الشاعر: محفوظ مايي
ترجمة: بدل رفو
من عشق القرية القديمة
اتتذكرين .....
حينها لم اكن اعرفك
كنت طفلا بريئا
الجبل الذي يقابل قريتنا
بضخامته...
كان صديق طفولتي،
السماء بعلوها
والقمر والنجوم ببعدهما
كانا صديقي طفولتي.
اتتذكرين ....
عندما كنت طفلا
قبل ان اعرفك
لم اكن اعرف
لغة الكذب
وحين جئت انت ....
كنت تحملين
تتأبطين الف باء لغة الكذب
اتذكرين ....
عندما كنت طفلا
قبل ان اعرفك
إله الشمس
كان اكبر من الان
انا وهو،
كنا نحب بعضنا
كنا كصديقين متلازمين
واتيت .....
و حجبت اأ
إله الشمس...
وضيعت السماء امام عيني
ماذا تعرفين انت .....؟
كم كنا نحمل حبا
في قلبينا انا والقمر!
وكنا نلتقي في ليال قمرية
في الجبال
كنت بعيني اعبدها
وهي ؛
بابتساماتها تقبلني ..
ماذا تعرفين انت.... ؟
واي موال كان يردده
نهر قريتنا !
اذناك كانتا فراشا....
صخرا .....
اه اه ،
واحسرتاه ...
في تلك الليلة
لم تكوني تعرفين
كم كان خرير النهر رائعا
كنت كالعمياء
لم تري بهاء قريتنا
في ليلة قمرية
وفي نفس الليلة
كان القمر يغتسل
في كبد السماء
وفي بركات نهر ضواحي قريتنا
يغتسل
اه اه
واحسرتا ه ..
لتلك الزينة والبهاء
التي لم ترينها !!
!!
ما الذي تعرفينه .....؟
انا والقمر والنهر، كنا
نحن الثلاثة
عشاق القرية كنا
وكان لنا عشق واحد
لم نكن نتخاصم
كنا ثلاثة عشاق
وبعشقنا نزين القرية كنا
انا......
من وسط روضة قصائدي
اقطف ما هو اجمل من القمر
واشكله على راسها
القمر ....
كمثل ثغر حبيبتي
كانت تاخذ القرية معها للتنزه
النهر....
كان يضع يده على خده
ويطلق المواويل والحيران
نحن العشاق الثلاثة
وبعشقنا تزهو القرية
ماذا تعرفين ...؟
ها ها ها ..
لم تولدي بعد
انا والقرية كنا حبيبين
لم تولدي بعد..
انا والعشق كنا خِلانا
اما اليوم ...
ومن مكابدات عشق قريتنا
اصيب قمرنا بالصفار
وتلك الاغنية أشاخت النهر
واما انا ....
فقد ختمت كتاب اكاذيبك
الف الف مرة !
السفر
لم تحملني من قبلُ
أجنحة السحب
ولكن ..الآن!
أيتها الذكرى الحلوة
كل يوم..يحملني موج
من هذه الغيمة الغريبة
تحلق بي عالياً
و أسافر عبرها.
*** ***
حين نعلو..أنا والموجة
تنحني الجبال
ولا أرى قممها
تختنق وتتوارى
أمواج البحر الزرقاء
فيمحى جمالها.
*** ***
حينما نحلق ..انا والموجة
اكثر وأكثر
ونجتاز البحر الاحمر
ونقطع البحر الابيض
والأسود
ونحلق بعيداً صوب
بلاد الشمس
في موطني
تبدو الجبال اعلى
مني ومن الغيوم
وتبدو عيون البحر الزرقاء
في وسط بحيرة(وان)
اجمل بكثير من الجمال
هناك..
تموت الغيمة غيظاً
بينما انا
مع قطرة مطر خفيفة
خلف قرية (بشتا كري)
وعلى التراب
اقبل آثار قدمي
الأم (حليمة)
كثيراً.
زوزاني يى*
انا لااعرف يا حبيبتي
أي طريق سيكون مسلكي؟
واي الازقة ستكون اتجاهي؟
ومدقة أي باب سارسم عليها
آثار طرقتي؟
ومع أي نور سانسج حديثا؟
واي موج ساختاره للصراع؟
ولا ادري على اجنحة اية غيوم
ساعوم...
