ZNA- أربيل مع أن رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، هو زعيم لكتلة سياسية مستقلة، أعضاؤها من السنة العراقيين، إلا أن فوزه برئاسة البرلمان للمرة الثانية في الاقتراع النيابي الذي أجري في التاسع من يناير الماضي، اعتبر فوزا للتيار الذي يقوده رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر.
وقالت مجلة National Interest الأميركية إن فوز الحلبوسي زاد من اتساع الانقسامات بين الشيعة العراقيين في البرلمان، لكنه كشف أيضا "قدرة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر على تغيير الديناميكيات السياسية في جميع أنحاء العراق".
ووفقا للدستور العراقي، أمام البرلمان 30 يوما من الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس الجديد للبلاد، الذي سيطلب بعد ذلك من أكبر كتلة في البرلمان تشكيل حكومة.
مساع معقدة
وحتى الآن، لا يوجد اتفاق بين القوى السياسية الرئيسية في العراق، لكن "يمكن النظر إلى انتخاب الحلبوسي على أنه انتصار لكتلة الصدر على كتلة الإطار التنسيقي" بحسب المجلة التي قالت إن الإطار هو "كتلة متحالفة إلى حد كبير مع إيران".
وأضافت المجلة "اليوم، ينقسم التمثيل السياسي للطائفة الشيعية العراقية بوضوح إلى كتلتين رئيسيتين، الأولى هي التيار الذي يقوده رجل الدين مقتدى الصدر، أحد أبرز القادة السياسيين في العراق بعد عام 2003. أما الكتلة الشيعية الأخرى فهي "الإطار التنسيقي"، وهو ائتلاف فضفاض يضم أحزابا ذات سيادة شيعية تضم رئيسين سابقين لحكومة العراقية وشخصيات سياسية شيعية أخرى مؤثرة.
وحصل الصدريون على ما يقرب من 40 في المئة من المقاعد التي فاز بها الشيعة في الانتخابات الماضية، لكن نظرا للطابع المعقد لتحالفه، لا يزال من غير الواضح عدد المقاعد التي سيشغلها إطار التنسيق. ومع ذلك، يبدو أنهم سيسيطرون على ما لا يقل عن سبعين مقعدا، بحسب الصحيفة.
وكأكبر حزب منفرد في البرلمان، صوت الصدريون لصالح إعادة انتخاب الحلبوسي، في حين قاطع الإطار التنسيقي التصويت.
وحدث انقسام مماثل بين الأكراد، حيث حضر التصويت الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة مسعود بارزاني، في حين انضم الاتحاد الوطني الكوردستاني إلى الإطار في مقاطعة التصويت.
وتقول المجلة إن الصدر "جاد في تشكيل حكومة أغلبية الأمر الذي من شأنه أن يتحدى الوضع السائد في العراق بعد عام 2003"، مستدركة "لكن هذا الإطار التنسيقي يرفض هذه الفكرة، كما يرفضها كل حزب رئيسي إلى جانب حزب الصدر".
أغلبية وطنية
وتضيف المجلة "في حين انضم السنة والحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى الصدر في التصويت لاختيار رئيس، إلا أن انتخاب رئيس ورئيس وزراء أكثر تعقيدا بكثير".
وستعتمد أي حكومة ذات أغلبية من التيار الصدري على دعم الحزب الديمقراطي الكردستاني والتحالف الجديد بين التقدم (برئاسة محمد الحلبوسي) والعزم (برئاسة خميس الخنجر)، الفائزين السياسيين الرئيسيين بين كورد العراق والسنة.
لكن، من ناحية أخرى، يمكن للصدر تشكيل حكومة أغلبية وطنية من خلال تقسيم الإطار التنسيقي، الحصول على دعم التحالفات الشيعية مثل ائتلاف دولة القانون (برئاسة نوري المالكي) وتحالف فتح (برئاسة هادي العامري).
وتشير مصادر عراقية محلية إلى أن الإطار التنسيقي قد يكون فعلا على طريق قبول حكومة صدرية، أو على الأقل إن الكتل الكبيرة داخل هذا الإطار تستعد للدخول في مفاوضات جادة مع أطراف أخرى.
وأجرى زعيم تحالف الفتح، هادي العامري، زيارات خلال اليومين الماضيين، إلى إقليم كردستان العراق للقاء، مسعود بارزاني، رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، كما التقى الصدر وقادة آخرين.
وردا على الأنباء التي فسرت زيارات العامري بأنها تمهيد للانضمام إلى الصدريين، أكد عدة متحدثين من الإطار أنه "لا يزال موحدا".
