ZNA- أربيل
تباينت تصريحات مسؤولين في وزارة النفط العراقية حول أسباب التسرب النفطي الذي حدث في ميناء البصرة الأسبوع الماضي، وأدى إلى توقف تصدير النفط من المنطقة الجنوبية عدة ساعات، في حين حذر نواب ومختصون من أن العراق معرض لانهيار منظومته التصديرية، نتيجة قدمها، فضلا عن الغموض الذي يكتنف توقف عمل ميناء العمية منذ سنوات.
مكامن العطل
يقول معاون مدير عام شؤون الإنتاج والجهد الوطني لشركة نفط البصرة، باسم محمد، في حديث لقناة"لحرة" إن "التسرب النفطي والتلوث الذي حصل في ميناء البصرة، وقع في منصة ( A ) الخميس الماضي 15 أيلول" ما أدى إلى "إيقاف التصدير على الفور".
وتابع أن هيئات الصحة والسلامة المهنية وشركة "PB" البريطانية طوقت المنطقة بما يلزم من معدات للسيطرة على التلوث وتأمين سلامة البحر وسلامة الكوادر العاملة في المرفأ. وبيّن أن التوقف في التصدير وصل إلى 16 ساعة. وعاد بعدها للعمل "كما كان سابقا"، بعد تحديد موقع التسرب ومكان التلوث في الأنابيب البحرية، في منظومة الخزن والمكثفات والمقطرات لأذرع التحميل.
وعزا محمد العطل إلى "الضغط الزائد والجريان في الأنابيب الموجودة في البر"، مشيرا إلى أن "هذا الخلل ممكن الحدوث في البر وممكن أن يحدث في البحر وتمت السيطرة عليه" في حينها.
حجم الخسارة
وكشف المسؤول في شركة نفط البصرة إيقاف ضخ النفط لـ 16 ساعة أدى خسارة أكثر من 700 ألف برميل في ذلك اليوم، لكن الصادرات عادت إلى الارتفاع لمستوى 3 ملايين 350 ألف برميل يوميا عبر ميناء البصرة النفطي فقط، "إلى جانب وجود ميناء العمية الذي هو الآن في طور المناقصات والتأهيل والإحالة لإكمال معالجة الأنبوب البحري الثالث القادم من قضاء الفاو للمنصة الرابعة (SBM) ضمن القرض الياباني".
وذكر أن لدى شركة نفط البصرة مشاريع تطوير منصات تصديرية أخرى، لعل أبرزها هو ( C line )4 و5 القادمات من قضاء الفاو لميناء البصرة النفطي، إلى جانب الأنبوب البحري الثالث وكذلك الرابع تحت إشراف ايني الإيطالية مع (boc) والوزارة.
واختتم معاون مدير عام شؤون الإنتاج والجهد الوطني لشركة نفط البصرة حديثه بالتأكيد على أن وزارة النفط تسعى بكل جهدها للمحافظة على البيئة والحد من التلوث في البحر والبر.
وكانت شركة نفط البصرة، قد اصدرت الجمعة الماضي، توضيحا بشأن إيقاف الصادرات نتيجة تسرب في موانئ البصرة، مؤكدة استئناف عمليات الضخ تدريجيا.
وقالت الشركة في بيان إن "الفرق الفنية والهندسية قد عالجت تسربا للنفط الخام في منظومة خزانات الفوائض في ميناء البصرة النفطي، وتم استئناف عمليات الضخ تدريجيا، لحين استكمال أعمال الصيانة الطارئة".
في المقابل، قال المهندس البحري، وزير النقل الأسبق، عامر عبد الجبار، إن العراق ما زال يخسر كثيرا من النفط رغم ادعاء وزارة النفط عودة التصدير وإصلاح الأعطال، وطالب بتدخل رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، على نحو "فوري" لإنقاذ منظومة التصدير النفطية في الجنوب، والتي قد تتوقف أو تنهار فجأة نتيجة تقادمها، حسب قوله.
حقائق مخفية
واتهم عبدالجبار، في حديث وزارة النفط بمحاولة إخفاء الحقائق في يتعلق بإعادة التصدير بعد إصلاح العطل، و"هذا الشيء غير صحيح، إذ إن التصدير عاد من الميناء، لكن الخزان الفائض تم عزله وحاليا يتم التصدير دون استخدام خزان الفوائض".
