ZNA- أربيل أفاد تقرير صحفي أمريكي ، بأن حزب العمال الكوردستاني PKK المصنف على قوائم الإرهاب ، يغيّر معادلته في الحرب التي يدخل بها منذ عقود مع الجيش التركي ، واتجه في الأسابيع الماضية إلى "هجمات مريبة" (في إشارة الى استخدام الطائرات المسيرة) استهدف بها قواعد عسكرية داخل الأراضي التركية، وأخرى في الأراضي السورية بالقرب من الحدود، مشيراً الى أن PKK يتخذ من مواقعه في شمال وشرق سوريا قواعد لإطلاق هذه الطائرات، التي يذهب قسم منها باتجاه شمال العراق بتنسيق مع قوات "الحشد الشعبي"، المدعومة من إيران .
مضيفاً ، ان الهجمات بلغ عددها ثلاثة، اثنتان منها استهدفتا قاعدتين عسكريتين للجيش التركي في ديار بكر وباتمان الواقعة في منطقة شيرناخ ، أما الثالث فقد أعلنت عنه وزارة الدفاع التركية، الثلاثاء، وقالت إنها أحبطت هجوما بطائرة مسيرة كانت تنوي استهداف قاعدة عسكرية في منطقة "درع الفرات" بريف مدينة حلب السورية.
وتابع تقرير قناة "الحرة "، انه في الوقت الذي لم يتبن به PKK الهجمات الثلاث أكدت مصادر أمنية لوسائل إعلام مقربة من الحكومة التركية ضلوعه بها، وهو الأمر الذي ورد أيضا في جميع البيانات التي أصدرتها وزارة الدفاع التركية عبر وسائل التواصل الرسمية الخاصة بها.
مشيراً الى انه لا يمكن فصل ما سبق عن الحملة العسكرية والأمنية التي بدأها الجيش التركي منذ أكثر من شهر ضد مقاتلي الحزب في إقليم كوردستان ، وما تبع ذلك من تقارير إعلامية غير رسمية أشارت إلى أن أنقرة عززت نفوذها في المنطقة بقواعد عسكرية لقطع الطريق أمام مقاتلي PKK "وهو الطريق الذي يصل جبال قنديل بمناطق النفوذ في شمال وشرق سوريا".
وفيما تقول وزارة الدفاع التركية إنها تحقق "نتائج عسكرية كبيرة" في مناطق متفرقة ضمن عملياتها بإقليم كوردستان، في المقابل يتحدث PKK أيضا عن هجمات "ذات أثر ونتائج".
وما بينهما يغيب المستقبل الذي ستكون عليه الحرب الدائرة، خاصة مع تغّير معادلاتها في توقيت لافت.
"من الأرض إلى الجو"
"ويمضي التقرير بالقول ان PKK الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية كان قد حمل السلاح ضد الدولة التركية في عام 1984، ولقي أكثر من 40 ألف شخص حتفهم في الصراع الذي تحوّل مؤخرا إلى مناطق في إقليم كوردستان وغرب كوردستان (الشمال الشرقي لسوريا.)
مضيفاً ، لا يكشف هذا الحزب بشكل كامل عن الترسانة العسكرية الخاصة به، لكنه وبذات الوقت يلمح إلى "التكتيكات" التي يطورها بناء على مقتضيات المرحلة التي يعيشها، فعلى سبيل المثال كان قد نشر بالتزامن مع الهجمات الثلاث المذكورة تسجيلا مصورا دعائيا روّج من خلاله لطائرات مسيرة يستخدمها في استهداف المواقع.
وبالعودة إلى السنوات الماضية كانت أوساط الحزب قد أشارت إلى أن استخدام الطائرات المسيرة ليس بجديد، بل يعود إلى نهاية عام 2018، لكن ما لبث أن توقف "دون وضوح الأسباب" ليستأنف هذا النشاط بشكل متصاعد في الوقت الحالي، وعلى جبهات عديدة "داخل الأراضي التركية وخارجها. "
ويرى مراقبون أن الهجمات بالطائرات المسيرة قد تكون خطوة بديلة بدأ PKK باستخدامها، بعد فشل الأعمال العسكرية على الأرض، خاصة مع توسع انتشار الجيش التركي ووصوله إلى مناطق يحتلها الحزب بإقليم كوردستان.
