English | Kurdî | کوردی  
 
الصدر والمالكي ثنائية التنافس وتصدع البيت الشيعي
2021-09-05 [08:23 AM]

ZNA- أربيل


مقابل ترحيب لوبي المصالح وتوزيع الامتيازات السياسية بعودة مقتدى الصدر وتياره إلى المشاركة في الانتخابات البرلمانية العراقية المؤمل إجراؤها في أكتوبر المقبل، بدا الخصم السياسي للصدر رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بين الأقل ترحيبا بهذه العودة.

 

ولا يصعب بالنسبة إلى العراقيين قبل قارئي المشهد السياسي الملتبس فهم دلالة “اللاترحيب” من قبل المالكي بالصدر، فالعداء بين الرجلين وصل إلى صولات حرب من بغداد إلى البصرة عندما كان نوري المالكي رئيسا للوزراء، وقاد حملة عسكرية ضد أنصار الصدر في مدينة البصرة.

 

بقي العداء كامنا، ولم يكن فقط بين الرجلين ضمن البيت الشيعي الذي بدت عليه علامات التصدع، وإنما امتد إلى ما بين حزب الدعوة الإسلامي وائتلاف دولة القانون الذي يرأسه المالكي والتيار الصدري بقيادة مقتدى، وهكذا امتد التنافس وتصاعد مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية.

 

وكان الصدر قد تراجع الأسبوع الماضي عن قراره بمقاطعة الانتخابات البرلمانية الذي أعلنه منتصف يوليو الماضي بسبب ما اعتبره في حينه أن “الأجواء غير مواتية لإقامة عملية اقتراع نزيهة بسبب الفساد”.

 

وتذرّع الصدر لتبرير تراجعه الذي لم يخل من إحراج له وانتقاص من مصداقيته بـ”إنقاذ العراق من الفساد”.

 

وقال في كلمة متلفزة من على منبر تجمع حوله العشرات من أعضاء تياره بعد تسلمه “ورقة إصلاح موقّعة” من عدد من الزعماء السياسيين، إن “تلك الورقة جاءت وفق تطلعاتنا وتطلعات الشعب الإصلاحية، لذلك فإن العودة إلى المشروع الانتخابي المليوني الإصلاحي باتت أمرا مقبولا”.

 

وأضاف “يجب أن تكون الورقة الإصلاحية ميثاقا وعقدا معهودا بين الكتل والشعب بسقف زمني معين، دون مشاركة الفاسدين وذوي المصالح الخارجية وعشاق التبعية والتسلط والفساد”.

 

العودة المتوقعة

 

عودة الصدر وتياره التي كانت متوقعة لم تكن مريحة لخصوم تقليديين على رأسهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي بدا خلال الأيام الأخيرة طامحا للعودة إلى المنصب الذي شغله بين سنتي 2006 و2014 وأزيح عنه على خلفية الحصيلة الكارثية لفترة حكمه، والتي تلخّصها سيطرة تنظيم داعش على ما يقارب ثلث مساحة العراق خلال السنة الأخيرة من ولايته.

 

وقلّل المالكي الذي بدأ بالفعل حملة انتخابية تحت عنوان “نعيدها دولة” وكثّف بشكل لافت من ظهوره الإعلامي، من قرار زعيم التيار الصدري بمقاطعة الانتخابات، معتبرا أن عدم مشاركة التيار فيها لا ينتقص من شرعيتها ولا يمثّل مدعاة لتغيير موعدها.

 

واعتبر مراقبون أنّ طموحات رئيس الوزراء العراقي الأسبق للعودة إلى قيادة البلاد جعلت زعيم التيار الصدري في ورطة، نظرا للعداوة المستحكمة بينهما.

 

إلا أن المالكي نفى وجود أية علاقة بين سفره إلى كوردستان العراق من أجل عقد تحالفات جديدة مع خصمه السابق مسعود البارزاني وعودة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للمشاركة في الانتخابات.

 

وقال المالكي إن “لقاءه برئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود البارزاني لم يكن السبب في تأسيس فكرة عودة الصدر للمشاركة في الانتخابات (…) سبق وأن دعونا الجميع للمشاركة في العملية”.

 

وعبر عن جهله بطبيعة الضمانات التي قدمتها بعض الكتل السياسية للصدر، مؤكدا أنه لم يطلع أو يوقع عليها.

 

وعن إمكانية وصول رئيس وزراء من الكتلة الصدرية، أكد المالكي أن “من سيحدد رئيس الحكومة المقبلة هي التحالفات، ولم أطلب من أحد أن أكون رئيساً للوزراء”.