وانقذف كالبرق
لأجل الوصول اليك.
** **
غيوم المساء الكئيبة
التحمت انصافها المتفرقة بك
وشمخت بك الى الاعالي...
الى الاعالي...
رحلت بك الى القمم الشاهقة
وابعدتك عن قلبي المسكين
وخطفتك وهربت بك
كم تمنيت ان تعلمي يا حبيبتي
ان حبي الكبير المتاجج هياما بك
صار يرتعش من زمهرير جفائك!
حبيبتي...
أي مروج خضراء رحبت بك؟
بينما تركت آلام قلبي
بلا دواء
لمّ هذا يا صبية؟
لم جمعت امتعة حبيبك
ورحلت بها بعيدا عن شوقك؟
ولم صيرت ربيع قلبي
الاخضر قصرا؟
ولم بهذه السرعة رحلت عني
فتارجحت زهرة حبنا
وباتت محنية الجذع...ذابلة.
** **
عزيزتي...
ان نسمات الهواء المسائية الباردة
القادمة من دياري
وراء الجبل الشامخ البعيد
تلتحم بالثلوج والعواصف الهوج
فيما تراءت الغيوم الغاضبة
مثل وحش مفترس...
هلمي ،ايتها الحبيبة وانصفي قلبي
كي يكون ماواك الابدي...
وان اردت الثلج
ساحول صدري جليدا لاجلك...
وان اردت النسيم البارد
فستمنحنا جبالنا الشم هذا النسيم.
** **
اعلمي يا حبيبتي:
عيناك اغرقتناني
في لجتهما اللازوردية...
اني لا استطيع العيش بدونك
كنت ومازلت في انتظارك
واعماقي تقدح شررا
في مقاتلة اعدائنا...
ان قلبي الملئ بالجبال والوديان
هو اجمل عش لطائر حبنا...
ولم تخلق مروج ومنحدرات فؤادي
الا لعينيك
وسحر عينيك فقط!
زوزاني يي* : الفتاة التي تنتسب الى العوائل القاطنة في المروج الخضر
الجياع الشبعى
انظروا إليهم
هؤلاء البشر
وهم ملايين مؤلفة
يغذَون السير
البرد والثلوج
كالسكاكين
تلفح و تجز
الأيادي والأقدام منهم
والوجوه
وتتطاير من مقلهم
شرر الثأر
يذهبون...يذهبون
ويقطعون السفوح والوديان
ويبتلعون الدروب
انظرو إليهم ،
ليسوا جياعاً
انهم شبعى
مآقيهم تذرف
ولاحاجة لهم للطعام والشراب
في حضن الدجى والظلام
تبرق العيون
الشمس والشروق
على موعد معهم.
انهم ليسوا جياعاً
بل شبعى
انظروا اليهم
كيف هم صامدون
بانتظار أشعة الشمس
لا تموت
أكبادهم لا تموت
ملأى غنج وعشق
الجبال مطرزة
ووصيفاتهم ورود
حمراء وخضراء وصفراء
وفي عيون البشر يصدحون
بأغنية الحرية،
انظروا إليهم
لا يموتون
وأتون الأمل باقٍ فيهم
يحتضن نوروز الجبال
ونار الغربة تدثرهم
يعلو دخان الموت
من ثنايا الذل والجوع
إنهم ليسوا جياعاً
بل هم شبعى
فقد انحدروا من ملحمة الإيمان
ومن أصالة الجبال
تعلموا
وآمالهم
ترمى بكريات الثلج والبرّد
معلمهم..
كلماته كأجنحة (الكفوك) الجبلية
تحلق من معجم (خاني)
وتشدوا لهم لكي يعلموا
بأن الحياة ليست خبزاً وماء
ليعلموا
بأن الحياة انتفاضة
بأن الحياة كفاح.
الجبال الناطقة
سيقانكم، أقدامكم
جزمكم (جزماتكم)
لوثت تراب أرضنا المقدس
هذا التراب ليس للتدنيس
إنكم لا تعلمون لسان
حال البشر
فموتكم..