وهناك رأي آخر حيث يرى الباحث في الشأن التركي، طه عودة أوغلو أن البحث "عن تبعات الهجمات الإرهابية التي شهدتها تركيا خلال الفترة الأخيرة لا يقف عند حدود الجهة المسؤولة".
ويعتقد الباحث ، أن "هناك جهات عديدة لها مصلحة بتنفيذها أو تسعى للاستثمار فيها في هذه الوقت بالذات".
"التوقيت ليس مصادفة"
ويرى التقرير الأمريكي ، ان توقيت الهجمات في الوقت الراهن لايبدو "مصادفة"، ويوضح عودة أوغلو أن الأخيرة "تحمل في طياتها الكثير من الرسائل أراد صاحبها إرسالها إلى تركيا".
ومن بين الرسائل بحسب الباحث التركي هي "انسحاب تركيا من لعب دور نشط في مجال الطاقة والبترول والغاز الطبيعي تحديدا، وثانيها هي سحب يدها من المسألة السورية. ثالثهما تسهيل مهمة القوى الداخلية التي لم تتمكن من لي ذراع حزب العدالة والتنمية عن طريق الانتخابات".
ويشير الباحث إلى أن الجهات التي تقف وراء الهجمات اتجهت إلى سياسة "الضرب من تحت الزنار لخلق حالة من البلبلة وعدم الاستقرار، وإقناع المواطن التركي بأن اختيار حزب العدالة والتنمية لن يأتي بالاستقرار".
وزاد أن "الاستهداف المباشر لمؤسسات الجيش التركي تحديدا يحمل رسالة مزدوجة أيضا للمؤسسة التركية المسؤولة الأولى عن قصف مواقع الكوردستاني في شمال العراق".
"في أكثر من اتجاه"
على الرغم من تحديد المسؤول عن الهجمات من جانب وزارة الدفاع التركية، إلا أن طبيعتها والآلية التي تسير فيها لم يتم كشفها، واقتصر الأمر في الأيام الماضية على تحليلات لباحثين أتراك وتقارير إعلامية نشرتها صحف تركية.
صحيفة "خبر ترك" التركية قالت في تقرير حديث لها أن PKK يمتلك 41 نوعا من "الطائرات النموذجية"، وتنتظر طلبيات قدمتها باستلام 120 طائرة نموذجية أخرى.
وأشارت الصحيفة ، إلى أن أول استخدام للطائرات من جانب PKK كان في نوفمبر/تشرين الاول 2018، وحينها استهدف قاعدة في ولاية شرناخ، لتقوم تركيا بعده بإنشاء بنية تحتية في العديد من القواعد العسكرية لـ"تحييد هكذا نوع من الهجمات".
من جانبه ذكر باحث تركي مقرب من الحكومة التركية ، أن PKK يتخذ من مواقعه في شمال وشرق سوريا قواعد لإطلاق هذه الطائرات، مشيرا إلى أن قسم منها يذهب باتجاه شمال العراق بتنسيق مع قوات "الحشد الشعبي"، المدعومة من إيران.
وتحدث عمر أوزكزليك الباحث في مركز "سيتا" نقلا عن مصادر محلية الاثنين ، عن نشاط ملحوظ للطائرات المسيرة في شمال شرق سوريا، وخاصة في مهبط تل حميس ومهبط حمو.
وأشار الباحث إلى قواعد أخرى لإطلاق هذه الطائرات من مدينة كوباني (عين العرب) بالقرب من نهر الفرات، متهما التحالف الدولي بالوقوف وراء عمليات تسليم جزء منها للقوات الكوردية في شمال شرق سوريا.
وحتى الآن لا توجد أي اتهامات رسمية من جانب أنقرة بشأن مصدر الطائرات المسيرة، ويقتصر التعليق من المسؤولين فيها فقط على خبر الهجمات وعدم وقوع أي أضرار بعد حدوثها.
من جانبه تطرق الباحث التركي، ليفنت كمال ، الثلاثاء ، إلى الهجوم الذي استهدف قاعدة للجيش التركي في ريف حلب، وقال إن الطائرة المسيرة خرجت من المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكوردية YPG في منبج بريف حلب الشرقي.
