ZNA- أربيل تلقى تنظيم "داعش" ضربة جديدة بمقتل زعيمه في سوريا المعروف باسم "ماهر العقال"، بعدما استهدفته طائرة مسيرة أميركية أثناء تنقله بدراجة نارية، بالقرب من ناحية جنديرس التابعة لمنطقة عفرين في ريف حلب شمالي سوريا.
ولم يسبق وأن تردد اسم "العقال" كثيرا ضمن قائمة الشخصيات التي تمسك بزمام أمور "داعش"، لكن وبعد مقتله تبين أنه أحد كبار "قادة التنظيم الخمسة"، حسب بيان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
وقال المتحدث باسم القيادة المركزية في البنتاغون، ديف إيستبرن، إن العملية أسفرت إلى جانب مقتل "العقال" عن إصابة أحد كبار مساعديه بجروح خطيرة.
وذكرت القيادة المركزية الأميركية في بيان أنه "تم ضمان التخطيط المكثف للعملية، لضمان تنفيذها بنجاح"، وأن "العقال كان يسعى لتطوير شبكات داعش خارج العراق وسوريا".
وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة ضربات جوية عن بعد بدأتها الولايات المتحدة، عقب مقتل زعيم داعش السابق، عبد الله قرداش، المعروف باسم "أبو إبراهيم القرشي".
ومنذ تاريخ مقتل "القرشي"، في فبراير 2022، بدا لافتا تصاعد العمليات، والتي باتت تستهدف بشكل أساسي شخصيات من "الصف الأول والصف الثاني" من قادة "داعش".
"عودة إلى الوراء"
من خلال البحث عبر شبكة الإنترنت ومحركات البحث كان اسم "ماهر العقال" قد ورد في تقرير نشرته وكالة "الأناضول" التركية، في يناير عام 2020، تحت عنوان: "تركيا.. القبض على عنصر من داعش متورط في تفجيرين إرهابيين".
ولم يكن ذلك العنصر هو "ماهر العقال" بل "عزو خلف سليمان العقال"، وأوضحت الوكالة شبه الرسمية، حينها أن الأخير متورط مع الأول المكنى بـ"أبو البراء" بالتخطيط للعديد من الهجمات الإرهابية، وتأمين المتفجرات المستخدمة في تفجيري "السلطان أحمد" بمدينة إسطنبول، وسوروج في ولاية شانلي أورفة.
ووقع تفجير في ميدان السلطان أحمد بإسطنبول في 12 يناير 2016، وأسفر عن مقتل 10 ألمان، إضافة إلى منفذ الهجوم، كما أصيب 16 آخرون بجروح، 14 منهم أجانب.
أما تفجير قضاء سروج، فكان بسيارة مفخخة ووقع، في 20 يوليو 2015، وأسفر عن 33 شخصا وجرح 86 آخرين.
من جانب آخر، شرح رائد الحامد، رئيس قسم الدراسات الأمنية في مركز العراق للدراسات الاستشرافية، زاوية تتعلق باسم "ماهر العقال"، الذي كان يتنقل في ريف حلب الشمالي، بهوية مدنية مزوّرة، صادرة عن "مجلس عفرين المحلي".
وفي 16 من شهر يونيو الحالي استهدف إنزال جوي لقوات التحالف ثلاثة من قيادي تنظيم "داعش" في قرية الحميرة، إحدى قرى ريف جرابلس شمال حلب.
واستهدف الإنزال، حسب ما قاله الحامد لموقع "الحرة"، ثلاثة أشخاص استطاع اثنان منهم الهرب من المنطقة بعد بعض المقاومة.
وهذان الشخصان هما: ماهر العقال و"أبو إبراهيم السفراني"، وهو من بلدة السفيرة ويشغل منصب مسؤول الاغتيالات في الشمال السوري. ويضيف الباحث: "غادرا منطقة جرابلس دون القبض عليهما".
في حين اعتقلت القوات الأميركية الشخص الثالث، وهو فواز أحمد الحسين الكردي. وهذا اسمه في البطاقة الشخصية الصادرة من المجلس المحلي لبلدة قباسين التابعة لمدينة الباب.
ويوضح الحامد "هو اسم مزور غير حقيقي، بينما اسمه الحقيقي فهو كما أعلنت عنه قوات التحالف: هاني أحمد الكردي، وينحدر من ناحية المنصورة في محافظة الرقة".
وكان المستهدف من الإنزال الجوي "ماهر العقال" أو "ماهر الشمالي" أو "أبو أيمن الشمالي" و"أبو البراء الشمالي"، وهو قيادي أمني بارز، ومن أهم أمنيي تنظيم "داعش" الحاليين".