وأوضح عبد الجبار كيفية تحميل الناقلات بالنفط العراقي في الميناء، مشيرا إلى أن العملية تجري الآن من دون استخدام "خزان الفائض"، ما يؤدي إلى حصول هدر كبير بالمال العام.
وأضاف أن "الناقلة النفطية القادمة للتحميل يتم ضخ النفط لها، والنفط المتبقي من المفترض أن يعود بعد الانتهاء عبر الأنابيب إلى خزان الفائض بعد أخذ الحصة المقررة للباخرة، وعندما تأتي باخرة ثانية يتم تزويدها بالنفط الموجود بخزان الفوائض ومن ثم يبدأ ضخ النفط من الأنابيب ومنصات التحميل".
هدر بالمال العام
وتابع أن خزان الفوائض خارج الخدمة حاليا ويحتاج إلى إصلاح، نافيا أن يكون قد تم إصلاحه كما يشاع، "يعني أن العراق يصدر بدون إعادة الفوائض، بما معناه أن العراق يهدر الفوائض التي سوف تذهب لكل ناقلة نفط تحمل من الميناء، والذي يمكن أن يصل إلى نحو 5 آلاف برميل وهذا يعتبر هدرا للمال العام".
وشد عبد الجبار على ضرورة فتح تحقيق جدي وسريع في هذا الموضوع، لمعرفة سبب التسرب وسبب عدم تحديث الأنابيب والخزانات القديمة المتهالكة، "إذ إن وزارة النفط لم تتمكن من مد أنابيب جديدة".
ما سبب توقف ميناء العمية؟
ودعا عبد الجبار الحكومة العراقية لفتح تحقيق في موضوع ميناء العمية المتوقف عن العمل منذ أربع سنوات، رغم أن الأموال التي أنفقت على الميناء، ربما هي أكثر من قيمة براميل النفط التي صدرت من الميناء من 2003 وحتى الأن، حسب قوله.
وأشار إلى أن هناك أموالا طائلة هدرت، و"لذلك نطلب الادعاء العام وهيئة النزاهة ورئاسة الوزراء بفتح تحقيق في عملية إعمار ميناء العمية ومعرفة كمية الأموال التي أنفقت على الميناء، بينما لا يزال الميناء خارج الخدمة. فإذا حدث أي انهيار أو توقف انبوب أو منصة تصدير في ميناء البصرة النفطي هذا يعني أن موانئنا قد تتوقف" عن العمل.
وزاد عبد الجبار، وهو خبير في شأن النقل البحري، بالقول إن "الإصرار على عزل ميناء العمية، يحتاج لتحقيق مستقل وتدخل من أعلى السلطة وفي مقدمتها رئيس الوزراء، لأن النفط شريان العراق وروحه، ونعرف أن أكثر من 93% من موازنة العراق تأتي من النفط، فليس من المعقول أن نترك مقدرات الدولة بيد أناس قد يكون ليس لديهم خبرة، والتصدير مهدد بالإيقاف في أي لحطة لأن الأنابيب النفطية قديمة، ومنذ عام 1975 لم يتم تجديدها، ومن المفروض أن لا يتم البقاء والاعتماد على العوامات التصديرية SBM .
وحذر المهندس عامر عبد الجبار من أن الملف النفطي الذي يعد الشريان الرئيسي للشعب العراقي في خطر، وعلى رئيس الوزراء أن يتدخل، فارتفاع أسعار النفط اليوم والوضع الاقتصادي شبه المستقر لا ينفي أننا مهددون في أي لحظة بانهيار منظومة التصدير النفطية.
تساؤلات عديدة
يشير النائب عن محافظة البصرة، المهندس علي المشكور، إلى أن "ميناء العمية منذ 2008 وهو متوقف لأسباب نخجل من ذكرها وكان من الممكن أن يتم إصلاح منصات SBM أيضا".
وقال: "عندما تابعنا ملف الميناء، وجدنا هناك اندثار كبير بالمعدات، وحسب الظن أن وزارة النفط وشركة نفط البصرة تتعامل مع ميناء العمية على أنه مجرد كميات ومبالغ وهو أمر يفتح الباب لتساؤلات كثيرة في مقدمتها أن هذا الميناء يعد مصدرا رئيسيا لإدامة الواردات المالية للعراق".