سيكون على أرضنا
لأنها طاهرة نظيفة
وترابها مقدس
إنها تحضن في بطنها
الشهداء والصناديد
وقلوبنا تهفو للدفاع
عن حياضها
أنتم لا تعلمون لغة البشر
أيديكم القذرة
تفوح منها رائحة دماؤنا
ما هذه الوحشية؟
قلوبكم سوداء
أفواهكم فاغرة
عيونكم بها عمى
تأتون في خلسة
وتغتالون أبناءنا ليلاً
وفي النهار تحضرون
مجالس عزاءنا
مخادعين وكذابين
وتحرقون قرانا
فأيامكم ولت
وليس بوسعكم خداعنا بعد اليوم
وعشعش الحقد والضغينة
في أفئدة أطفالنا
لكم
محاصيلنا
أشجارنا
صخورنا وجبالنا
ترابنا
ماؤنا
تحقد عليكم وتلعنكم
وإنساننا لم يعد
ذلك الانسان الذي عرفتموه
فجبالنا
تخلق انسانا جديدا
وليس بوسعكم خداعه
ثانيةً
هذه الأرض المقدسة
كل شبر منها تدنّس
من أقدامكم
لذا، سنغسلها بدمائكم
وأشعة شمسنا
ستتعفن أجسادكم النتنة
وسيبقى التراب
و أنتم على زوال
لقد آرقتم دماءنا كثيرا
وكنا الظمآى للدماء
فاسمعوا صوتنا
ومن صوتنا
وصراخنا
تهتز الدنيا
وجبالنا باتت تنطق
فهذا الصوت صوتنا
سيسمعه من به صمم
ولّت أيامكم
فلستم من تعرفون لغة البشر
وليس بمقدوركم
أن ترتشفوا دماءنا
وطننا هو الفؤاد فينا
والتضحية لأجل بقائه وحفظه
وإن كانت الصرخات
وصوت كفاحنا ونضالنا
في عيونكم
وعالمكم الأعمى
تعتبرونه إرهاباً
فنحن..
سنجعله تاجا على رؤوسنا
تاجاً على رؤوسنا.
حكاية
ذات مرة..
كان الماء يروي لي حكاية:
اجتمعت أسماك البحر
تبحث وتتدارس فيما بينها
فيما لو نضب البحر يوما
نضب البحر
وجف ماؤه
وغيرت الأنهار مجراها
صوب الأعالي
صوب المنابع
وامتنعت عن صب
مائها في البحر
لذلك اليوم
قررت الأسماك مجتمعة
واتخذت قرارها
وأمضته
ذات مرة...
حكت لي السحب:
أرادت كل الجبال
أن تلتقي
وتتشاور فيما بينها
وفكرت وفكرت
وبعدها قررت
بأن تغير ثوبها الأبيض
فيما لو الثلج
انكفأ عن الهطول
وماتت السحب
فأية حلة أخرى
سوف تكتسي؟؟
وأما والدتي
ذات مرة
حكت لي وقالت:
تحيرت من التفكير
بالحكاية
وأصبحت لا اذكر شيئا
وفي الختام قالت:
(وا أسفاه)
فقد غدت الحياة في وطني
موت ونهب واحزان
ولم أرى وأسمع يوما
بأن سادة الكورد
قد التقت أصواتهم
ووحدة نبرتهم وفؤادهم
من أجل كوردستان
فقد عانى الكورد
أعواما من الاستغاثات.
القبلة
آه من هذا الهم الثقيل
الليالي غدت نهارات
والنهارات غدت ليال
أبعدت عني
أحزان وخيالات السنين الغابرة
وابقتني في السهاد
آه من هذه الليالي الثقيلة
أصخي السمع
للمذياع
وأشاهد التلفاز
آه من هذا الهم
الكثير من الليالي الخرساء
والساهدة
قدمت ومضت
غدت وراحت
لا موجة من المذياع
بثت صوت
(ماملي ومريم خان)
ولا دموع التلفاز نضبت
آه من الهم الثقيل
النهارات غدت ليال
والليالي غدت نهارات
أنا الخفير
والمذياع أخرس
والتلفاز أيضا مثلي
بكى من أجل قريتي
لآلاف مؤلفة
ولملايين من البشر
في ثناياه بكى
آه من الهم الثقيل
نهارات غدت ليال
والليالي غدت نهارات
ها أنا بقيت ساهرا
( والمذياع أخرسا)
حين ابتسمت عين التلفاز
ورمقت قبلة بغداد
حينها بكيت
للشهداء
والمذياع على وقع هموهي
قضى
والتلفاز..