وقال كمال عبر "تويتر" : "توجد قاعدة مشتركة لروسيا ووحدات حماية الشعب على بعد 6 كيلومترات شمال النقطة التي أقلعت منها الطائرة المسيرة".
وأضاف الباحث التركي المختص بالملفات الأمنية: "أنسب المناطق لمهاجمة القاعدة التركية في مدينة الباب هي منبح وتل رفعت. حيث تتعاون روسيا مع وحدات حماية الشعب".
"تصعيد خطير"
ما بين "الهجمات المريبة" والرد التركي عليها في جبهات متفرقة يتصاعد التوتر أكثر فأكثر بين الطرفين، وما يزيد على ذلك التشابك الإقليمي الذي تشهده ساحات الصراع.
التقرير نقل عن الخبير في شؤون PKK هوشنك أوسي ، أنه يرى أن الحزب "يريد القول إنه قادر على الرد وفي العمق التركي، وفي مناطق نفوذ تركيا داخل سوريا، ومن دون أن يخسر مقاتل واحد".
ويضيف: "أعتقد أن هذا التكتيك الجديد ربما يكون له تأثيره على مستويين".
المستوى الأول هو "ردع أنقرة في المضي والاستمرار في الخيار العسكري بخصوص معالجة الملف الكوردي داخليا وخارجيا".
أما المستوى الثاني بحسب الخبير الكوردي "يمكن أن يحدث العكس، ويجر شرق الفرات إلى كارثة اجتياح تركي جديد. إذا ما تأكد أن مصدر تلك الطائرات هو شرق الفرات".
وهناك تساؤلات كثيرة تحيط بهذا المشهد، ويتابع أوسي: "إذا كان مصدر حصول حزب الله اللبناني والحوثيين وحركة حماس على الطائرات المسيرة معروف ، فمن أين وكيف حصل PKK عليها؟".
وزاد الباحث الكوردي ، بالقول : "خاصة إذا ما استثنينا تركيا وإسرائيل كدولتين مصنعتين للطائرات العسكرية المسيرة. لا يبقى أمامنا سوى أمريكا، روسيا، وإيران".
" حوّل إقليم كوردستان الى ساحة صراع"
ويستمر مسلحو حزب العمال الكوردستاني PKK في سحب الجيش التركي الى عمق أراضي إقليم كوردستان الحدودية في محافظة دهوك ونقل صراعه مع تركيا الى الإقليم ، وإخلاء المزيد من القرى بسبب القتال بين مسلحي الحزب والجيش التركي ، مايؤدي الى الحاق المزيد من الاضرار باقتصاد إقليم كوردستان وسكان القرى الحدودية الذين نزحوا الى أماكن اكثر امناً للنجاة بأنفسهم تاركين قراهم ومحاصيلهم ومواشيهم.
وكان سكرتير مجلس محافظة دهوك، رزكار صدقي، حذر من استمرار القتال بين مسلحي PKK والجيش التركي، بالقرب من القرى، التي قد تتحول الى مناطق شبه خالية من السكان، بالاضافة الى الاضرار التي يتكبدها سكان هذه المناطق نتيجة هذه المواجهات.
وكانت تركيا أطلقت عمليتي مخلب "البرق" و"الصاعقة"، فجر يوم 24 أبريل/ نيسان الماضي بشكل متزامن لملاحقة PKK في مناطق متينا وآفاشين - باسيان وجبل كيسته في إقليم كوردستان ما تسبب باضرار كبيرة في مزارع وبساتين المنطقة.
يذكر ان الحزب الكوردي التركي المصنف على لوائح الإرهاب الامريكية والاوربية ، يتخذ من جبال قنديل والمناطق الحدودية الوعرة داخل إقليم كوردستان ، معقلا له ، وينشط مسلحوه في تلك المناطق ويشنون منها هجمات على الداخل التركي كما يفرضون ضرائب وأتاوات على سكان المنطقة ، وتسببوا في اخلاء مئات القرى الحدودية داخل الإقليم من ساكنيها كما ويعرقلون إيصال الخدمات لعشرات أخرى منها .
وكثيراً ما تطالب حكومة إقليم كوردستان الحزب التركي بإخلاء المناطق الحدودية التي يتواجد فيها تحاشياً لتعرض السكان والقرويين للقصف ، لكن من دون جدوى .
مشاهدة 1936
|