اربيل (zna) اعتبر موقع "دويتشه فيله" الألماني في تقرير له، مع اقتراب الموعد الرسمي لنهاية المهمة القتالية للقوات الأمريكية في العراق في 31 كانون الأول/ديسمبر 2021، ان العراقيين يأملون أن تتغير طبيعة الدور الأمريكي في بلادهم وأن تنتهج واشنطن سياسية أكثر حساسة واعتدالا تجاه العراق، لكن الولايات المتحدة لا تستطيع حل جميع مشكلات العراق المعقدة والملحة، إلا ان المشكلة الاساسية حاليا هي الاقتصاد.
مهمة المشورة
وبعدما اعلن الجيش الامريكي نهاية مهمته القتالية في العراق، ذكر التقرير ان هذه الخطوة تأتي بعد شهور قليلة من اجتماع عقد في يوليو/تموز بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس الأمريكي جو بايدن، أعلنا بعده انه "لن تكون هناك قوات امريكية بدور قتالي في العراق بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر 2021".
ولفت التقرير إلى أن الخبراء اعتبروا ان الكاظمي وبايدن توصلا الى هذا الاتفاق بهدف تخفيف الضغط على حكومة الكاظمي المستهدفة من قبل الحشد الشعبي المدعوم من إيران وتعارض أي وجود أميركي، وأنه جرى الانتهاء من خطة تغيير وضع القوات قبل الموعد المحدد عندما اعلن مستشار الامن القومي العراقي قاسم الأعرجي في 9 كانون الأول/ديسمبر الانتقال إلى مهمة "تقديم المشورة والمساعدة والتمكين" قد اكتمل الآن.
الا ان التقرير اشار الى انه برغم الضجة التي رافقت الإعلان عن ذلك، الا ان التغييرات ليست ضخمة من الجانب المادي وهي "بالتأكيد بعيدة كثيرا عن الانسحاب الشامل الذي شوهد في أفغانستان مؤخرا".
واستعرض التقرير مراحل الوجود الأمريكي في العراق منذ الغزو العام 2003 بحثا عن أسلحة الدمار الشامل، لكن عديد القوات انخفض منذ ذلك الوقت من حوالي 160 ألف جندي في العام 2008، وفي العام 2011، خلال عهد الرئيس باراك أوباما، جرت تخفيضات عدة بموجب اتفاقيات مبرمة، وفي العام 2014، عاد الجنود الأمريكيون الى العراق مجددا، بناء على طلب بغداد من اجل قيادة تحالف دولي ضد تنظيم داعش. ثم منذ أن اعلنت الحكومة العراقية رسميا انتصارها على داعش في العام 2017، تراجع عدد القوات الأمريكية مرة أخرى.
والآن، بحسب التقرير، يوجد حوالي 2500 جندي امريكي في العراق، الى جانبهم يتمركز حوالي 4500 متعاقد مع وزارة الدفاع الأمريكية، فيما ينتشر حوالي ألف جندي من دول التحالف الاخرى في العراق، بينهم حوالي 130 من ألمانيا.
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جون كيربي أعلن في وقت سابق من الشهر الحالي، انه من غير المرجح أن تتغير اعداد القوات الامريكية.
وضع غير قتالي
ونقل التقرير عن الباحث في معهد بروكينجز الأمريكي رانج علاء الدين قوله إن "الولايات المتحدة كانت في وضع غير قتالي في العراق منذ بعض الوقت، إن لم يكن منذ عدة من السنوات".
إلا أن التقرير أكد على حدوث تغييرات فعليا ومتواصلة، حيث انسحبت القوات الأميركية من 8 قواعد اعتقدت أنها قد تكون معرضة للهجوم من قبل الحشد الشعبي، كما قالت المحللة في معهد نيولاينز للأبحاث ومقرها واشنطن كارولين روز التي أوضحت "لقد شهدنا سلسلة من عمليات نقل القواعد، لكنها ظلوا هادئين بشكل كامل".
كما أشار الى تقرير للكونغرس صدر في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي يشير الى نقل موقع قيادة واحد من العراق إلى الكويت في تشرين الثاني. كما تم نقل بعض المتعاقدين الأميركيين، وبينهم من شاركوا في صيانة أسطول العراق من طائرات اف 16"، واصبحوا الان يعملون عن بعد.
ولفت التقرير إلى أن "معظم الأمريكيين يتمركزون حاليا اما في بغداد او في مدينة اربيل". كما ترجع التمويل الأميركي لبعض جوانب التعاون العسكري بشكل تدريجي، في حين من المتوقع أن تبدأ الحكومة العراقية بتحمل هذه التكاليف في نهاية الأمر.
وبحسب تقرير للجيش الأمريكي فإنه من بين 426 عملية ضد تنظيم داعش نفذتها قوات مكافحة الإرهاب العراقية بين شهري يوليو/ تموز وسبتمبر/أيلول، كان هناك 13 عملية فقط جرت بالشراكة مع قوات التحالف. كما أن التحالف الدولي نفذ ضربات جوية على مواقع تابعة لداعش في تلك الشهور، أقل مما كان عليه الوضع في السابق. واشار التقرير ايضا الى ان "الانسحاب الأمريكي السريع من أفغانستان اثر على مدى سرعة تحرك الضباط العراقيين ليصبحوا أكثر استقلالية".
الا ان التقرير الالماني نقل عن مصدر بارز في الحكومة العراقية قوله إنه "من الناحية العملية، فإننا ما زلنا بحاجة الى القوات الامريكية هنا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالغطاء الجوي والطائرات المقاتلة"، موضحا ان "سلاح الجو العراقي ضعيف نسبيا، وأنه لولا القوات الجوية الأمريكية، لكانت البلاد معرضة أكثر لهجمات الطائرات المسيرة، كما أنها ستواجه صعوبة في شن ضربات جوية على داعش".
وبالاضافة الى ذلك، يحتاج الجيش العراقي بحسب المصدر العراقي البارز، الى "معلومات استخباراتية أمريكية عن ارهابيي داعش".
ورجح التقرير؛ أن تستمر الطائرات الامريكية في القيام بطلعات جوية ضد داعش، بالاضافة الى تنفيذ عمليات مراقبة.
أزمة اقتصادية
نقل التقرير عن علاء الدين، المحلل بمعهد بروكينجز، قوله ان التغيير في وضع القوات الأمريكية يشير الى هناك تغييرا مستمرا في سياسة الولايات المتحدة إزاء العراق، خاصة عند مقارنتها بادارة دونالد ترامب.
وأوضح علاء الدين انه في ظل ادارة بايدن "يامل العراقيون بحدوث نهج اكثر حساسية واعتدالا تجاه العراق، وان تدرك ان المناخ الأمني في العراق مرتبط بقوة بالديناميات السياسية المحلية في العراق".
أما مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد السلام الامريكي سرهنك حمه سعيد فقد كتب أن بعض أكبر مخاوف العراق في الوقت الراهن هي اقتصادية، مضيفا أنه في حين أن الولايات المتحدة شريك مهم في العراق، وتساعد على تحقيق التوازن بين القوى السياسية الداخلية والخارجية، إلا أن الولايات المتحدة لا تستطيع حل جميع مشاكل العراق المعقدة والملحة.
واشار سعيد الى احتمال ان تتبلور "سياسة تتمحور حول العراق في ظل إدارة بايدن لا ترى العراق من منظور قضايا إيران وداعش".
مشاهدة 1486
|