من حياء تلك القبلة
انفجر.
(زكية)*
سألت الدوحة
ممن تخافين؟
فأجابت :
من تلك البَلْطَة **
التي ذراعها من الخشب
فجرحها عميق لا يندمل
تبترني من الجذور
تفتتني
تحيلني لقمة للآتون
سألت السندان
أية مطرقة
ضربها أقوى؟
وظل السنديان يرمق
في زندي (كاوة)
ثم قال:
المطرقة التي تهشم
رؤوس الطغاة
من هياكل السلاطين
وتسيح الدم منها.
مرة سألت (احمد خاني)
أية قصيدة الهبت
فؤادك؟
وايقظت مشاعرك
فانبرأ ليجلب
قاموس القصائد وتصفحه
قرأ وقرأ
تأوه وقال:
تلك القصيدة التي نضمتها
من نبضات قلب (مم)
ومن خصلات شعر(زين)
واخيرا رايت النار
ايه النار
أكثر ضرامة
ولهيبها ساعر
فتجولت النار في كوردستان
جيئة وذهابا
في ثنايا أكواخ
قرى مهدمة
وأخيرا بلغت بها المطاف
(ديار بكر)
وهناك
ومن أمام
عتبة الجامعة
من القلب أطلقت صرخة
آه يا زكية
أه يا زكية..!!
ــــــــ
زكية: مناضلة كوردية أحرقت نفسها في مدينة ديار بكر في كوردستان تركيا بمناسبة عيد نوروز
البَلْطَة :فأْس يقطع بها الخشب
حناء رأس السنة
عندما لاحت تباشير الصباح
الشروق والصباح
اضحتا عيوناً
لأزقة مدينة
وحينها...
اختبأ
لصوص النهار
وأرادوا أن يدجنوا الشمس
ويصطادوها..
نرجسة بقامة رفيعة
كانت تتراقص من دون نور
وأندت وجنتيها
أريجها أنعش القلوب
وسلكت الدرب خطوة خطوة
وقدمت البلطجية
وسدوا الأزقة،
وحدّوا سكاكينهم
وحرابهم
ولكنها لن ترضخ
وتنحني لمرامهم
وتركع
وتبصق على صفحات التاريخ
لأجل ذلك..
خضبت حالها
للعام الجديد بالحناء
في ثنايا روض آمال
واستنشقت عبير النرجس
وفي ذلك اليوم
أهدت لوالدها
والأصدقاء والشهداء
وقبّلت الشمس عينها
وقالت لها من القلب:
أنت جديرة بأشعتي
ومن خجلهم من الشمس
أمست الشبيحة
مخذولة
من اخمصها ونواصيها
وأصبحت،
بسواد الوجه
واستحالوا هشيماَ
لهذا لحق أطفالها
بالبلطجية
وهم يصرخون بوجوههم
هؤلاء هم لصوص الشمس
فقد حاكوا لها المكائد
لكنهم وقعوا في فخاخها
وظلت شمسها تسطع
والنرجسة
ضحكت بوجهها
واتكأت عليها.
عيناك خادعتان
دفء عينيك
يقيني من البرد
فتدفئ أعماقي
وبين أحضاني تهدئني
عندما يحلّ الظلام
الليل
عندها لا نرقد
وابصر نفسي في بريق
عينيك
كطفل وديع
على صدرك
في دجى الليل
وأتراقص رويدا رويدا
على وقع خفقان القلب
على صدرك.
ليلنا هادئ
وصامت
فقد ألفنا بعضنا
وعشقنا بعضنا البعض
فهو يدنينا منه
ويقربنا من بعضنا
الليل هادئ
ونحن في وئام
فآذاننا تروم الرقاد
قبلنا
ونحن نخلد
مكابدات اللحظات الغابرة
أحزان الأعوام الكثيرة
وقصمنا ظهر الليل
وعيوننا تحرس
الظلام
حين يحكى سواد عينيك
حكاية اللصوص الخادعين
وحين تيقظت..
علمت بأن هذا السواد
قد خدعني
قبل عشرين عاما.