وأضاف المشكور أن لديه تساؤلات كثيرة حول سبب ترك الميناء بوضعه الحالي، وعدم صيانته وعدم الأخذ بتقارير الجهات الفاحصة، "إنها تساؤلات كثيرة تم طرحها من قبلنا وتحتاج إلى إجابات، سوف نسعى لطرحها في لجنة النفط والغاز النيابية لمعرفة الحقائق بغية وضعها على طاولة المحاكم المختصة والجهات ذات العلاقة".
التسريب..انذار مبكر
عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، مصطفى جبار سند، كشف في حديث خص به "الحرة" أن التسرب الذي حصل قبل أيام أوقف التصدير في ميناء البصرة النفطي، أما العوامات التصديرية فاستمرت بالعمل، حيث وصلت الكميات التي قام العراق بتصديرها إلى مليونين ونصف المليون يوميا.
وتابع قوله "تم السيطرة على الضرر إلا أنه كان بمثابة إنذار مبكر لوزارة النفط والحكومة العراقية والسلطة التشريعية أيضا، وللشعب والإعلام العراقي".
وأضاف "علينا الانتباه إلى أن المنظومة التصديرية في العراق تحتاج لعمل كبير واهتمام واسع من قبل المشرّع العراقي، ومتابعة دائمة من قبل الحكومة الاتحادية لإصلاح الاهمال الكبير الموجود في عمل الميناء ومنظومته التي يمتد عمرها إلى 60 أو 70 سنة".
وشدد على ضرورة الإسراع في تأهيل كامل للموانئ النفطية التي تحتاج تخصيصات مالية كبيرة وصلاحيات موسعة. وعلى وزير النفط باعتباره الآن وزيرا للمالية باغتنام هذه الفرصة المهمة للإسراع والشروع في هذا المجال قبل فوات الأوان".
تلوث البيئة البحرية للعراق
ويلمح خبير النفط والطاقة محمد هورامي إلى وزارة النفط لم تتدارك التسريب فور حدوثه، "فخلال فترة قصيرة تمت خسارة مليون برميل من النفط، وهو عبارة عن مواد دهنية ومواد كاربونية تلوث بيئة البحر ومضرة، فضلا عما تشكله من خسارة اقتصادية".
ويرى استاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، أحمد صدام، أ خطط العراق الرامية لزيادة إنتاجه النفطي لنحو ثمانية ملايين برميل يوميا، والتي أعلنها وزير النفط إحسان عبد الجبار قبل أكثر من عام، وتطرق فيها لاعتماد خطط لاستثمار وزيادة الإنتاج النفطي لم تتطرق لإنشاء مرافئ جديدة أو لتطوير المرافئ النفطية الحالية ما يجعل التفكير بزيادة إنتاج وتصدير النفط إلى ستة أو ثمانية ملايين برميل نفط يوميا غير منطقي ولن يتحقق على أرض الواقع بحكم عدم وجود قدرات تصميمية للمرافئ التصديرية".
وقال صدام للحرة إن مرافئ التصدير الوحيدة في البصرة تتكون من مرفأ واحد وهو ميناء البصرة النفطي، ويعمل بطاقة تصميمية غيركافية لزيادة عمليات التصدير الذي كان سببا في حصول مشكلة التسرب النفطي الأخيرة، والتوقف الذي استمر لنحو ستة عشر ساعة، أما المرفأ الآخر فهو ميناء خور العمية وهو معطل بالكامل منذ سنوات".
ويعتقد صدام أن مستقبل القطاع النفطي العراقي مرتبط بمستوى النمو الاقتصادي وبمدى قدرة العراق على تحقيقه من خلال زيادة الإنتاج المرهون هو الآخر بزيادة القدرة التصديرية
وأكد صدام أن "استمرار العراق بسياسته النفطية الحالية لن يمكنه من تطوير القطاع النفطي والاستجابة لمتطلبات أوبك التي تأخذ بنظر الاعتبار المتغيرات الدولية والتوقعات التي تتناغم بين خطط زيادة الإنتاج وقدرات مرافئ التصدير النفطي، الأمر الذي سيؤثر سلبا على سمعة العراق الدولية التصديرية".
مشاهدة 919
|