كتب الرئيس بارزاني كتابه (للتأريخ) بشغف وتأن، متطرقاً الى الحقائق والأسرار الشائكة والتحولات الكبرى ومفاصلها والوقائع المثيرة، ودقائق ما دار في العراق وإقليم كوردستان في مرحلة معينة بلغة واضحة تميل الى الوضوح والسلاسة والتشويق. ومن يقرأ الكتاب يخال نفسه إنه يسبح في بحر من المعلومات التي بقيت لفترة طي الكتمان.
بعض التفاصيل الواردة في الكتاب يفصح عن الدور التاريخي البارز لقوات بيشمركة كوردستان في تحرير أراضي كوردستان من دنس داعش في مرحلة متفجّرة وعنيفة، ويكشف الخلافات السياسية والأداء السىء والأخطاء الفادحة للحكام العراقيين، والفرص الكثيرة الضائعة التي أربكت وأبكت العراقيين.
وبخصوص شنكال (جوهرة كوردستان) يشير الى ظلم وجورالأنظمة الشوفينية والشمولية المتعاقبة على حكم العراق، التي حاولت حرمان الكورد في شنكال وغيرها من الحياة الحرة الكريمة. وأهدرت حقوقهم القومية المشروعة، وأرتكبت ضدهم جرائم عنصرية بشعة بدأت منذ تأسيس دولة العراق.
ويتحدث سيادته عن القلوب العامرة بالأحقاد والضغائن، والنهج الشوفيني الجاثم على صدور الكثيرين والمتعمد لايذاء الكورد، الذي كان سارياً على جميع الاصعدة والمستويات في تلك المرحلة التي فرض فيها العراق حصار الأسلحة على البيشمركه، في حين كانت أمريكا لاتسمح للبلدان الأخرى أن تبيع السلاح للبيشمركه. في المقابل، كان داعش قد إستولى على قسم كبير من سلاح وإمكانات جيشي دولتي العراق وسوريا وأموال كثيرة كانت مودعة في مصارف الموصل وتكريت.
إستولى داعش على شنكال وارتكب فيها جرائم وحشية قاسية تجاوزت القيم السماوية والانسانية، وإستغل فيها اسم الدين لتشويه التاريخ. وفي خضم تلك المأساة العصيبة، شاهدنا الرئيس بارزاني، مسيطراً على مشاعره الحزينة، يستجمع القوة والقوات لمواجهة الدواعش. كما عبرعن قلقه البالغ تجاه ( كيفية التمكن من إعادة كوردستان والمواطنين والبيشمركه الى أوضاع طبيعية تكون فيها كوردستان مهيأة لخوض حرب طويلة، وإيصال البيشمركه من نواحي البرامج والتنظيم والتوعية الى مستوى يبدأ فيه الهجوم ليحرر بالقوة كافة المناطق من قبضة داعش، وليسد الطريق أمام داعش للتفكير في إحتلال أراضي ومناطق أخرى).
وفي 4/8/2014، خلال إستقبال سيادته لرئيس المجلس الروحاني للكورد الأيزديين المرحوم بابا شيخ والوفد المرافق له. أشار إلى إن قدر الشعب الكوردي دائما كان مواجهة الكوارث من أعداء مجردين من الضمير والرحمة، وخاطب الرئيس بارزاني الوفد قائلا:
إننا مستعدون بأن نضحي بأرواحنا وأنفسنا لحماية أرض وكرامة الأخوة الايزيديين، ونبذل كل ما في وسعنا لمساعدتهم وإنقاذهم وتحرير أرض كوردستان من الإرهابيين.
يقول الرئيس بارزاني في كتابه :
(بعد أن توصلتُ الى قناعة أن البيشمركه وكذلك المواطنون إمتلكوا الإستعداد اللازم لنقل كوردستان الى مرحلة الهجوم الشامل في سبيل تحرير المناطق المحتلة، أصدرت يوم 30/ أيلول/ 2014 أمر البدء بعمليات تحرير ربيعة. تلك العملية التي تسببت في تحطيم إسطورة داعش على يد البيشمركه. كما أسهمت في تسهيل الوصول الى جبل شنكال الذي كان هدفاً إستراتيجياً لقوات بيشمركة كوردستان. بعد ذلك الإنتصار، وفي يوم 25/ تشرين الأول/ 2014 حررت قوات البيشمركه ناحية زمار والقرى المحيطة بها ووجهت ضربة قاسية للإرهابيين الدواعش، وبعدها إستطاعت قوات البيشمركه دحر كل الهجمات المتتالية للأعداء في عموم جبهات الحرب ).
و(في يوم 17/ كانون الأول/ 2014 الذي صادف يوم العلم الكوردستاني، تم إصدار أمر إطلاق عمليات تحرير منطقة شنكال. وخلال فترة قصيرة تم تسجيل نصر تاريخي، وتحطيم الحصار المفروض على جبل شنكال الذي كان يأوي إثني عشر ألف أيزيدي. وفي 12/ تشرين الثاني/2015 وبهدف التحرير التام لمدينة شنكال ومحيطها من سيطرة الإرهابيين وتطهير المنطقة من داعش وقطع إتصالات داعش بين العراق وسوريا، في تلك العملية تم تحرير شنكال).
وفي يوم 21/12/ 2014 أعلن الرئيس بارزاني من على جبل شنكال إن قوات البيشمركه سجلت اسطورة تاريخية باستعادتها قضاء شنكال (جوهرة كوردستان) من أيدي مسلحي تنظيم داعش.
حينها قال المرحوم بابا شيخ رئيس المجلس الروحاني للكورد الأيزديين:
كان الرئيس بارزاني قد وعدنا، وها هو يفي بوعده، نتمنى لهم النصر، وندعو من الله أن يحفظهم جميعاً، ندعو من الله الرحمة للشهداء والشفاء العاجل للجرحى. الرفعة والسؤدد للرئيس بارزاني الذي بر بوعده لنا.
لكن للأسف الشديد، تعرضت منطقة شنكال في السادس عشر من إكتوبر 2017 الى موجة غادرة جديدة ومؤامرة سوداء. وحتى الآن لم تعد شنكال الى أيدي الأيزيديين، ومازال الآخرون يحكمون هناك، رغم توقيع إتفاق بين أربيل وبغداد برعاية الأمم المتحدة بشأن تطبيع الأوضاع في شنكال منذ أكثر من عشرة أشهر.
مشاهدة 2056
|