الوسادة
هامتي ووسادتي
أمستا صديقين
حميمين
الأمنيات المتمردة
ألفت وسادتي
تردد لي المواويل
كل ليلة،
بحكايات كثيرة تسرق النوم
وتسلمني للرقاد
ببطء ببطء
دعيني، فوسادتي مريشة
اتركيني
الشروق خادع
يلتهم عيناي
الشمس كاذبة
ليس عليّ فحسب
فقد خدعت الكثير من الورود
تارة تضحك لها
وحين يجيء الليل
تتلاشى بسرعة
اتركيني وشأني
فوسادتي مريحة
الليل الحالك
جعل منا عاشقين
أنا والظلام
غدا اصحابا وخلانا
دعيني
الظلام كل ليلة
يبث النوم في عيني
لعل في ثنايا السواد
ينتشلني خيالي
من الليل
وفي بحر حلكة عينيك
يهدأ هيجان قلبي
ويرقد بأمان.
الرقاد
ولّى النوم مني هارباً
حين روت عيناك
حكاية حلوة
لعيني
وتراقص فؤادي
كطفل رضيع
رمى بنفسه بين أحضانك
وحضن بيديه الناعمتين
جيدك
رويداً...رويداً
برفقة أمواج حلم
أبصر نفسه في ربيع مخملي
وفي أرجوحة عينيك
لعب وتراقص وغنى.
رغبة
لو قلت:
سأبتعد
فلأجل ذلك الهوى
الذي غرست شتلته
وسقيته
ولم تبالي أنت
لو قلت:
سأبتعد
فلأجلك أنت ولأجلي
كي تشتاقين لي
وأهواك أكثر
ولم أكن أعلم
يوما بعد يوم
لعنتك ستكبر
وأنا سأهواك أكثر فأكثر
قلت في نفسي
سأمزق رسائلك
كي لا أقرأها
حين يغمرني الحنين إليك
وقلت..
لن أستمع الى تلك الأغاني
التي هويناها معا
لكي أرتاح منك قليلا
وتنفلت نفسي من الجوى
ابتعد عنك وعن الهموم
فعلت كل ذلك
الحريق لم يهديء له بال
لفؤادي
وأحببت أن أشح عنك قلبي
واقتلع الذكرى من جذورها
حاولت جاهدا
فلم أفلح
لأني رأيت قلبي
قبراً مقدساً
وأنت فيه المليكة والسيدة
اعلمي..
لا أنا ولا أحد
بمقدوره
أن يُخرج العشاق من القبور!!.
انا والليل والصمت
1
هنا ليلٌ
نهاره إلتهمه الحوت
الظلام التحف بقريتنا
وارتشف الصمت كل أغانينا
ولم يَبقَ إلا الوجوم
ما وراء الجبل السري
يهطل الثلج
يستحيل كتلا..
والمطر يهطل ثلجاً
الثلج
الثلج
أنهارنا تجمدت
وغدت كالصخور
كالمرمر
وظل البرد ،
لم يمت ،لم يمت
والدفء قد توارى
وصيفنا قارس
واختفت السماء من فوقنا
والجبال صمتت
صمت ووجوم
لا آذان يُرفَعُ
ولا صوت لناقوس يقرع
من الكنائس
ولا نجوم تتراقص في السماء
ولا الغيوم من فوقنا على عجلة
من أمرها
ولا حفيف الأوراق يقدم
ولا خرير النهر الكبير
ولا بكاء طفل يصرخ،
ولا الأطفال يعدون في القرية
أنا
والليل
والصمت
نحلّ ضيوفاً على أزقة القرية
وتصيخ آذان هذه القرية
لصوت ديوك الصباح.
من الصمت
والوجوم
لا أثرٌ للناس
بعضهم يصعدون
وآخرون يهبطون
وآخرون صوب اليمنى
آخرون صوب اليسرى
هروب...
هروب
جميعهم يهرعون ويهربون
وشابت جدائل والدتي
مكابدات الثلج واوجاع الماضي
غدت في اعيني نسيجاً
وصرخت ماهذا !!!
وفي ذاكرتي،
سمعت صدى صوت والدتي
حين كنت صغيرا:ً
صه...صه
لا تخرج يا ولدي
"انه الليل ..الليل
والذئب يكشر عن انيابه
وسيخطفك الى وكره"
في بعض الاحايين..
