم الأربعاء الموافق الـ12 من الشهر الجاري.
مشاهدة 838
|