 

ولا توحي تصريحات المالكي التي تأتي بعد أيام قليلة من تراجع الصدر عن قرار المقاطعة باحتمال قريب لأنهاء الخلاف مع التيار الصدري، مع أن المالكي قال “الأفضل لي وللعملية السياسية أن لا تبقى خصومات ومؤامرات”.

 

ولا يخضع العداء بين المالكي والصدر للمعايير السياسية التقليدية، فهو ثابت ولا يمكن أن يطرأ عليه أي تغيير. ذلك لأن أسباب العداء ليست وقتية وليست مرتبطة بواقعة بعينها. هما كائنان متنافران، يحمل كل واحد منهما للآخر قدرا من الكراهية يود معها لو محاه من الأرض. ولقد سبق لهما أن خاضا حربين، وليس مقبولا في هذه المرحلة أن يلحقاهما بحرب ثالثة. ذلك واحد من الأسباب التي تجعل حظوظ المالكي في السباق الحكومي منخفضة إضافة إلى أنه يعتبر ورقة محترقة بالنسبة إلى جميع الأطراف المعنية بالعملية السياسية في العراق. المقصود هنا إيران والولايات المتحدة بشكل أساس. فالمالكي الذي يعتبر نفسه عراب البيت الشيعي ينتمي إلى جيل سياسي غاب معظم أفراده عن المسرح السياسي، وهو يمثل طريقة في التفكير السياسي الملغوم طائفيا لم يعد لها مكان في عراق ما بعد داعش. كل ذلك يهب الصدر مواقع متقدمة في التوقعات بغض النظر عن محاولة المالكي التحالف مع الأكراد الذين لا يجدون سببا واحدا للرهان عليه وهو الذي فقد القدرة على التأثير على الأطراف الشيعية كلها.

 

في المقابل فإن الصدر لا يزال يملك المسافة الآمنة التي تضمن له الحركة بخفة بين جمهوره المأخوذ بتقلباته باعتبارها نوعا من الحيوية السياسية وليس من المستبعد أن يرضي الأميركيين بتأييده استمرار مصطفى الكاظمي في ولاية ثانية. وستكون تلك الخطوة بمثابة الضربة القاضية التي ستنهي حياة المالكي السياسية.

 

ولم يعد غالبية السياسيين العراقيين والمراقبين يتفقون على وجود ما كان يسمى بالبيت الشيعي الذي جمع الأحزاب والتيارات الشيعية في تكتل طائفي بعد احتلال العراق عام 2003.

 

وانفرط عقد هذا البيت على نفسه عندما انشق عمار الحكيم عن المجلس الإسلامي الأعلى الذي أسسه عمه ووالده في إيران، وأسس له تيارا شيعيا آخر بمسمى تيار الحكمة، فيما اختار هادي العامري قائد ميليشيا بدر التي تأسست في إيران وقاتلت مع جيشها ضد الجيش العراقي أن يكون رئيسا لمنظمة بدر التي جمعت تحت لوائها عددا من الميليشيات الشيعية.

 

وانشق حزب الدعوة الإسلامي على نفسه بين قيادتين إحداهما برئاسة حيدر العبادي رئيس الحكومة الأسبق والأخرى برئاسة نوري المالكي.

 

ويلعب التيار الصدري مع تلك القوى الشيعية بخطوة داخل البيت الشيعي وأخرى خارجه.

 

ولا يبدو أن الصدر مستعد لممارسة الدبلوماسية السياسية مع المالكي والقبول به ضمن الطائفة وإطارها السياسي، وما زال ينظر له كخصم تلقى منه الأذى والتنكيل بتياره وجيش المهدي.

 

وذلك يكشف الطموح المتصاعد للتيار الصدري من أجل تشكيل حكومة جديدة تكون تحت سطوته، أو على الأقل يكون رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على رأسها في تفاهمات مسبقة مع الصدر.

 

وكان الكاظمي قد اعتبر تراجع الصدر عن قرار مقاطعة الانتخابات خطوة جيدة أضافت زخماً للانتخابات، داعيا كل المقاطعين إلى العودة والمشاركة في الانتخابات.

 

إلا أن المحلل السياسي العراقي فاروق يوسف يرى أن التضخيم من فكرة عودة الصدر وتياره إلى الانتخابات نوع من الاستخفاف بعقول العراقيين.

 

ويقول يوسف “إن مقتدى الذي تم دفعه إلى منصب الزعامة من غير أن يملك أدنى مؤهلاتها لا يزال بالرغم من مضي أكثر من ثمانية عشر عاما هو ذلك الصبي المدلل الذي يكرهه أركان البيت السياسي الشيعي إضافة إلى أن أعمدة الحوزة الدينية لا تطيق سماع اسمه، غير أن أحدا لا يملك القدرة على شطبه أو تجاوزه أو عدم اعتباره رقما صعبا في العملية السياسية”.