كانت الاصوات
ترتطم في راسي
هلم واذهب واهرب انت
فلا شئ في هذه القرية
غير الهروب
وكنت اردد: لا لن ابرح المكان
ولن اغادر القرية
فأنا في صراع مع الصمت
والظلام
ولي آذان والصمت أصم
ولي عيون والظلام أعمى
فإذهب عني ودعني
نعم...نعم
مهما طال الليل
فسيبزغ الفجر ويمتص الظلام
ومهما كان الشتاء قارسا
سيهل الربيع وينضح دفئاً
وقتها..ايها الملأ
سيطلق قلبي اغنية
وموال جديد يردده لكم.
2
صرخت..
رغم انف الصمت
فلم ارى غير نفسي
فانني لثمة لصخر
او مبسم
ونافحت الظلام..
ازمعت ان احيل الليل نهاراً
كفارس صنديد
كي اغدو فارس الشمس انا
فرايت نفسي في شقوق
افكار راسي
وكلي ليل
ولهذا اقلعت عن صراعي مع الليل
وهربت مخيلتي معها
قافلة الهزيمة
هكذا ..انا
في قرية اعراسها تغدو
انيناً
ساهجرها بعيداً وبعيداً
وانأى بنفسي
لأن في النوى
آذاني ترتشف من الحان الدفء
فمنذ الازل
قالها الحكماء:
ما اجمل واعذب صوت الدف
من بعيد،
ما اجمله
ما اجمله.
نفس قصيدة
يافاتنة الايام الخوالي القاسية
وايام حنين الوطن
وليالي الظلام الطويلة
ليتك غدوت نسمة
من خلجات قصيدة
واصبحت شعرا
وانا ايضا يا حسنائي
ليتني كنت
كل ليالي راس السنة
في دفء حضنك حللت ضيفا
صدقيني..
لا شئ يشبع نظري
لا شعاع ولا شمس ولا دفئها
لا جمال ولا امواج البحر
ولا مناظر وردية
ولا رموش والحاظ
بعد ان انفلت لحظيك
عيني
فلم اعد صياداً وهجرت الاصطياد
كم هويت السفر معك
الى وطن بدون شوك
ودون منافقين
حدوده من خيوط العشق
منقوشة
ويخلو من الحنظل والاشواك
حينها في تلك الديار
كنت تغدين ملهمة
لقصيدة جائعة
ومهما اقتاتت من نسماتك وعطرك
ما كانت لتشبع
لا انا ولا القصيدة والشعر
اليوم..
كالكفوك الجريح
لم يهرب من بين يدي
انا الجريح
وانت الجريحة
كلانا سوية
نتحسر لتلك الليالي
الباردة والطويلة
وكل عام لا نردد الاستغاثات
فما اجمل الليالي الخوالي
يا لليالي المنصرمة.
الرغبة واللعنة
تمر الايام
وانت تقتربين مني
ومن احلامي اكثر واكثر
كل يوم..
تغدو بشرتك قطعة
من افكاري
فما عاد بوسعي ان اعرف
اين اتجاهي!!
واشعر يوما بعد يوم
بانك الاقرب مني
يوما تلو الاخر
صور الذكريات تغدو اجمل
ومرارة الايام المنصرمة
تصبح احلى
يوما بعد يوم
اظن بانك قطرة ندى ناعمة
تسرين في جسدي
وتمتزجين بدمي
ومهما بعدت
اشعر بقربك اكثر
آه...كم اهوى قربك
كم احبك
واعدمت الهدأة
ولا ألف النوى
فلن اقدر على البعد
واحيانا من الغيظ
ومن غيظي
اتمنى لو لم اكن
واحيانا كثيرة
كالعشاق ان اغدو قربانا لك
صدقيني..
في خضم الجوى والحرقة
نفسي تنفر مني وتغضب
بقدر ما العن لعنتك
بقدر عشقي لحظات الخوالي
العن نفسي
واندب حظي.
الهائمة
1
إيه ايتها الهائمة
بقيت هائماً
في رحلة عشقك
كطائر قادم من الأعالي
متجها صوب الارض
من دون اجنحة هوى
بين ثنايا الهموم والمكابدات
كناسك...
غيّر اتجاهه من المسجد
صوب دير واحاله
بيت عشق
واضطجع فيه.
