English | Kurdî | کوردی  
 
يوم اغتالوا بيان حزيران... فاضل ميراني
2022-06-30 [08:28 AM]


تنتج الكتابة اثرا إن هي تناولت الجانب الحيوي لموضوعها، عافية عن منهج الاستذكار دون استعبار .

 

لن اكتب عن بيان 29 حزيران 1966 الذي ستمر عليه ست وخمسون سنة، وهو المعروف سياسيا و اختصارا ببيان البزاز، اي بيان الراحل عبدالرحمن البزاز رئيس الوزراء العراقي الذي توفي عام 1973 لمجرد التنبيه لذكرى البيان الذي كان مشروع سلام داخلي طرفه الثاني هو الحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة الراحل الملا مصطفى البارزاني.

 

بل اكتب متناولا جوانب مؤثرة في الوضع السياسي و التكوين الفكري للطبقة الحاكمة و المتطلعة  للحكم في العراق يومها، حيث جرى الانقلاب على الطرف الحكومي من مفصل حكومي عسكري من داخل بنية السلطة نفسها، السلطة التي تحركت وفق مسار يرفع الناصرية شعارا، فكل من الراحلين الرئيس عبدالرحمن عارف و عبدالرحمن البزاز و عارف عبدالرزاق كانوا ضمن ذلك التوجه السائد في العمل السياسي العربي الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية.

 

تحرك عارف عبدالرزاق ليقود ثاني محاولة انقلاب في اليوم التالي لبيان البزاز، و ان كان قد كُتِبَت الخيبة للمحاولتين، الا ان ضرر المحاولة الاخيرة انسحب على واقع الصاحب الحكومي للبيان، الى واقع و مستقبل البزاز  نفسه والذي استقال لاحقا حيث صارت قضية تحييد الجيش و تجنب تلقي مفاجأت انقلابه اهم عند السلطة من بناء شرعية وطنية.

 

قد يكون عارف عبدالرزاق سرع دون ان يدري بتحرك طرف حزبي آخر هو البعث ليدخل القصر بحضور مدني و عسكري ليخلع عبدالرحمن عارف في تموز 1968 فقد كان منطق السلطة و الساعين لها لا يخرج عن اطار البندقية التي تحتل الاذاعة لتبث بيانها ذي الرقم واحد.

 

ايا كان تقييم الطرف الحكومي يومذاك لحقيقة نوايا او جدية التحرك لبيان البزاز، فنحن نحافظ على تقييمنا بأهمية البيان و معنى وجود شخص مثل عبدالرحمن البزاز- وهو نموذج قليل التكرار في تاريخ الفكر السياسي الحاكم في العراق- فمدنية سياسة البزاز حتى مع ملاحظات حول تأييده لحركتي مايس و الشواف و هي ملاحظات صارت سلبية و ايجابية بسبب تضاد فكر قادة انقلابات العراق، مدنية تفكير تعكس التشخيص الذكي لحل عادل لقضية الشعب الكوردي و الديمقراطية في العراق، حل فهم ظروف تشكيل الكيان السياسي للعراق بعد ثورة العشرين، حيث اجبرت القوى الكبرى التاريخ بالخضوع لجغرافيا ما بعد الدولة العثمانية، وهذا امر احسب ان البزاز قد عاصره و فهمه، و ادرك ان شعب كوردستان لم يقم بثوراته و انتفاضاته و لم يشهد تاريخه الحديث ضمن الدولة الوليدة كل هذا الجهد العسكري و الامني القمعي لولا خطأ في عقلية السلطة التي لا تعرف الا الحلول الملهبة للقضايا بعيدا عن الحلول الخلاقة.

 

بيان البزاز كان اشبه بحمامة سلام اطلقت وسط أسراب من الجوارح.

 

بقي الحزب الديمقراطي الكوردستاني مصرا على الحوار متأهبا جاهزا لدوره التاريخي في حل عادل لقضية امته، و اجبر اصراره و تفهم قسم من عقليات السلطة لمعنى استمرار الصراع ان ذلك اسرع لزوالهم فتحركوا كما من سبقهم لتقديم خطوة في الطريق الصواب بدل عشرات الخطى في طريق الخطأ، فكان اتفاق اذار العتيد.

 

صحيح ان تاريخنا مزدحم بمئات الوف الضحايا، و ان تاريخ المتسلطين مزدحم بدمنا و دم من ايدهم مجبرا او متطوعا، لكن كلا التاريخين يسجلان اننا لم نساوم ولم ننسحب لمنطقة الدعاية التي حيكت ضدنا حتى من بعض من خرج على ثوبنا، واننا سطرنا مع قوى وطنية تاريخا مشرفا سابقا لأوانه لعراق افضل ليس مستقبلا بل حتى قبل ذلك بعشرات السنين، وهنا يكمن الفرق بين قائد لشرعية امة هو البارزاني، وبين قادة شرعيات اخرى.

 

لا يصح القول الان ان ايا من قادة مرحلة السلطة لو كان فعل كذا لحصل كذا، فهذه ( اللو) لو امتناع، لكن يصح القول انهم لو يفعلون ما يعزز الشرعية و يتفكرون بالمادة الثالثة من الباب الاول من دستور 1958 و بيان حزيران و اتفاقية اذار و دستور 2005، فهم سيجنبون اجيالا حالية و مقبلة ضريبة تكرار مآسي التاريخ.

 

لم يبق عارف رئيسا و لا نال عبدالرزاق السلطة و البزاز دفع حياته ثمنا لموجة الانقلابات.

 

دراسة و تفسير التاريخ ليست شجاعة فقط، بل هي من صميم الحكمة و الحنكة و الانسانية.

 

 

 

(سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني)





مشاهدة 1243
 
 
معرض الفیدیو
أقوي رجل في العالم
لا تقتربوا من هذا الرجل العجوز
فيل صغير يصطاد العصافير
تصارع على الطعام
لاتضحك على احد لكي لا يضحكوا عليك
 
 

من نحن | ارشیف | اتصل بنا

جمیع الحقوق محفوظة وكالة أنباء زاگروس

Developed By: Omed Sherzad