 

الخيوط بيد طهران

وتبقى إيران محركا لتلك الكتل الشيعية والميليشيات سواء التي لا تزال تحت سطوتها، أو تلك التي خرجت بطريقة أو بأخرى عن إرادتها.

 

ويقول مراقبون إن إيران قد لا تكون بصدد تغيير سياساتها في العراق غير أنها صارت على يقين من أنها لا تملك الكثير من الأوراق لتلعبها مع الأميركيين على الساحة العراقية، لافتين إلى أن الانتخابات القادمة لن تكون كسابقاتها، كما أن الخلاف الشيعي - الشيعي على أشده بسبب ما أحدثته الاحتجاجات التي عمّت المدن ذات الأغلبية الشيعية من تصدع في بنية النظام.

 

وكان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني في كل الزيارات المعلنة والسرية إلى بغداد عادة ما يبدأ اجتماعه مع القوى الشيعية بجملة المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي للأحزاب والميليشيات الشيعية بقوله “وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني آخر”.

 

إلا أن المصالح السياسية والامتيازات في بلاد ما تزال ضمن قائمة أكثر البلدان فسادا في العالم، جعلت تلك الكتل لا تعول كثيرا على فكرة الطائفة بعد أن كانت موضع ازدراء بالنسبة إلى العراقيين وهم يتلمسون الفشل السياسي بعد 18 عاما من حكم الأحزاب الشيعية.

 

ويجرب السياسيون الشيعة عقد تحالفات جديدة قبل الانتخابات التي لم يتبق عليها سوى أسابيع قليلة، في محاولة لاستعادة ثقة العراقيين.

 

وأعلن الزعيم الشيعي عمار الحكيم عن تشكيل تحالف قوى الدولة الوطنية لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة.

 

ودعا أنصاره إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات العامة البرلمانية المبكرة وعدم ترك غيرهم يشغل مكانهم في المسؤولية وفي اختيار من يمثلهم.وقال الحكيم أمام أنصاره في حفل الإعلان عن تشكيل التحالف “نحن ماضون باتجاه التغيير وحرية الحياة للوصول بالعراق إلى بر الأمان وقطع الطريق أمام السراق”.

 

ويضم “تحالف قوى الدولة الوطنية” شخصيات سياسية وعشائرية شيعية أبرزهم رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي ونواب سابقون في البرلمان العراقي.

 

ويجمع مراقبون سياسيون عراقيون على أن ما يجري داخل البيت الشيعي لا يخرج عن صراعات وقت الانتخابات للاستئثار بأكبر قدر من المناصب الحكومية، حيث يطمح كل طرف إلى الاستحواذ على رئاسة الوزراء.

 

وتكشف الصراعات بين القوى السياسية داخل الطائفة الواحدة عن عدم امتلاكها لرؤية بديلة لمنطق الدولة وإدارتها، ولا مشروعا سياسيا لتجاوز التدمير والتقتيل والفساد المتفشي منذ 18 عاما.

 

وعزا المحلل السياسي العراقي علي رسول الربيعي الصراع المستمر بين المالكي والصدر إلى ما أسماه الذهنية الضدية التي تحكم قادة القوى الطائفية الحاكمة، لأنهم ضد الآخر بصرف النظر عن مواقفه السياسية التي تتعلق بالدولة والحكم. الأمر الذي يعبر عن بؤس اللغة السياسية السائدة في العراق.

 

وقال الربيعي في تصريح لصحيفة العرب العرب” إن “كل ذلك يظهر للمواطن العراقي غياب خطاب سياسي وطني يحمل رؤية استشرافية لمستقبل العراق، وكذلك غياب الإرادة السياسية لإنجاز تغيير جدي وراديكالي في أوضاع البلاد المنهارة على كافة الأصعدة والقطاعات”.

 

وأضاف “إنه صراع ينتج عنه إبعاد كل كفاءة وأهلية لصالح تمكين ذوي العلاقات الولائية والقربى من مناصب الدولة لاستمرار الانهيار والتلاعب بمصير العراق”.





مشاهدة 1873
 
 
معرض الفیدیو
أقوي رجل في العالم
لا تقتربوا من هذا الرجل العجوز
فيل صغير يصطاد العصافير
تصارع على الطعام
لاتضحك على احد لكي لا يضحكوا عليك
 
 

من نحن | ارشیف | اتصل بنا

جمیع الحقوق محفوظة وكالة أنباء زاگروس

Developed By: Omed Sherzad