2
حدقي فيّ ايتها الهائمة
فخرجت من فجر اليأس
وانطلقت...
الرحيل يلتهم خطواتي
في هذه المدينة الساهدة
فلا الرحيل يغدو
ولا عدم الاقامة تروح
فأزمع الذهاب
من اجلك
من اجل البقاء مع الهوى
لترديد الاحلام
لعتباتنا
من اجل فطام اطفالنا
لأجل تلك الاماسي
التي غمرتنا بالطمأنينة
في غربتنا.
3
رحيلي ..
لأجل مصالحة وتوافق
بين الريح والثلج
لأجل عودة القلب الحرون
لتحرير العصافير
من اقفاصها
صوب سماء الحرية والغناء
رحيلي..
من اجلك
لمعرفة الهوى والعشق
لأقاصي دنيا الوحدة
في تلك الغربة
ستتعرفين على عشقي لك
ومن جديد
ستلحقين بهواي
وتقدمين نفسك
من تكونين.
4
لاتقولي اين المسير
فاعلمي من قماط الهوى
داخل نواة روحي
خلفت ورائي
نفساً عميقاً
من عشق خاو
انطلاقتي كانت
لاجل ان تشعرين
داخل فراغ تلك النسمة
بعشقي
وكي تعلمين مدى هواي لك
ولتكوني بانتظار
عودتي في الاماسي
لاجل ان تألفي انت
عتبات ذكرياتنا
بين حنايا الشعر.
5
اذا غدوت
اصطحبت معي زنزانة
الشك
وابقيها في بيداء الوحدة
لتكشر الذئاب المحيطة بك
عن انيابها
وتفترس الفراغ
حين كنت اخبرك.
حذار...
فالذئاب تعوي من حولك
كنت تقولين لي
بانه صوت المؤذن
رحت لأبقى
عواء الذئاب
لأسفار اليم المدلهم
الايام سوداء قاتمة
لمن كانت قلوبهم
اكثر اسودادا من عباءاتهم.
6
ذهبت كي اخلف لك
ورائي ربيعا.
وفيه..
كي لا يعود عواء الذئاب
في نظرك صوت ناسك
وتخفين به
وفيه تلمحين الوان الورود
الزاهية
والبراعم دون اشواك
واعقب خلفي
اوراقاً بيضاء
كي تنقشين فيها مذكراتك
من دوني
واترك على نافذتي
بيتنا المهدم وردتين
لك.
كي تتنفسين من خلال عبيرهما
وكي تبصرانني
في عينيك
وبعدئذ...
ساترك لك
عيناي
كي تغدوان لك
نبع ربيع
وترين عبرات الذكرى
ساترك لك
صورة لي
في خضم ذكرياتك
لكي ترمقي المي
ووجعي
وساترك نفسي لك
موجة من صوتي
في الحان اغنية احببناها معا
كي تحسين بي
عندما تمتزج الاغنية
بامواج الروح.
7
انطلقت...
فانتبهي
لنفسك
كي لا تغرقين في يم خيالاتي الراكدة
واعتن بالوردتين
كي لا تذبلان
وتترعرعان دون اشواك
واحذر من ذكرياتنا المرة والحلوة
فانها قوت لوجودنا
وانتبهي لصوت الباب
كي لا يخدع خطواتي
واحذري من مرآة غرفتك
خشية ان يريك
صوري القبيحة
وانتبهي لشجرة الرمان
وزهور الروض
وبراعم الصباح
كي تجددين ايامك بها.
ـــــــــــــــــــــــ
الشاعر في سطور:
ـ مواليد 1956 ،منطقة البرواري ـ كوردستان العراق
ـ ترك مقاعد الدراسة في معهد الادارة ،بغداد والتحاقه بالثورة الكوردية
ـ عضو اتحاد الادباء الكورد ـ فرع دهوك
ـ عضو نقابة صحفيي كوردستان
ـ نشر عدة دواوين شعرية ومنها ( انا والليل والصمت)،الانسان الجديد ـ جبال ناطقة)
ـ نشر نتاجا كثيرا في الصحف والمجلات الكوردية في كوردستان والسويد حيث قضى في المنفى سنوات طويلة
ـ يعمل الان عضوا في المكتب المركزي للاعلام لحزب الديمقراطي الكوردستاني في كوردستان
مشاهدة 2740
|