ZNA- أربيل بإعلان وفاة الجنرال والدبلوماسي الأميركي المخضرم، كولن باول، الاثنين، أسدل الستار على مسيرة أحد أهم الشخصيات العامة في تاريخ الولايات المتحدة، بعدما رحل دبلوماسي ومحارب حفر اسمه في العديد من المواقف الهامة، من أبرزها دفاعه المستميت عن حرب الخليج الثانية ثم "اعتذاره" عن تقديم معلومات "خاطئة" عنها بعد ذلك.
ولد باول في حي هارلم بمدينة نيويورك، عام 1937، لأبوين مهاجرين من جامايكا، ونشأ في جنوب برونكس، وهناك التحق بكلية مدينة نيويورك.
وفي سنوات الشباب، انضم إلى فيلق تدريب ضباط الاحتياط (ROTC)،وبعد تخرجه في عام 1958، حصل على رتبة ملازم ثان، ليبقى في الخدمة العسكرية لمدة 35 عاما، خدم خلالها مرتين في حرب فيتنام، والتي خرج منها بإصابة جسدية، وخدم أيضا في ألمانيا الغربية وكوريا الجنوبية، قبل أن يرتقي إلى أرفع منصب في الجيش.
عمل مستشارا للأمن القومي في عهد الرئيس الراحل، رونالد ريغان، من عام 1987 إلى 1989، في فترة نهاية الحرب الباردة. ومن خلال هذا المنصب، شارك في المفاوضات حول معاهدات الحد من الأسلحة وحضر الاجتماعات مع الرئيس السوفيتي ، ميخائيل غورباتشوف.
في عام 1989، حصل على رتبة جنرال. وفي عهد الرئيس الأسبق، جورج بوش الأب، تقلد منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة، وخلال أربع سنوات في هذا المنصب، أشرف على 28 أزمة، من أهمها عملية "عاصفة الصحراء" في عام 1991، التي طردت قوات صدام حسين من الكويت.
فكر الجمهوري المعتدل باول في خوض سباق انتخابات الرئاسة في عام 1996، لكن مخاوف زوجته بشأن سلامته أثنته عن ذلك. وفي عام 2008، خرج عن حزبه، ليعلن تأييده للمرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، باراك أوباما، الذي أصبح أول أسود ينتخب للبيت الأبيض.
بعد حياة عسكرية حافلة، طور ما عرف باسم "عقيدة باول" وتعني أن أي عمليات عكسرية تقوم بها الولايات المتحدة يجب أن تكون لها أهداف سياسية واضحة ودعم شعبي، مع استخدام القوة الحاسمة لهزيمة قوات العدو.
وعندما تقاعد من الجيش في عام 1993، كان باول أحد أشهر الشخصيات العامة في البلاد، وبعد خروجه، أسس منظمة "الوعد الأميركي"، المعنية بمساعدة الأطفال المعرضين للخطر.
وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز في عام 2007، حلل باول نفسه قائلا: "باول قادر على حل المشكلات. تم تعليمه كجندي لحل المشاكل. لديه آراء، لكنه ليس أيديولوجيا. لديه شغف لكنه ليس متعصبا. إنه أولا وقبل كل شيء قادر على حل المشكلات".
في عام 2000، اختاره الرئيس الأسبق جورج بوش الابن لتولي وزارة الخارجية، وقال عنه إنه "بطل أميركي، ومثال أميركي، وقصة أميركية عظيمة". وبإجماع أعضاء مجلس الشيوخ، تم التصديق على تعيينه في 2001.
خلال عمله على رأس الدبلوماسية الأميركية، ركز باول على توثيق التحالفات الدبلوماسية في جميع أنحاء العالم، ودعم نظام الدفاع الصاروخي، والعمل من أجل السلام في الشرق الأوسط، وإعطاء الأولوية للعقوبات بدلا من القوة العسكرية في المناطق الساخنة المحتملة مثل العراق.
عمل باول على تحسين العلاقات الثنائية مع الصين وروسيا، وشارك في جهود انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية بين الولايات المتحدة وروسيا.
بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، كان من أبرز المؤيدين للقيام بعمل عسكري سريع ضد "القاعدة" وطالب بالبحث عن المتواطئين في الهجمات.
وحث على التعاون الدولي لوقف برامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية وإيران، وحققت الإدارة نجاحا مهما في منع الانتشار النووي بإقناع ليبيا على التخلي عن برامج الأسلحة النووية في عام 2003.
في مجال المساعدات الخارجية، دفع باول الإدارة لزيادة التزامها بالمكافحة الدولية ضد الإيدز، وأشرف على مضاعفة تمويل مساعدات التنمية.
واجه وزير الخارجية باول مجموعة متنوعة من الأزمات الدولية خلال هذه الفترة، من أهمها الصراع بين القوتين النووين الهند وباكستان في 2001-2002، والاضطرابات الداخلية في ليبيريا (2003) وهايتي (2004)، وتسونامي المحيط الهندي في عام 2004.
من أبرز جهوده أيضا، دعم إيجاد حل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني و"خارطة الطريق" عام 2002 التي كانت تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش في سلام مع إسرائيل.
وعندما تحول اهتمام الإدارة إلى العراق، ضغط باول على مفتشي الأمم المتحدة التحقيق بشأن احتمالات وجود أسلحة دمار شامل هناك.
وفي خطابه الشهير أمام مجلس الأمن الدولي، في فبراير 2003، قدم باول معلومات استخباراتية إلى الأمم المتحدة تدعم وجود هذه الأسلحة وإمكانية إنتاج المزيد منها. بعد ذلك، تحركت الإدارة بسرعة نحو عمل عسكري استباقي ضد العراق.
لكن باول وجد صعوبة في العيش مع خطاب فبراير 2003 ، بعد أن قالت تقارير إن الأدلة التي قدمها لم تكن صحيحة، وقال في مقابلة، عام 2005، مع شبكة "إيه بي سي": "إنها وصمة .. ستظل دائما جزءا من سجلي. لقد كانت مؤلمة. إنها مؤلمة الآن".
في 15 نوفمبر 2004، أعلن استقالته من منصبه وزيرا للخارجية، ليعود إلى منظمة "الوعد الأميركي" ويشغل عضوية "مجلس العلاقات الخارجية"، وبرنامج آيزنهاور للزمالة، ومركز باول في كلية سيتي كوليدج في نيويورك، وغيرها من المراكز والمنظمات التابعة للقاطع الخاص.
وبعد إعلان وفاته، الإثنين، تدفقت عبارات التعازي تكريما لمحارب سابق ودبلوماسي مخضرم. وأشار السيناتور الديمقراطي مارك وارنر بباول ووصفه بأنه "وطني وموظف عام"، بينما قال عضو مجلس النواب الجمهوري بيتر ميغر إنه "رجل دولة حقيقي".
مشاهدة 1945
|