وفي حين لا يمتلك الصدر اعتراضات جوهرية على العامري، فإن كتلة الفتح تضم نوابا من ميليشيا عصائب أهل الحق، التي لا يبدو أن الصدر يريد التحالف معها، كما أن الكتلة الأكبر ضمن الإطار هي كتلة "دولة القانون" ولرئيسها، نوري المالكي، والصدر تاريخ طويل من الخلافات.
وتقول المجلة إن الصدر سيواجه الصدر ثلاثة تحديات رئيسية في أي محاولة لتشكيل تحالف مع الكورد والسنة، إذ أنه على الرغم من وجود تفاهم بين الصدر والبارزاني والحلبوسي قبل الانتخابات، إلا أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والأحزاب السنية رفضوا حتى الآن فكرة تشكيل تحالف مع كتلة شيعية واحدة فقط.
وبالإضافة إلى ذلك، حاول رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، إنشاء تحالفات جديدة في محاولة لزيادة مقاعد الإطار. وقد خلق ذلك توازنا في المقاعد بين الكتلتين السنيتين، مما جعل من الصعب على الحلبوسي المطالبة بالقيادة الوحيدة أو التمثيل الوحيد للسنة في العراق، كما تقول المجلة.
كما أنه إذا نجح الصدر في الحصول على دعم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، فلن يشكل الصدريون – المكون الشيعي في الائتلاف – أغلبية، مما يجعلها أول حكومة لا يهيمن عليها الشيعة منذ عام 2003. وقد يجعل ذلك الحكومة ضعيفة أمام الصراع لكسب دعم الطائفة الشيعية، كما تقول ناشيونال انترست.
وتضيف المجلة "هذه التحديات تجعل من المرجح أن يحاول الصدر التواصل مع القوى الشيعية في إطار التنسيق لتشكيل حكومة توافقية بقيادة الصدر.
وتوضح أن الصدريين قد "بفكرون في الاستقرار كمعارضة، وقد يحمل الخيار الأخير بعض الجاذبية للصدر، الذي قدم نفسه دائما على أنه منشق يحاسب الحكومة في بغداد".
وتضيف المجلة أنه "قد يرى أنصار الصدر، الذين لا يشككون في خياراته عادة، أن الصدر زعيم حقيقي ضحى بالسلطة السياسية من أجل الأمة".
وأضافت أنه "إذا قرر الصدر أن يسلك هذا الطريق، فإنه سيخلق أهم قوة معارضة في النظام السياسي العراقي بعد عام 2003".
مصاعب المعارضة
عمليا، يمكن أن تحاسب كتلة معارضة كبيرة الحكومة وتجعلها في مأزق مستمر، إذ أن "فقدان القدرة على منح التعيينات لآلاف المناصب العليا والخاصة في الحكومة العراقية قد يجعل الصدر يتردد في تشكيل ائتلاف معارض".
وتقول المجلة إن "السيطرة على هذه التعيينات تسمح للسياسيين بتوجيه السياسة الوطنية وتعزيز مصالحهم السياسية والإثنية والاقتصادية الخاصة بهم".
وفي حين يتمتع الصدر بقاعدة منضبطة ويستطيع تحمل تكاليف تغيير مواقفه من دون أن يفقد الدعم، إلا أنه يعلم أن فوزه كان راجعا إلى حد كبير إلى تعامل الصدريين الماهر مع القوانين الانتخابية الجديدة، وفي حين حصلوا على زيادة بأكثر من 19 مقعدا عن الدورة الماضية للبرلمان، فقد انخفضت مجموع الأصوات التي حصلوا عليها بشكل كبير.
وبالنسبة للعديد من الناشطين السياسيين داخل التيار الصدري، وخاصة أولئك الذين عملوا بجد خلال الحملة الانتخابية، فإن التواجد في المعارضة سيمنعهم من جني الثمار التي يعتقدون أن الصدر مدين لهم بها.
وأخيرا، تقول المجلة، إنه "إذا لم يتم ضم الصدر إلى الحكومة المقبلة، فإن إطار التنسيق والميليشيات الموالية له ستهيمن على العراق، وهذا من شأنه أن يسمح للميليشيات بمواصلة العمل خارج قوات الأمن العراقية من دون مواجهة ضغوط من الحكومة".
وتخلص المجلة إلى أنه "مع كل هذا في الاعتبار، من المرجح أن يتم تشكيل حكومة توافق، ومع أن هذا ليس جديدا في البلاد، لكن هذه الحكومة قد تحمل الأولويات السياسية والأيديولوجية والدولية لمقتدى الصدر، بشكل أكبر".
مشاهدة 1378
|