ويتابع الباحث المختص بشؤون الجماعات المتشددة: "هو شقيق فايز العقال، والي الرقة السابق المعروف باسم 'أبو سعد الشمالي'، الذي شغل منصب أمير اللجنة المفوضة (إدارة الولايات)، وقتل قرب بلدة الباب بطائرة مسيرة بمدينة الباب في يونيو عام 2020".
"اسمه يرتبط بالخطورة"
واعتبر الرئيس الأميركي، جو بايدن، في تعليقه على ضربة ريف حلب أن القضاء على العقال "يبعث برسالة قوية إلى جميع الإرهابيين الذين يهددون العالم".
وأكد بايدن أن مقتله "يحد بشكل كبير من قدرة داعش على التخطيط ويحرمه من الموارد وتنفيذ عملياته في المنطقة".
وشدد في بيان على أن "عملية اليوم توضح أن الولايات المتحدة لا يلزمها إرسال الآلاف من القوات في مهام قتالية، لتحديد التهديدات التي تواجهها والقضاء عليها".
واعتبر الرئيس الأميركي أن "هذه الضربة الجوية تمثل تتويجا لعمل استخباراتي حازم ودقيق وتقف كدليل على شجاعة ومهارة قواتنا المسلحة".
وذلك ما يشير إليه الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، محمد صفر، بقوله إن "ماهر العقال يعتبر من قيادات الصف الثاني في داعش، التي تولت القيادة بعد ذهاب وغياب قادة الصف الأول".
ويضيف صفر لموقع "الحرة": "أصبح هؤلاء قادة الصف الأول، وتكمن خطورتهم في أنهم كانوا تنفيذيين وأقرب للميدان. هم متورطون بتفجيرات على الأرض وعمليات من هذا القبيل".
ويتابع أن "خطورة هؤلاء أن لهم تجربة في الميدان، ما يجعل من داعش أكثر قدرة على شن عمليات، بخلاف الجيل الأول الذي لم يكن قد تدرج ضمن هذا المسار".
من جانبه، كشف رائد الحامد أن العقال هو المتحدث الجديد الذي عينه تنظيم "داعش" تحت اسم "أبو عمر المهاجر". وهذه معلومة لم يتسن لموقع "الحرة" التأكد منها.
ويستبعد الحامد أن يكون زعيم داعش في سوريا مسؤولا عن "الولايات" البعيدة، كما تتحدث بعض وسائل الإعلام، "وهو من أهم المناصب الرفيعة في التنظيم، أي أنه مسؤول عن كل ما يتعلق بولايات التنظيم خارج سوريا والعراق، باعتبارهما ساحة واحدة تمثل مركز قيادة التنظيم".
ويعتقد الباحث أن "هناك خلطا بين ماهر العقال وشقيقه فايز العقال، المعروف على نطاق واسع أنه كان مسؤولا عن الولايات البعيدة، إضافة إلى منصبه المعروف بوالي الرقة".
هل من اختراق؟
في غضون ذلك تثير الاستهدافات المتكررة لقادة "داعش" على نحو متصاعد منذ بداية عام 2022 تساؤلات عن الأسباب التي أدت بالتنظيم إلى هذا الحال، والظروف الأمنية والعسكرية التي بات يعيشها في الوقت الحالي.
وفي العراق وسوريا لم يتبق للتنظيم حدود جغرافية كما كان الحال عقب إعلان "الخلافة الأولى" في عام 2014.
لكن ومع ذلك لا يزال التنظيم ينشط عبر "الخلايا النائمة" والتي بات نشاطها يتركز بشكل أساسي في منطقة صحراوية مترامية الأطراف وسط سوريا.
واعتبر الباحث رائد الحامد أن هناك "اختراقا أمنيا واضحا على ما يبدو في صفوف قيادات الصف الأول من التنظيم، الذي كان نادرا ما يخسر أحدا من قياداته الكبار قبل مقتل أبو بكر البغدادي، في أكتوبر 2019، على الأقل".
لكن قبل مقتل "البغدادي" كانت قد توالت عمليات قتل كبار قادة التنظيم، بدءا من المتحدث الأسبق "أبو محمد العدناني"، مرورا بخليفته "أبو حمزة المهاجر"، الذي قتل في ظروف لا تزال غير جلية.
ويضيف الباحث: "إلى جانب ما سبق هناك تساقُط لولاة الولايات في العراق بشكل متكرر دون أي ضجة إعلامية تثار حولهم، حيث أصبحت مثل هذه الأخبار شبه روتينية".
مشاهدة 1060
|