هي (إمرأة فلسطينية) : (يعقوب، أنت تعلم إن هذا ليس منزلك. أنت تسرق بيتي).
هو(مستوطن إسرائيلي) : (إذا لم أسرقه أنا، سيسرقه أحد آخر).
هذا الحوار القصير الذي دار بين سيدة فلسطينية من حي الشيخ جراح في مدينة القدس، وبين مستوطن إسرائيلي ( يدعى يعقوب) يحاول الإستيلاء على الجزء الآخر من منزل آل الكورد، والذي حصد أكثر من ثلاثة ملايين مشاهد على اليوتيوب. كان قبل جولة القتال الآخيرة بين حماس وإسرائيل .
وبعد الجولة وإعلان الهدنة، ظهر يعقوب ليرد، بصلافة ووقاحة أكثر من السابق، على سؤال مراسلة تلفزيونية: أي حق تملك للسكن هنا ؟..
قال : ((الحق الذي أملكه هو أن صاحب المنزل يريدني أن أعيش هنا.. هو يريد أن يعيش اليهود هنا.. وقع الإختيار عليَّ، ولسبب معين أنا هنا.. كما قال : هم لن يعودوا الى هنا، سواء أنا كنت هنا أو لم أكن، سواء كان لغيري، سواء كان لقرد أو زرافة، هم لن يعودوا الى هذا البيت أبدا)) .
الحوارالأول، أعاد الى ذاكرتي مشاهد التعريب القاسية التي مورست في أجزاء عزيزة من كوردستان، خلال عهود كل الذين تسلطوا على رقاب العراقيين منذ تشكيل أول حكومة عراقية، ودخلوا من باب إحتكار القومية أو الدين، وإدعوا كذباً تمثيلهم لكافة القوميات والأديان، وساهموا عملياً في جميع الكوارث التي عانى ويعاني منها العراقيين. وذكرني بالكثير من المواقف المؤسفة والمعيبة والمثيرة للغضب تجاه ردات الفعل المحلية والدولية التي لم ترتق لمستوى خطورة سياسات التعريب المنهلة من الفكر الشوفيني المقيت، وبالذات حينما أخذت كركوك رهينة وحوّلتها الى سجن في الهواء الطلق للكورد .
أما الظهور الثاني ليعقوب الذي مازال يسكن في جزء من ذلك المنزل، وحديثه الوقح مع المراسلة الصحفية، فقد ذكرني بمشهد مماثل، وربما أكثر منه وقاحة، شاهدناه عندما تم خرق الدستور والقانون بإسم فرض القانون من قبل أصدقاء الأمس، حيث كان (العم صابر) من قرية (بلكانه) الكوردية في أطراف كركوك، يعبر عن سأمه الشديد من العرب الوافدين الذين إستوطنهم صدام في قريته وإستولوا على أرضه، والذين تركوا قريته بعد العام 2003 وعادوا الى مناطقهم الأصلية وإستلموا التعويضات بموجب المادة 140 من الدستور، وعادوا بنذالة وسفاهة، ليستغلوا، ما فعلتها القوات الاجنبية التي إستقوى بها العبادي في كركوك في 2017، بشكل محموم وإعتبروه فرصة منحت لهم ولا تتكرر. عادوا مرة اخرى بحماية ومساعدة القوات الامنية والعسكرية العراقية لإغتصاب الأرض وإجبار العائلات الكوردية على الخروج من منازلها، وهم يلوحون بوثائق مزورة حصلوا عليها بالتواطؤ مع الشوفينيين الذين يساندون جرائم البعث في كل ما يتعلق بالكورد، ولهم علاقات ملتبسة مع مفاهيم الدين والوطن والإنسانية والشرف والكرامة.
المشاهد السابقة، بعيداً عن المزايدات والشعارات الفارغة المضحكة المبكية، توقفنا أمام حقيقة دامغة هي ان التهويد لا يختلف عن التعريب، والإثنان وجهان لعملة واحدة، يشكلان جرائم حرب حسب القانون الدولي، ويقع عبئهما الثقيل على كاهل أناس صاروا يتنقلون بين دور الرهينة والضحية. ويؤكدان أن الذين يمارسون الضغوط التي تلامس حدود البلطجة في التهويد والتعريب، مجرمون يريدون إشاعة الفوضى وسلب الحقوق والحريات وزعزعة الاستقرار وتقويض الأمن، وبالتالي السقوط في وحل القتل وسفك الدماء والحروب.
مشاهدة 1927
|