التاريخ هو الماضي الموصوف بالوثائق ودراسته، التاريخ هو مصطلح لمجموعة من الحوادث والمواقف وبالإضافة الى الذاكرة، واكتشاف، وتنظيم، وعرض، وتفسير المعلومات حول هذه الحوادث والمواقف.
التاريخ هو ما يربطنا بالماضي ويطلعنا على ما جرى فيه وما حدث، ولكن هو ليس كل ما جرى لانه فقط ما سجل و وثّق وما احتفظ به الذاكرة( التي كثيراً ما تخون صاحبها) لكثرة الأحداث وتشعبها وتأثير ظروف الحياة ومعاناته عليه.
للتاريخ نوعين من الرجال( اعني الرجال والنساء) النوع الاول هم يصنعون التاريخ بمواقفهم وتصرفاتهم وقراراتهم وافكارهم وإبداعاتهم العلمية والأدبية وهؤلاء هم المؤثرين على مجرى الحياة، النوع الثاني هم من يسجلون الأحداث ويوثقونها بأقلامهم واساليب مختلفة ودورهم فعّال جداً لأنه هم السبب في اطلاع الأجيال القادمة على النوع الاول، وعلى النوع الثاني ان يكونوا منصفين وعادلين ويقومون بنقل الأحداث والمواقف كما هي دون زيادة ونقصان وبحيادية بعيداً عن الاهواء والنزوات الشخصية والعاطفية والمصالحية.
الشعب الكوردي من الشعوب العريقة في منطقة الشرق الأوسط وساهم بشكل فعال في بناء الحضارات وقدم الكثير في سبيل الانسانية والسلم والأمن العالميين ولا يزال، في مقابل ذلك لا اعتقد ان شعباً ذاق ما ذاق الشعب الكوردي من مرارة وتهميش وكراهية على يد الأنظمة الحاكمة للدول التى تقاسمت أراضيه تلبية لحماية المصالح الدولية، تعاملت هذه الأنظمة مع الكورد مواطنين من الدرجة الثانية واتهموهم بالانفصاليين والمتمردين والمخربين وتشويه صورتهم للعالم وكتبوا تاريخ هذا الشعب المغلوب على أمره كيفما شاءوا ، لان التاريخ يكتبه المنتصرون كما يقال مع تقديرنا للجهود التي بذلتها مجموعة من الكتاب والمثقفين الكورد وكذلك من أصدقاءهم والمتعاطفين مع قضيتهم العادلة وانقذوا ضمائرهم من التأنيب وكتبوا بإنصاف وصدق، كل هذا لا يكفي بل لا بد من حملة توعية وإرشاد بين صفوف اصحاب الاقلام ليبدأوا بجرأة وحماس ويفتحوا صفحات التاريخ التي انطوت عليها النسيان وجمعت عليها الغبار على الرفوف ويكتبوا الحقيقة ويبحثوا عنها ويدونونها، الجميع مطالبون بالبحث والاستقصاء للوصول الى حقيقة ما قدمه اجدادنا دون تحريف وتزييف ، لكي لا يؤنبنا القادم من الأجيال على تقصيرنا وأهمالنا لان التاريخ لا يرحم، الفرصة سانحة للجميع كلٌ حسب اختصاصه ان يعمل ويبحث ويجتهد ويحقق ما بوسعه ليكون جزءاً من هذا المشروع وكذلك مؤسسات الحكومة والبرلمان الكوردستاني والمنظمات غير الحكومية والإعلام والأحزاب جميعها مطالبة للمشاركة ودعم أيّ مجهود من هذا القبيل.
احدى المحطات المهمة من تاريخ الشعب الكوردستاني هي تصديها لهجمات التنظيم الإرهابي داعش عند هجومها على اقليم كوردستان في عام ٢٠١٤ وأبدى قوات البيشمةركة ( المستعد للموت) اروع البطولات وبشجاعة فائقة وقدم آلاف الشهداء وعشرات آلاف من الجرحى فداءً للوطن وحماية أمنه واستقراره وبات اسم البيشمةركة رمزاً للتضحية ومدافعاً عن أمن العالم وسلمه.
تم توثيق وتسجيل بطولاته عند تصديه للانتحاريين وسياراتهم المفخخة بشتى الوسائل، لكن براينا المتواضع فانه لا يرتقي الى مستوى التضحيات وبسالة البيشمةركة وشجاعته ودليلنا في ذلك نذكره في سبيل المثال لا الحصر ان مركز البيشمةركة الثقافي في محافظة دهوك قام قبل فترة بتكريم الكُتّاب الذين دونوا حياة الشهداء في دفاعهم عن كوردستان ضد داعش الإرهابي في محافظة دهوك فقد كان عددهم عشرة فقط في حين قدمت هذه المحافظة وحدها اكثر من خمسمائة من ابناءها.
استغربت كثيراً مع تقديرنا العالي لجهود هذا المركز الثقافي لقلة عدد الكُتّاب الذين كتبوا عن حياة شهداء محافظتهم مقارنة بكثرة عددهم وهذا يمثل نقصاً ونقطة حرجة امام دماء هؤلاء الشهداء ونضال البيشمةركة لان حياة الشهداء هو جزء مهم من تاريخ تلك المرحلة الحرجة ولولا هم لما بقي من كياننا شيئا، ويكون شاهداً لنا في المحافل الدولية على ما قدمناه في سبيل الانسانية، وهذا حال الكثير من المواضيع الاخرى منها الإبادات الجماعية التي تعرض له هذا الشعب والانتفاضة الشعبية عام ١٩٩١ وغيرها.
سؤالنا، ما هو السبب في هذا العدد القليل من الكتاب لا بد من مراجعة سريعة ودقيقة للموضوع وتحديد الأسباب سواء كانت متعلقة بالكتاب أنفسهم او صعوبة الموضوع او عدم وجود الدعم المادي والمعنوي الحكومي لمثل هذا الموضوع المهم، اياً كان السبب فانه لا يعتبر مقنعاً ومبرراً للإهمال والتقصير وإلا سيكون لابناء هؤلاء الشهداء وعوائلهم والشعب اجمع كلمته.
ندعو الجهات الرسمية وغير الرسمية أدى تقديم الدعم اللازم لاحياء هذا المشروع وإلا سيكون مصيره النسيان والإفلات من الاقلام مثل المثير من المواضيع الاخرى فحينها لا تنفع الندم
مشاهدة 1333
|